نقلت صحيفة القدس العربي عن مصدر قيادي في حركة فتح، قوله،" أن قيادة الحركة منزعجة جدا من الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، والتي قررت مقاطعة جلسات المجلس المركزي، أو الانسحاب منها، وأكد أنه ستكون لهذا الأمر تبعات على مستوى العلاقات الوطنية، في حين قللت حركة حماس من أهمية القرارات التي سيتخذها المجلس في دورته الـ31.
تحالفات جديدة
وحسب المصدر القيادي في حركة فتح التي تتزعم منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الحركة توجهت لكل فصائل المنظمة، سواء في المناطق الفلسطينية أو في الخارج (سوريا ولبنان)، وألحت عليهم بطلب الحضور في هذه الجلسة للحفاظ على “وحدة المنظمة”، ولتفويت الفرص على المحاولات الرامية لإضعاف جسد المنظمة، لصالح تكتلات سياسية جديدة.
وداخل حركة فتح، هناك من يشير إلى وجود توافقات على الأرض أظهرت تقارب حركة حماس مع “قوى يسارية” لإضعاف المنظمة وإرباك القيادة الفلسطينية في هذا الوقت، من خلال العمل الحثيث على إفشال عقد المجلس المركزي عن طريق عدم توفير “النصاب السياسي”.
والمقصود بـ”النصاب السياسي”، عدم مشاركة الفصائل المؤثرة في الاجتماعات، حيث كانت الأعين تتجه صوب الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي قررت المشاركة في اللحظة الأخيرة، لتعطي بذلك مساندة لموقف حركة فتح، وتضعف الطرف الآخر المعارض للاجتماعات، الذي تتزعمه حركة حماس.
والمعروف أن حركة فتح استطاعت تأمين النصاب القانوني للمجلس المركزي، من خلال المستقلين وممثلي الاتحادات والفصائل التي قررت المشاركة، وحسب النظام الداخلي للمجلس المركزي، فإن لحركة فتح ستة مقاعد، في حين أن لباقي التنظيمات مقعدين، و13 للاتحادات و3 للجنة العسكرية، وعشرات المستقلين.
ولا يخفي مسؤولون في حركة فتح خلال أحاديثهم الداخلية، أن هناك من يسعى من فصائل المنظمة لـ”التقارب مع حماس”، في إطار تحالفات جديدة، هدفها الترتيب للمرحلة القادمة.
فتح تنتقد بشدة
وفي هذا السياق، قال الناطق باسم حركة فتح، إياد نصر لـ”القدس العربي”، إن النصاب المطلوب لعقد جلسة المجلس المركزي تحقق، لافتا إلى أن “غياب البعض لا يعني غياب منظمة التحرير”، منددا بمواقف من وصفهم بـ”المشككين والمناكفين”، وطالبهم بمراجعة مواقفهم.
وأكد أن الخلاف داخل مؤسسات منظمة التحرير بما فيها المجلس المركزي، يجب أن يكون على الطاولة، وأضاف: “التهرب من المسؤولية ضعف كبير”.
وطالب الناطق باسم فتح بـ”تحييد ثقافة التشكيك الحزبية، وإعلاء الثقافة الوطنية”، مؤكدا أنه في الأساس تتوحد الجبهات الداخلية عندما تحدث أزمة أو مؤامرة ضد أي بلد، مضيفا: “لكن في واقعنا تزداد الخلافات وقت المؤامرات”.
وأكد نصر، أن المجلس المركزي انعقد من أجل وضع أسس للمواجهة الجديدة، ودعم وتطوير المقاومة الشعبية، لمواجهة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي قال إن “أيديلوجيا اليمين المتطرف تحكمها، ولا تؤمن بثقافة السلام”، من خلال التغول على الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان، لافتا إلى أن المجلس انعقد بسبب “خطورة المرحلة السياسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني”، وأكد أن المجلس المركزي انعقد “كي لا ننتحر سياسيا، ومن أجل تقييم أدوات الصراع والاشتباك”.
وبما يدلل على ذلك، ثمّن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، قرار فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بحضور جلسات المجلس المركزي، وقال في تدوينة له على موقع “تويتر”: “هذا يدل على المناعة الوطنية العالية التي راهن البعض على ضربها وصولا لضرب منظمة التحرير الفلسطينية”، وختم حديثه بالقول: “وحدتنا أساس قوتنا في وجه الاحتلال”.
مخاوف من إلغاء المجلس الوطني
وكانت الجبهة الشعبية، الفصيل الثاني في منظمة التحرير، قد قررت مقاطعة الاجتماعات، ونظمت في مدينة غزة وقفة احتجاجية، مع بداية انطلاق أعمال جلسات المركزي بمدينة رام الله.
وبرر مسؤول دائرة العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية، ماهر الطاهر، قرار عدم المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي، بالقول: “الساحة الفلسطينية تدخل في وضع أكثر خطورة من أي مرحلة سابقة، لأن الإصرار على عقد المركزي بالصورة التي تم بها يدفع لتأبيد الانقسام”.
وعبر عن خشية تنظيمه من أن يتم إلغاء المجلس الوطني الفلسطيني واستبداله بصيغة المجلس المركزي، لافتا إلى القرار الذي اتُخذ في جلسة المجلس الوطني عام 2018، بإحالة صلاحيات المجلس الوطني إلى “المركزي”، وأشار إلى أن الجبهة الشعبية انطلاقا من حرصها على منظمة التحرير، والوحدة الوطنية الشاملة وإنهاء الانقسام؛ قاطعت دورة أعمال المجلس المركزي الحالية لأنها لا ترى فيها إلا طريقا لتكريس الانقسام.
جدير بالذكر أن حزب الشعب الفلسطيني، الذي حضر جلسة الافتتاح، قرر الانسحاب بعد وقت وجيز، وقد أبلغ بانسحابه من خلال الأمين العام بسام الصالحي.
وحسب ما يتردد، فإن حالة من الهرج سادت القاعة، حين بدأ الصالحي بإعلان الانسحاب، بقوله إن هناك “عور قانوني” في تنظيم المجلس، ونُقل عنه القول: “نحن لم نأت لأخذ قرارات جديدة، وأنتم تتحدثون عن قرارات”، لافتا إلى أنه أبلغ قرار حزبه لممثلي حركة فتح خلال التحضيرات الخاصة بالجلسة.
وأشار الصالحي، الذي يشغل أيضا عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إلى ضرورة وضع آليات لتنفيذ قرارات المجلس المركزي السابقة، لافتا إلى أنه لم يتم الإنصات لطلبهم هذا.
وحاول بعض الأعضاء الحاضرين ثني ممثلي حزب الشعب عن قرار الانسحاب، والمكوث في القاعة، وتقديم وعود بحل الخلاف، غير أن محاولاتهم لم تنجح.
يشار إلى أن حزب الشعب الفلسطيني، طالب بأن يقرر المجلس استئناف تنفيذ قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والقيادة الفلسطينية الذي اتخذ في 19 مايو من العام 2020 والمجلسين الوطني والمركزي بإنهاء العمل بالاتفاقات وتحديد العلاقات مع الاحتلال، كما طالب بأن يقرر استئناف العمل بالقرارات التي اتخذها اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في الثالث من سبتمبر 2020 بهذا الاتجاه، وطالب أيضا بأن يقرر المجلس لجنة رقابية على الحكومة لحين إجراء الانتخابات، ووقف عقد اللقاءات مع قادة الاحتلال.
من جهته، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، مقللا من شأن قرارات المجلس المركزي: “إرادة الجماهير وخيارات شعبنا، هي مصدر الشرعيات وأسسها”، وأضاف في تصريح صحافي: “أي اجتماع أو تجمع لا يستند لذلك، مثلما يحدث من اجتماع المجلس المركزي، هو فاقد للشرعية والأهلية والتمثيل، وعاجز تماماً عن تمثيل أدنى طموحات شعبنا، بل تعاكس طموحاته وتحرمه من إمكانية إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وتوافقية”.
يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في كلمته في بداية أعمال المجلس” “سننظر في خياراتنا كلها خاصة بعد أن تجاوبنا لأقصى مدى مع الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي”.