أسطورة الجوع الفلسطينية: أنا احاصركم… وصدري باب كل الناس !

الخميس 06 يناير 2022 02:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
أسطورة الجوع الفلسطينية: أنا احاصركم… وصدري باب كل الناس !



كتب خالد شحام :

حيثما الحياة لا قيمة لها…. الموت احيانا هو ثمن لها… في كل أشكال الظلام المشرعة ودماء البشر المحللة ها هنا بنو صهيون أهلا بكم !… حيثما الكرامة تساوي العذاب والحرمان، حيثما البطولة تتولد من امهات صامدات…  ها هنا فلسطين المحتلة واهلا بكم في بلاد الزيتون وكروم العنب ومهد الأنبياء والشعب الذي يرفض أن  يموت!

 في هذا المكان الفريد من نوعه بمقدورك أن تكون واحدا من اثنين إما معززا مكرما بالرضى وقابلية التقزيم تحت بساطير المحتل، تقول نعم فتحيا في الطحين وبطاقات التموين وتقول نعم فتحيا في حفرة من حفر الملعونين ! ……….الخيار الثاني  تقول لا فتحيا في الجحيم! ثم تقول لا وتبقى من الخالدين، هناك أنت سجين الرضى في ضمير فلسطين تأكل جدران السجن من جلدك ولكنك غير خاضع لقوانين الموت لا في الدنيا ولا في الاخرة أنت خالد و ولكنك لا تخضع لقوانين الأحياء ، هنا معتقلات فلسطين .أنا أحاصركم وصدري باب لكل الناس.. أهلا بكم ومن قاعات الأسرى نرحب بكم وهشام أبو هواش مضيفكم ، ترحيب اضافي آخر لمن أراد درب الخلود والبقاء عزيزا مكرما قرب عروسه فلسطين وفي جنات النعيم!!
فلسطين الجديدة التي بنيت من بقايا الحرائق وخرابات البيوت وجماجم من اختاروا الذوبان في تفاصيل البلاد هي ما يسمى اليوم في خرائط الكذب عرفا باسرائيل الجديدة ، عدونا الذي يمتلك الطاقة الشمسية ويصدر ارقى الآزياء لدور اوروبا وينادي بحقوق الاقليات الدينية والعرقية شكل كيانه من القسوة المفرطة في حق الانسانية والدين والتاريخ وزاحم الشيطان على عرش الرذائل والفضلات الادمية ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، ابتكر من وسائل الموت والقتل اكثر مما تحتاجه البشرية جمعاء ، كل المعرفة العلمية والتقنية تحت يديه تم سخطها لتكون قزما في ذاكرة الفضيلة والقيم جمعاء لتكرس حياة مصطنعة آثمة لقوم شراذم ابتكروا لأنفسهم وطنا يأوي كذبة تاريخية اسمها اسرائيل ، عدو كهذا يعيش هاجس الخوف والتساؤل الأزلي في عقيدته منذ جاء إلى الدنيا.
ما عدد الخدع والمؤامرات التي يتوجب الاستمرار بها لضمان البقاء ؟ ماذا بعد التغلغل في افريقيا واسيا والذهاب بعيدا كي يبقى قريبا ؟ ما عدد المجازر والمعتقلات والجدران العازلة والسجون اللازمة لاستمرار الاكذوبة الضخمة ؟ ما هو التهديد الحقيقي وما مصدره ومن اين يمكن ان يأتي ؟ كم من الرؤوس النووية سيلزم ؟ هل تعرفون من يمكن ان يشكل مصدر التخويف والتهديد لهكذا عدو ، حتما أنكم تعرفون إنهم ليسوا من يسعون طلبا لارزاق السلام ويصطفون طوابير على صناديق بنوك الاحلام ، وهم حتما ليسوا من يسهرون على راحتكم في فنادق الضيافة لبدء مباحثات السلام و الاستسلام ، وقطعا هم ليسوا من تحجرت اعمارهم وارواحهم في النصب التذكارية قرب تمثال شارون وجولدامائير ونتنياهو من بعد ، وهي حتما ليست الصواريخ والقذائف الذرية المكدسة في حظائر الخيول الأصيلة العربية ، إنهم أولئك من يقبعون في قلب عدوكم وعدوي ، ومن لا ينام العدو ليلة قبل أن يضعهم خلف قضبانه لأنهم ليسوا مصدر للخوف والتهديد فقط بل هم الرعب والموت الذي يمشي على قدمين ويتمثل بشرا سويا ، هم اصحاب العمليات البطولية الاسطورية والاستشهادية ، ولآنهم خيرة ابناء فلسطين وخيرة عقول ما انتجت فلسطين فلا مكان لهم في معادلة الرعب سوى سجن يأويهم , إنهم من نسميهم بالأسرى و نحن الاسرى ، انهم ابطال فلسطين الذين ينتظرون وما بدلوا تبديلا ، هم أبطال دورة الكفاح وعقدة المقاومة القادمة والتي لا تنتهي ، في الرواية الامريكية والغربية هم من يوصفون بالارهابيين ، و في لفظ عرب الموالاة هم المتشددين ، أما في عيوننا فهم فوق النجوم وما دونهم نحن الذين نسبح في قاعدة السلسلة الغذائية بصحبة العوالق وأشباه الأحياء ثم اسفل سلم البطولات التاريخية .
كان ياما كان في قديم الزمان التواصل مع العدو الصهيوني جريمة فادحة تجلب سمة العار وحكما بالاعدام والنبوذ لصاحبها ، اليوم يعتبر التقرب من بنيامين وأهل اليمين انجازا رصين  ، وسبقا  دبلوماسيا وخدمة لفلسطين   ، صار التنسيق مع شاؤول دهاءا وذكاءا في العقول ، وصار الشعب الفلسطيني باحثا عن سلام ومحبة وأشكول ، وصار  إذلال شعب بأكمله ومسخ نضاله فرض معمول  ،أضحى الفساد والتسول والخيانة والرجعية والهمجية قدرا مرسوما ومأمول  ، جزيل الشكر للفريق الخلاق الذي أوصلنا لباب الجنة وخيام البؤس والتشرد نغترف من دنيا الهوان والمذلة حيث نصول ونجول   ، نعم سادتي المغتنمون كثر والشاقون في مناكب الأرض يجمعهم جيفارا وكسرة خبز جافة وقضبان سجن فولاذي أنيق ، وهذه هي حكاية ثورة شعب وشجرة زيتون ترفض أن تموت .
هنالك من لا زال على العهد وهنالك من لا زال يحمل روح المقاومة والنضال  لأجل بلاده واهله  ، ابناء فلسطين رياديون في الكفاح ومدرسة عالمية في فنون النضال ومبدعون في ضروب المقاومة والصبر فمن عملية الطائرة الشراعية إلى الحزام الناسف إلى عمليات الدهس والطعن والكارلو و معركة المعدة الخاوية كلها صفحات مشرقة يكتبها التاريخ لمن يفتدون أوطانهم بأعز ما يمتلكون وبكل ما يستطيعون ، الأسير البطل هشام أبو هواش ابن الخليل وابن الجهاد الإسلامي تمكن بالأمس فقط من خلال عزيمة أبناء فلسطين من كسر قيده وفرض التحرر على عدوه من خلال صمود أسطوري في الامتناع عن الطعام لأكثر من 142 يوما فقد خلالها نصف وزنه ولكنه زاد خلالها ضعف وزنه في الذاكرة والمحبة والتاريخ
طيلة شهور عاصفة غرقت ساحاتنا بالأحداث وضجيج الشعوب وكثافة الأخبار لكنها ساحات فارغة على سعاتها وأخبار ضائعة على جديتها لأنها بعيدة عن فلسطين ومنفية عن تراب فلسطين ، هي أحداث صامتة على علو صخبها وهديرها لأنها هاجرت عن طريق فلسطين وانحرفت إلى غير اليقين ، غرقنا في تسلية الموت طيلة سنوات وصراخ تمدد ملىء العيون والهواء كل يطالب بطعامه وشرابه ثم نسينا فلسطين ، نسينا التلال البعيدة الباكية والاحباب الناظرين في القرى والمدن ، نسينا من يذوقون العذاب ويتجرعون شراب العلقم ألوانا تحت سطوة الحراب القاسية ، نجري وراء سراب اسمه التعايش مع العدو والتفاوض على كسرة خبز وشربة ماء وما يفيض من دراهم ، في كل ذلك الزحام الضائع وضع الأبطال قدمهم من جديد في ساحة العالمية وأرجعوا اسم فلسطين ليكون قلب المعركة وأم المعارك وليس مجرد اسم لشعب يفاوض و يقبض و تنتهي الحكاية السلمية الناعمة .
في وقفة هشام  وكل  الاسرى الأبطال نسجل احترامنا لكل من تذكرهم وكل من يقف معهم ، كل من فعل أي شيء تضامنا معهم ، وكل من اعتصم وحمل يافطة تؤازرهم ، نشد على يد كل من يفكر بحالهم ويذكر محنتهم في أسرهم ويسجل العبارات لتخليد فعلتهم .
إلى أحبتي الذين يحرقون حياتهم في سجون العدو كي نبقى مبتسمين ، وإلى الصامدين في بيوتهم  رغم مكابدة المستوطنين  في بلادي  كي نبقى نردد ذات الأنشودة  ، إلى الذين اقتلعت أشجارهم ولا زالوا يحملون جرار الماء كي تنبت حقول القمح من جديد  ، إلى الذين حرمتهم الحياة الكهرباء والماء ولا بكت عليهم الأرض ولا السماء كي يستمر نسلنا في القفز خارج حدود البقاء ، إليكم جميعا  نعلن استحياءنا وتواضعنا فنحن الأسرى بين ثنايا الماء والكهرباء وأنتم الأحرار في أرواحكم ورغباتكم وأوطانكم !
إلى أبطالنا الخالدين في ذاكرة فلسطين ، إلى من جاع حتى نشبع ، وهزل حتى نسمن ، إلى من سقى فلسطين شربة ماء وحرم نفسه منها ، من ضحى بماله وجسده وروحه كي تبقى فلسطين حلمنا المقدس وعهدنا المورث ، إلى من صبر واحتسب وحاصر وحوصر ، نكتب لكم من جدران سجوننا الكبيرة كي تعطونا المزيد من الأمل والاحتمال والصبر من قلب سجونكم الصغيرة ، نكتب لكم رسائل المحبة والاجلال كي نكتسي بشيء من فائض الشرف الذي يغمر سيرتكم ويطوف باسمائكم ، ننادي اسماءكم ونلح على اسماعكم كي تستيقظ أرواحنا الحبيسة بمحبتكم وفضلكم وعظيم عطائكم ، عظم الله أجركم فينا وفي العروبة وفي المروءة والشهامة ، رحم الله أياما ولدت رجالا كانوا لفلسطين مجيبا و لأمثالكم نصيرا ، صبر جميل والله المستعان على ما يتآمرون !!