رحبت وزارة الخارجية والمغتربين بالقرار التاريخي الهام والحكم الذي اتخذته المحكمة الدستورية في جنوب إفريقيا، الذي يؤكد أن معاداة الصهيونية ليس معاداة للسامية، وأن انتقاد الصهيونية لا يعتبر انتقادا لليهود.
واعتبرت الوزارة، في بيان لها، اليوم الجمعة، هذا القرار "حالة متقدمة وجب أخذها كسابقة هامة من قبل بقية المحاكم الدستورية التي قد تجد نفسها مضطرة في أي وقت للوقوف أمام مثل هذا التحدي، والالتزام بالقوة والشفافية ومواجهة التنمر والتهديد الصهيوني في حماية دولة الاحتلال وما تقوم به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني على اعتبار أن ذلك معاداة للسامية".
وحيت الشجاعة التي تحلت بها المحكمة الدستورية باتخاذ هذا القرار الذي يوفر الحماية والحرية لكل مواطن في أي مكان ويكفل له الحق في انتقاد إسرائيل، دولة الاحتلال، على ما تقوم به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وكانت المحكمة الدستورية أصدرت أول أمس حكما هاما مفاده أن معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية، وأن مهاجمة الصهيونية لا تعني مهاجمة اليهود.
وقد حكمت المحكمة في القضية التي رفعتها لجنة حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا (منظمة أهلية) نيابة عن مجلس الوكلاء اليهودي في جنوب إفريقيا ضد التعليقات التي أدلى بها في عام 2009 بونجاني ماسوكا، سكرتير العلاقات الدولية السابق في الاتحاد العام لنقابات العمال(كوساتو)، ووجدت المحكمة أنه من بين أربعة تعليقات كانت موضع الخلاف، استوفت واحدة منها فقط معايير خطاب الكراهية.
وتم اعتبار ماسوكا غير مذنب بخطاب الكراهية بسبب التعليقات الثلاثة الأخرى، التي تم الإدلاء بها تحت استفزاز شديد من الصهاينة خلال اجتماع عام لحملة التضامن مع فلسطين في جامعة فيتس في جوهانسبرج في ذلك الاجتماع، حيث كان ماسوكو، وفقًا للمحكمة "خاضعًا لمضايقات شديدة من الأشخاص الذين عارضوا خطابه". وفي الواقع تعرض للانجرار من قبل مجموعة من الطلاب اليهود الذين حاولوا بمداخلاتهم المستمرة إجباره على الإدلاء بتصريحات معادية والحد من حقه في حرية التعبير.
والتعليقات الثلاثة التي حكمت المحكمة أنها ليست معادية لليهود وليست خطاب كراهية هي:
التعليق الثاني: عند إشارته فيما يتعلق بأولئك الذين دعموا إسرائيل، صرح "بأن اتحاد النقابات لديهم أعضاء هنا حتى في هذا الحرم الجامعي؛ يمكننا التأكد من أنه سيكون هناك جحيم بالنسبة لهذا الجانب".
التعليق الثالث: "أي عائلة من جنوب إفريقيا، أريد أن أكررها بحيث يكون واضحًا لأي شخص، أي عائلة في جنوب إفريقيا ترسل ابنها أو ابنتها ليكونوا جزءًا من القوات الإسرائيلية عندما يحدث لها شيء بأثر فوري يجب عدم لومنا".
التعليق الرابع: "اتحاد النقابات سيكون معك، وسنبذل قصارى جهدنا للتأكد من أنه سواء كان ذلك في جامعة فيتس، أو كان ذلك في أورانج جروف، أو أي شخص لا يدعم المساواة والكرامة، ولا يدعم حقوق الآخرين. يجب أن نواجه العواقب حتى لو كان ذلك يعني أننا سنفعل شيئًا قد يتسبب بالضرورة في ما يعتبر ضررًا".
و لم يتم العثور في هذه التعليقات على دليل على خطاب الكراهية لأنها "كانت تستهدف بوضوح إسرائيل وأولئك الذين يدعمون إسرائيل" وليست موجهة ضد اليهود.
وأما التعليق الأول، الذي قضت المحكمة بأنه خطاب كراهية، كان تعليقًا على مدونة صهيونية نشرت تعليقا عنصريا موجه ضد أعضاء اتحاد النقابات السود"، وتم أُمر ماسوكا بالاعتذار عن هذا التعليق فقط.
وبهذا الحكم الصادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد، يكون تم إغلاق الجدل حول الخلط بين اليهود و"أولئك الذين يدعمون إسرائيل"، وبين اليهودية والصهيونية، وبين اليهود والصهاينة.
وقد رحبت سفيرة دولة فلسطين لدى جنوب إفريقيا حنان جرار بقرار المحكمة الدستورية في بريتوريا لاعتباره قرارا تقدميا وهاما يضمن للأفراد حرية التعبير دون خوف، ووجهت التحية لشخص سكرتير العلاقات الدولية السابق بالاتحاد بونجاني ماسوكا على صموده الرائع خلال السنوات الماضية وإصراره على الوقوف إلى جانب عدالة قضية شعبنا وتحمله الأذى والضغوطات متحليا بمساندة اتحاد النقابات ولجان التضامن والنشطاء الأحرار.
كما وجهت جرار التحية للمحكمة الدستورية التي أدت واجبها بكل نزاهة وشفافية تحقيقا للعدالة، معتبرة أن هذا الحكم الجوهري سينهي بشكل حاسم سلسلة الشكاوى والحالات العبثية من قبل اللوبي المؤيد لإسرائيل في جنوب إفريقيا، والذي يصف أي انتقاد لإسرائيل بأنه معاد للسامية لإسكات المؤيدين لفلسطين من ممارسة حقهم في حرية التعبير الذي كفله الدستور الجنوب إفريقي بعد سقوط نظام الابارتهايد.