صحيفة عبرية: إلى الفسيفسائيين: النقب أهم من حكومتكم لإسرائيل ومستقبلها

الخميس 13 يناير 2022 06:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: إلى الفسيفسائيين: النقب أهم من حكومتكم لإسرائيل ومستقبلها



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: أفرايم غانور                  "في أعوام 1949 – 1957 كان في دولة إسرائيل قحط قاسٍ شعر به الناس في جنوب البلاد. الجواريش وكراجه قبيلتان بدويتان من أصل مغربي، وصلتا إلى منطقتنا من ليبيا بداية القرن التاسع عشر، استقرتا في منطقة خانيونس وعملتا في الزراعة وتهريب المخدرات بين مصر وإسرائيل والأردن.

في بداية الخمسينيات، عندما تصاعدت أعمال الفدائيين الذين انطلقوا من قطاع غزة، والإرهاب الفلسطيني بتشجيع من مصر، وصل إلى مركز الدولة وضعضع الحياة هنا، أصبحت القبيلتان، الجواريش وكراجه، متعاونتين جداً في كفاح الجيش الإسرائيلي ضد إرهاب الفدائيين. فقد وفرتا معلومات ومساعدة مهمة ساهمت في أعمال الرد التي قام بها الجيش الإسرائيلي في القطاع بخاصة، وللأمن الجاري في الجنوب بعامة.

لاحقاً، عندما عين رئيس الأركان موشيه دايان، وزيراً للزراعة في حكومة بن غوريون في الخمسينيات، استغلت القبيلتان معرفتهما الجيدة به، وطلبتا منه في أعقاب القحط أن يساعدهما في الانتقال شمالاً، إلى مركز الدولة مع عائلاتهم، كي يتوفر لهم المرعى لأبنائهم. لم ينسَ دايان مساهمته، وبمعونة رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون سمح لهم بأن يستقروا على أراضي الدولة جنوبي الرملة وشرقي بئر يعقوب. في السنوات الأولى، نالوا الرزق من أعمال الزراعة في القرى الزراعية “الموشافيم والكيبوتسات” في المنطقة. ولكن بعد حرب الأيام الستة، وفي بداية السبعينيات، حين بدأت تجارة المخدرات تزدهر في إسرائيل، أصبحت حاضرة الجواريش وكراجه مركزاً لتوريد المخدرات والجريمة، وأمست لاحقاً ساحة صراع عنيف ونازف بين القبيلتين، صراع مستمر حتى اليوم.

تأتي هذه المقدمة لتجسد أن كل ما يبدأ بنية طيبة ويترافق وتنازلات ومراعاة للبدو، ينتهي بثمن باهظ. تعهد بدو الجواريش في حينه أن يعودوا إلى الجنوب بعد انتهاء القحط، فهل يمكن لأحد اليوم أن يحركهم؟ التنازلات، والتجاهل، وهروب حكومات إسرائيل من التصدي للوقاحة والجسارة والفوضى التي خلقوها في الجنوب – كل هذه ولدت واقعاً يفترض التصدي له اليوم بلا هوادة، وكلما تأخر علاج المشكلة، يرتفع الثمن. إملاء البدو علينا هذا الأسبوع مكان غرس الأشجار في الجنوب، حين يدور الحديث عن أراضي الدولة، هو أمر يتحدث من تلقاء ذاته.

لا يوجد هنا يمين أو يسار. الكفاح في سبيل غرس الأشجار في الجنوب المنفلت، هو صراع على مستقبل النقب. ومع كل الاحترام لـ”الموحدة” ولحكومة الفسيفساء، فإن الإشكالية التي تسير على أطراف الأصابع في كل ما يتعلق بمعالجة البدو، إذا كنا نحب الحياة، فالويل لنا إذا ما قدم أي تنازل وتوقف غرس الأشجار.

نعم، حتى بثمن سقوط هذه الحكومة، فإن مستقبل جنوب الدولة في النقب أهم من حكومة غير قادرة على التصدي لهذه المشاكل. فقد حان الوقت، وإن كان متأخراً، لوقف هذه الفوضى في الجنوب. حان الوقت للقيام هناك بعلاج جذري أساسي وفوري. يجب تسوية موضوع أراضي البدو والقرى غير المعترف بها، والإيضاح لكل من يوجد هناك بأنهم يعيشون في دولة ذات قانون ونظام بل وشرطة تعالج كل مجرم.