صحيفة عبرية: هذا ما تعول عليه "اسرائيل" لترويض العقل العربي للقبول بها كدولة

السبت 15 يناير 2022 08:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: هذا ما تعول عليه "اسرائيل" لترويض العقل العربي للقبول بها كدولة



القدس المحتلة/سما/

مع استمرار مسلسل التطبيع العربي الإسرائيلي، وظهور المزيد من المبادرات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، بمعزل عن القضية الفلسطينية، ترى أوساط إسرائيلية أن احتفالات توقيع تلك الاتفاقيات في البيت الأبيض ليست ضرورية لعلاقات تطبيعية كاملة بين الدول العربية والاحتلال، لأن الهدف البعيد قد لا يكون تحقيق سلام شامل بينهما.

واعتبر ضابط إسرائيلي أن الهدف قد يتم بمجرد تحقيق اختراق في المنظومة الشعبية العربية، وترويض العقل العربي للقبول بالاحتلال كدولة طبيعية في المنطقة.


ويعول الإسرائيليون على الجانب الاقتصادي باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق الروابط الاقتصادية العربية الإسرائيلية، ويخدم بالأساس هدف تحسين الاقتصاد الإسرائيلي، وإقامة جسور تجارية واستثمارية تربط شعوب المنطقة، حتى من دون حضور حفل على مروج البيت الأبيض، لاسيما أن هناك اتصالات تطبيعية إسرائيلية مع عدد من الدول العربية والإسلامية لم تحضر تلك الاحتفالات الرسمية.

ويقول الخبير السياسي الإسرائيلي آيال هاكيس، خريج شعبة الاستخبارات العسكرية، وشغل منصب كبير الباحثين السياسيين والاقتصاديين، ومستشارا لشركة الاستشارات الاستراتيجية McKinsey، في كتابه الجديد "جسور الاقتصاد"؛ إن "التطبيع ليس هو الحل الوحيد لتوطيد العلاقات العربية الإسرائيلية، لأننا إذا أصررنا على التطبيع فقط، فلن نكون قادرين على تحسين الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يشهد تعزبزا في جوانب الطاقة والغاز، مما يظهر الحاجة تخصيص ملياري شيكل لتحقيق الجسور الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط". 


وأضاف خلال مقابلة مع صحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه "يمكن في هذه الحالة بناء منطقة استثمار مشتركة مع الأردن، باعتباره بوابة واسعة للأعمال والشركات والمصانع في المنطقة، وعلى المدى الطويل سيؤدي لتحسين الاقتصاد الإسرائيلي، يمكن أن تصل مبادرات التجارة الحرة المختلفة عشرات المليارات من الشواقل.

وقال: "كما أن المشروع الذي سيربط الخليج العربي بميناء حيفا، سيجعل إسرائيل دولة ذات أهمية سياسية أكبر، وسيؤدي أيضا لعوائد اقتصادية بعشرات المليارات، وهي جزء صغير من ميزانية الدفاع البالغة 70-60 مليار شيكل". 


ولا يفصل الإسرائيليون بين الحاجة لتعزيز الموازنات العسكرية والحربية، وفي الوقت ذاته، ضخ الأموال في المشاريع الاقتصادية المشتركة مع باقي دول المنطقة، بزعم أنها تساهم في الاستقرار الإقليمي من جهة، وتعمل على دمج إسرائيل في المنطقة من جهة أخرى، بزعم أن إقامة المزيد من الجسور الاقتصادية مع الأردن ومصر، ستؤدي للحفاظ على الترتيبات الأمنية معهما، مع أن معظم هذه الجسور يقودها القطاع الإسرائيلي الخاص. 

في الوقت ذاته، فإن التطلع الإسرائيلي للمزيد من المشاريع الاقتصادية مع السعودية يظهر الحديث عن مدينة "نيوم"، حيث يتم ضخ مئات المليارات من الدولارات هناك، ومحمد بن سلمان مصمم على تنفيذ المشروع القريب جغرافيا جدا من إسرائيل، وله وضع قانوني خاص، بوصفه سيستمر في نقل الحركة بين الجانبين، مع أنه بين 2020-2021 تضاعفت التجارة الإسرائيلية مع دول الخليج بسبعة أضعاف، لكن الإسرائيليين يزعمون أنه لم يصلوا بعد للمستوى المطلوب، لأن الزخم الحالي كبير.


في الساحة الفلسطينية، ترى المحافل الاقتصادية الإسرائيلية أن إخفاق المستويين السياسي والعسكري في تغيير الواقع الفلسطيني لصالح إسرائيل من هذه الجوانب، تحتم الحاجة لإجراء استدارة اقتصادية تتمثل في زيادة عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، خاصة في مجال التكنولوجيا العالية، بزعم أنه يحافظ على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، وعدم اشتعال النيران فيها، رغم أن الآونة الأخيرة تزامنت فيها زيادة أعداد العمال مع ارتفاع معدلات الهجمات المسلحة.


وربما لا يرى الإسرائيليون فوارق جوهرية بين الحل السياسي للصراع مع الفلسطينيين والعرب، وبين تعزيز العلاقات الاقتصادية معهم، باعتباره يتماشى مع المفهوم القديم للشرق الأوسط الجديد، انطلاقا من فرضية أن اتفاقيات التسوية السياسية ستجلب الازدهار الاقتصادي، وهو ما ظل جون كيري وتوني بلير يرددانه طوال الوقت، والسلطة الفلسطينية تدرك ضرورة ربط النشاط الاقتصادي مع إسرائيل.


مع غزة، يعترف الإسرائيليون بالقول بأنه من السذاجة الاعتقاد بأن حماس ستحقق الهدوء مقابل المال الاقتصادي، لأن الفكرة القائلة بأن الحوافز الاقتصادية قصيرة الأجل ستحقق تهدئة قصيرة المدى، فكرة إشكالية، ولذلك ليس لدى تل أبيب الكثير من الخيارات الجيدة تجاه غزة، رغم وجود توجه ما، وإن كان منخفض الوتيرة، يسعى لإنشاء طبقة متنامية من سكان غزة يحافظون على العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، مما يجعل أي نجاح عمل اقتصادي يمكن الترويج له في غزة، ألا يمر ببوابة حماس.


مع الأردن، يظهر التعاون الاقتصادي معه مهم لإسرائيل، فقبل كورونا كان هناك 2300 تصريح لعمال أردنيين في إسرائيل، ويتوقع أن يستمر ذلك في ظل ارتفاع معدلات البطالة في الأردن، والإسرائيليون يؤكدون حاجتهم للتواصل مع اتصالات أفضل مع الأردن ومصر، مثل مشروع خطط السكك الحديدية الإسرائيلية، وبناء محطات حتى المعبر الحدودي مع الأردن، تمهيدا لتعزيز التجارة مع الأردن ودول الخليج.


فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية الإسرائيلية مع إيران ولبنان وسوريا، تظهر المهمة أصعب قليلا، لكنها ليست مستحيلة، حيث يقترح الإسرائيليون إقامة علاقات اقتصادية مع مجموعات وأفراد على حدود هذه الدول، يمكن تسميتها "جسور اقتصادية"، مع الأشخاص الأقل عداء لإسرائيل، وهناك فرصة حول قضية الغاز، وليس من الواضح أين وصلت مفاوضات ترسيم الحدود المائية مع لبنان، الذي قد ينضم لمنتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم إسرائيل ومصر والأردن.


وعند الحديث عن العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية مع إيران والعراق، مهم التذكر أن العنصر الأيديولوجي المعادي لإسرائيل كبير فيهما، لكن العراق مثير للاهتمام الإسرائيلي، حيث يبيع الأكراد شمالا النفط لإسرائيل عبر ناقلات تغادر تركيا، وهذا تغيير إقليمي كبير، فضلا عن أزمة المياه في الشرق الأوسط المتفاقمة مع مرور الوقت، بسبب عدم وجود العديد من مصادر المياه العذبة في المنطقة، وتزايد عدد سكان مصر والأردن ودول الخليج، وبسبب الصراعات المائية الجيوسياسية.

عربي 21