نقلت صحيفة "لوفيغارو" شهادة شاب فرنسي التحق بالفيلق الدولي بأوكرانيا المخصص للمواطنين الأجانب الذين يرغبون في الدفاع عن كييف في ظل الغزو الروسي.
وقال الشاب أوليس البالغ من العمر 21 سنة إنه اتصل بخمسة مواطنين أوكرانيين أرادوا العودة إلى ديارهم للقتال من خلال موقع "فيسبوك" قبل أن يوافقوا على اصطحابه ضمن رحلة على شاحنة دامت أكثر من 24 ساعة دون توقف.
وأكد الشاب الفرنسي من أصل بلجيكي، والذي يدرس الهندسة المعمارية، أنه لم يحلم يوما بالحرب ولا يبحث عن الإثارة، إلا أنه "شعر بالحنين إلى ذلك الزمن عندما كان الناس مستعدين للموت من أجل القيم"، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أنه تلقى تدريبات عسكرية في بلجيكا تعلم من خلالها أساسيات طب الحرب، مشددا على أنه يريد استخدام معرفته للدفاع عن الحدود الأوروبية ضد فلاديمير بوتين، الذي لن يكتفي بغزو أوكرانيا، بحسب أوليس.
وفي حواره مع الصحيفة الفرنسية، قال الفرنسي إنه غادر البلاد على متن شاحنة في تمام الساعة الثامنة ليلا بالوقت المحلي، مرتديًا ثيابًا مدنية وبنطالًا أسود وسترة مموهة محايدة، حاملا حقيبة ظهر عسكرية كبيرة مخزنة بدقة تحتوي على بطاريات وبطانيات النجاة ومجموعة أدوات الإسعافات الأولية العسكرية مع ضمادات إسرائيلية الصنع وجميع المعدات التي تعلم استخدامها خلال فترة التدريب العسكري، مع طعام يكفي ليومين ويود للغدة الدرقية ومنتجات النظافة وهاتف وكاميرا صغيرة وكتاب صغير للرسم.
وفي الشاحنة، كان الأوكرانيون يتحدثون الفرنسية قليلا، تعلم بفضلهم الشاب بعض الأساسيات الأوكرانية في اللغة المحلية: صيغ مهذبة، وتعبيرات، ومصطلحات عسكرية.
وعند وصول الشاحنة إلى الحدود البولندية الأوكرانية، وجد أوليس وزملاؤه الأوكرانيون المعبر الحدودي مغلقا، ما دفعهم إلى العودة إلى مدينة كراكوف التي تعج باللاجئين الفارين من الحرب، واستأجروا غرفا في فندق.
وأمام صعوبة الدخول إلى أوكرانيا، قرر أوليس تقديم خدماته مع المتطوعين الذين كانوا يقفون بالقرب من محطة القطار القادم من أوكرانيا أين يتم استقبال اللاجئين، فيما قام الشاب الفرنسي بفرز وجمع المعدات العسكرية مثل الملابس والأحذية والمصابيح الكهربائية.
وفي الأثناء، عرض بولندي شاب على أوليس أن يجلب معه الإمدادات إلى الحدود المشتركة بين بولندا وأوكرانيا وسلوفاكيا. وأشار الشاب الفرنسي إلى أنه نقل صناديق ثقيلة كبيرة يعتقد أنها تحتوي على بنادق وبعض الأسلحة الخفيفة.
وفي اليوم الخامس، نجح أوليس أخيرا في الدخول إلى أوكرانيا في ثالث محاولاته بعد عمليات تفتيش طويلة وتفتيش شامل واستجوابات معمقة.
وبعد ذلك، ركب أوليس القطار إلى لفيف أين التقى بجنود فرنسيين سابقين، يرتدون زيا مموها، سافروا بدورهم للانضمام إلى الفيلق الدولي، كانوا يحملون معدات طبية إلى الجيش الأوكراني.
وعند الوصول إلى لفيف، تحول أوليس رفقة أسترالي إلى مكتب تجنيد في ضواحي المدينة أين استقبلهما ضباط من الجيش الأوكراني.
واقترح الضباط الأوكرانيون على أوليس والأسترالي الالتحاق بالجيش بعد أسبوعين من التدريب، وهناك احتمال جدي بالعودة إلى فرنسا في صندوق الموتى، على حد قول الفرنسي. وأصر أحد كبار المسؤولين: "كنت في المقدمة قبل أيام قليلة، فقدت أصدقاء. لا أستطيع أن أرسلك إلى هناك وأعدك بالزهور".
أما الاحتمال الآخر الذي اختاره أوليس، فهو التطوع مع الجيش لدعم الجنود، في المساعدة الطبية، أو إجلاء المدنيين، قبل أن ينضم إلى معسكرات الجيش الأوكراني، ويقدموا له سلاحا وفرشا وطعاما.
وقال أوليس إنهم يستعدون حاليا للدفاع عن لفيف. الفكرة هي حماية المدينة قبل وصول القوات الروسية، حيث قاموا بوضع تقاطعات في مسارات السكك الحديدية لإبطاء وصول الدبابات. ثم أنشأوا مخابئ بالكتل الخرسانية وأكياس الرمل.
وقال الشاب الفرنسي: "نشعر أن التهديد يقترب، والجنود متوترون جدا. التقيت بأسترالي وأمريكيين وفنلندي. إنه أمر لا يصدق. نسمع من بعيد صافرات الإنذار تناشد السكان للاحتماء. هل أنا خائف؟ ليس صحيحا. لا أعرف، أنا مشغول، أو على الأقل أشعر أنني شخص مفيد".
ما هو الفيلق الدولي؟
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تأسيس الفيلق الدولي للأجانب الراغبين في التصدي للغزو الروسي.
كما خصصت وزارة الخارجية الأوكرانية موقعا للراغبين بالقتال في أوكرانيا، مؤكدة أنه في "الـ 24 ساعة الأولى، زار نحو 13 مليون شخص الموقع".
وأوضحت أن هذا الموقع "مختص بالمواطنين الأجانب الذين يرغبون في الانضمام إلى فيلق الدفاع الدولي لأوكرانيا والدفاع عن السلام والأمن في العالم".
ووفقا لإحصائية عدد الزوار، احتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى وسجلت نحو 4 ملايين زائر، فيما جاءت الصين بالمرتبة الثانية مع مليوني زائر.
وأشارت الإحصائية إلى مئات آلاف الزائرين للموقع من دول مثل فرنسا وكندا والهند وبريطانيا والبرازيل وألمانيا وتايلند.
ويذكر أن أوكرانيا أعلنت قبل أيام عن تشكيل "فيلق دولي" للمتطوعين الأجانب الراغبين بالقتال ضد روسيا.
واستجاب العشرات للدعوة الأوكرانية، رغم المخاطر الهائلة التي قد يتعرضون لها والأوضاع غير المستقرة.
وقد قال وزير الخارجية دميترو كوليبا، إن أي شخص مهتم بالمشاركة يجب أن يتصل بالبعثة الدبلوماسية الأوكرانية في بلده، مضيفا: "هزمنا هتلر معا، وسوف نهزم بوتين أيضا".