أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الولايات المتحدة وحلف الناتو تجاهلا مباعث القلق التي عبرت عنها روسيا ضمن مقترحاتها بشأن الضمانات الأمنية.
وأشار بوتين في ختام مباحثاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الاثنين، إلى أن "سياسة الأبواب المفتوحة" للناتو تعتبر "تفسيرا حرا" لمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى.
واستغرب الرئيس الروسي التصريحات الغربية بشأن "الطابع الخطير" لتحركات القوات الروسية داخل أراضي روسيا، مشيرا إلى أن هذا الحديث لا أساس له.
وتابع أن الغرب يحاول طمأنة روسيا بالحديث عن طابعه الدفاعي، لكن استراتيجيته تصنف موسكو كـ"خصم"، وسبق له أن تدخل عسكريا في عدد من الدول، بما فيها العراق وليبيا وأفغانستان.
بوتين: كييف ترفض إمكانية استعادة وحدة الأراضي الأوكرانية من خلال الحوار
وأشار الرئيس بوتين إلى أن السلطات الأوكرانية ترفض إمكانية استعادة وحدة أراضي أوكرانيا من خلال الحوار مع دونباس.
وأعرب عن قلقه إزاء "تمييز الناطقين باللغة الروسية" في أوكرانيا، و"تثبيته في التشريعات" الأوكرانية.
واعتبر كذلك أن عملية ملاحقة الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو "زائدة عن اللزوم"، مشيرا إلى أنه كان يحذره من مثل هذا السيناريو عندما التقيا بصفة الرئيسين. وأكد بوتين استعداد روسيا لمنح اللجوء السياسي لبوروشينكو في ظل هذا الوضع.
وشدد بوتين على عدم وجود بديل لاتفاقيات مينسك للتسوية الأوكرانية، بغض النظر عما إذا كانت "على قيد الحياة أم لا" وعما إذا كانت تروق للقيادة الأوكرانية أم لا، مشيرا إلى أنهم في كييف أدلوا بتصريحات متناقضة بشأن التزامهم بها.
بوتين يحذر أوروبا من الانجرار في حرب لن تكون فيها جهة منتصرة
وأكد أن المزاعم عن "التصرفات العدوانية" لروسيا غير منطقية لأن الناتو اقترب من الحدود الروسية وليس العكس.
وحذر بوتين من انجرار الدول الأوروبية في حرب مع روسيا في حال انضمام أوكرانيا للناتو، وفي حال حاولت هي استعادة السيطرة على القرم بالطرق العسكرية.
ولفت بوتين إلى أن مثل هذه الحرب لن تكون فيها جهة منتصرة.
وأشار إلى أن الحديث عن انتهاك روسيا لوحدة أراضي أوكرانيا "غير صحيح"، لأن انضمام القرم إلى روسيا تم بعد إسقاط السلطة في أوكرانيا بالقوة، وكانت روسيا مضطرة لحماية سكان القرم بعد "الانقلاب" في أوكرانيا.
وأعاد بوتين إلى الأذهان أن أوكرانيا قد حاولت مرتين حسم النزاع في دونباس بطرق عسكرية.
وقال بوتين إن الرئيس ماكرون قدم بعض الأفكار للخطوات المشتركة في مجال الأمن، التي اعتبرها "ممكنة".
واستغرب الرئيس الروسي طلب واشنطن والناتو عدم نشر ردودهما على المقترحات الروسية بشأن الأمن، مشيرا إلى أن موسكو لم تخف شيئا بهذا الصدد.
وأضاف أنه سيجري اتصالا مع ماكرون مرة أخرى بعد زيارته لكييف المقررة في يوم الثلاثاء.
ماكرون: يجب بناء آليات جديدة لضمان الأمن في أوروبا
من جهته، وصف ماكرون لقاءه مع الرئيس بوتين بأنه كان بناء وأنهما حاولا إيجاد نقاط للتقارب، على الرغم من اختلاف مواقف الجانبين من بعض القضايا.
وأكد ضرورة إيجاد طريق سلمي للحفاظ على الاستقرار في أوروبا، مشيرا إلى أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في هذا الشأن.
وشدد على ضرورة بناء آليات جديدة لضمان الأمن في أوروبا، لكنها لا يمكن أن تبنى مع حذف كل الاتفاقيات التي تم عقدها خلال الـ 30 سنة الأخيرة ومبادئها الأساسية.
وأكد أن الفوضى وزعزعة الاستقرار لا تصبان في مصالح أوروبا ولا روسيا، ولذلك يجب الاتفاق على خطوات محددة لوقف التصعيد حول أوكرانيا.
ودعا الرئيس الفرنسي لعدم تكرار أخطاء الماضي من أجل الحفاظ على الأمن، مشيرا إلى أنه من المستحيل بناء السلام في أوروبا بدون روسيا، لكن بعض الدول تعبر عن مخاوفها الأمنية أيضا.
الملف الإيراني ومالي والقضايا الإقليمية
وتطرق الرئيسان إلى بعض القضايا الأخرى، حيث أكد بوتين وماكرون تقارب مواقفهما إزاء القضية النووية الإيرانية.
وتناولا بعض القضايا الإقليمية، حيث أشاد الرئيس الفرنسي بدور العسكريين الروس على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان وعملية التسوية في قره باغ.
وأشار ماكرون إلى أن بوتين طمأنه بشأن تصريحات الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حول إمكانية نشر الأسلحة النووية الروسية في بيلاروس.
ووجهت إلى الرئيسين أسئلة بشأن الوضع في مالي ودور الشركات الأمنية الروسية في البلاد. وأكد الرئيس بوتين أنه من حق مالي العمل مع الشركات الروسية، لكن الحكومة الروسية لا علاقة لها بتلك الشركات.