باتت رندا عبد العزيز أول شابة عراقية "سمراء" تظهر بشاشة أخبار التلفزيون الحكومي في بلادها منذ عقود، حيث تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" قصة نجاحها.
وقالت الصحيفة إن الصدفة وحدها هي من قادت رندا لهذا المكان، عندما كانت تجلس مع صديقاتها في مقهى ببغداد وتقرأ كتيبا عن مستحضرات التجميل بصوت عال وباللغة الفصحى لمجرد المزاح.
في تلك الأثناء سمعها كشاف مواهب، وسرعان ما تلقت عبد العزيز عرضا غير متوقع تماما غير حياتها، على الرغم من أنها كانت مترددة، إلا أن الرجل أقنعها باغتنام الفرصة لقراءة الأخبار على التلفزيون الرسمي.
وقالت رندا للصحيفة: "أخبرني أن هناك تجربة.. إنهم يريدون رؤية كل الألوان على قناة العراقية"، في إشارة إلى التلفزيون الحكومي.
وأضافت أنها كانت بحاجة إلى إقناع والدتها بالموافقة في البداية، ثم قبلت العرض، معتقدة أنها قد تستمر لفترة وجيزة وتفشل.
ثم انطلقت رحلة رندا الشاقة باعتبارها لا تكتسب خبرة في مجال تقديم الأخبار، حيث تدربت لأكثر من ستة أشهر، تضمنت 10 ساعات يوميا من التدريب على الإلقاء والاطلاع على مواضيع السياسة العراقية والإقليمية، وهي مواضيع لم تكن مهتمة بها في السابق.
وفي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، نجحت رندا عبد العزيز صاحبة الـ25 سنة في الظهور لأول مرة على شاشة التلفزيون خلال نشرة الظهيرة الرئيسية في أول نشرة حية تلقيها للمشاهدين.
وقالت رندا عن تلك اللحظة: "لم أرتكب خطأ واحدا ولكن عندما انتهيت من النشرة انفجرت في البكاء".
وفقا للصحيفة فإن رندا عبد العزيز هي أول سيدة "سمراء" تعمل في القنوات الحكومية على الأقل منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عقب الغزو الأمريكي في 2003.
وبحسب المسؤولين التنفيذيين في التلفزيون الحكومي، لم يكن هناك مذيعون تلفزيونيون من أصحاب البشرة السمراء خلال حكم صدام الذي دام عقودا.
جاء تعيين رندا بعد بحث على مستوى البلاد أجراه رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم، الذي يؤكد أن "في العراق ما لا يقل عن 1.5 مليون عراقي أفريقي.. وهم بحاجة إلى أن يروا انعكاس أنفسهم على التلفزيون".
وأضاف جاسم أن توظيفها صدم وأزعج عددا قليلا من موظفي الشبكة والمشاهدين، وهو رد سلبي يسلط الضوء على العنصرية الراسخة في العراق، البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 40 مليون نسمة.
وسلطت الصحيفة الضوء على أن معظم أفراد البشرة السمراء في العراق ينحدرون من أصول أشخاص مستعبدين جلبوا من شرق أفريقيا إلى الساحل الجنوبي للعراق بداية من القرن التاسع، عبر تجارة الرقيق.
عندما يظهر العراقيون أصحاب البشرة السمراء على شاشات التلفزيون، عادة ما يكونون موسيقيين أو راقصين أو في أدوار كوميدية.
وعلق جاسم بقوله إنه يريد تغيير تلك الصور النمطية عنهم، وهو يدرس أيضا منح رندا الفرصة لتقديم برنامج تلفزيوني يهتم بالشؤون السياسية.
وأفاد مسح أجري في عام 2011 أن معدلات الأمية بين العراقيين أصحاب البشرة السمراء بلغت 80 في المئة، وهو رقم يزيد عن ضعف المعدل الوطني، ويعتقد أنه لم يتغير إلى حد كبير منذ ذلك الحين.
بعد أن أتقنت التلفزيون، أشارت رندا إلى أنها تعمل على فكرة أن تكون قدوة يمكن أن تلهم العراقيين ذوي البشرة السوداء.
وأضافت: "أحاول إثبات أن نموذجي يمكن أن يكون أملا للجميع، وأن لون بشرتنا لن يمنعنا".