يتواصل جنون ارتفاع أسعار المنتجات والغلاء الفاحش في إسرائيل دون هوادة، فعلاوةً على ما أقرته الحكومة الإسرائيلية من ارتفاعٍ لأسعار الأدوات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، وارتفاع أسعار الخبز والطحين والحليب، وإقرار ضريبة السكر التي رفعت من أسعار المشروبات الخفيفة، أعلنت أيضًا بعض شركات الأغذية عن قرارها برفع أسعار منتوجاتها بدءًا من هذا الأسبوع.
تأتي موجة الغلاء في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية سببها جائحة “كورونا” وسياسات احتكار وإفقار حكومية تستهدف السلة الشرائية البسيطة للإسرائيليين والتي تتضمن سلعًا أساسية وضرورية.
ومن المرتقب أن تشهد أسعار الكهرباء والمحروقات مزيدًا من الارتفاع في إسرائيل، ليزداد الغلاء فوق الغلاء، ما يضيق الخناق بالأساس على فلسطينيي الداخل الذين يتصدرون معدلات الفقر والبطالة بحسب التقارير الأخيرة الصادرة عن مؤسسة التأمين الوطني في إسرائيل.
ويتصاعد التذمر والغضب في إسرائيل مع استمرار ارتفاع أسعار السلع والمنتجات واستغلال الشركات الكبرى، ما دفع الى قيام عدد من نشطاء بوضع ملصقات على منتوجات تابعة لشركة “أوسم” يدعون فيها الى مقاطعة الشركة التي أعلنت عن رفع الأسعار على منتوجاتها بنسبة تتراوح ما بين 3%-7%.
و”أوسم” واحدة من كبرى الشركات المُصنعة لسلع غذائية أساسية الاستهلاك في السوق الإسرائيلية.
ويعزو الخبير الاقتصادي وائل كريّم موجة الغلاء الى احتكار الشركات بسبب ضعف القدرة التنافسية في السوق الإسرائيلية وعدم تدخل الحكومة بتحديد الأسعار، ما قد يدفع شركات أخرى للحذو خلف “أوسم”، عوضًا عن الغلاء العالمي في النفط والشحن البحري الذي يساهم هو الآخر بتعميق مأساة الغلاء.
واستهجن كريم في حديث لـ “وفا” قائلًا: “لا يعقل أن يكون حال الأسعار في إسرائيل أعلى من معدل الأسعار في باريس ولندن بنسب رهيبة وفارق يصل 28% في سلة المستهلكات العادية”.
وعلى صعيد مرتبط، صُنفت مدينة تل ابيب مؤخرًا كأغلى مدينة في العالم لتحل باريس وسنغافورة من بعدها في الترتيب، وفق مجلة “ذي ايكونوميسيت”.
وفي سياق متصل، لا يزال الحد الأدنى للأجور في إسرائيل على حاله منذ سنينٍ طوال، والذي يراوح عند 29.2 شيقل للساعة ومعدل 5300 شيقل شهريًا، لتزداد المطالب برفعه بما يتلاءم على الأقل مع مستوى الغلاء المعيشي الحاصل.
يذكر أيضًا أن ارتفاع الشقق السكنية والعقارات لا يتوقف عند حد معين، وهو بتصاعد حاد حيث أصبح شراء شقة سكنية حلمًا صعب المنال للأزواج الشابة في إسرائيل.
وكانت إسرائيل قد شهدت احتجاجات واسعة النطاق بشأن الأسعار في عام 2011 على خلفية ارتفاع أسعار جبنة “كوتج”، وهو غذاء إسرائيلي أساسي، لتنطلق حينها الشرارة الأولى التي أشعلت ما يعرف بالاحتجاج الكبير أو “ثورة الخيام” والتي قادها غضب الإسرائيليين من الزيادات الحادة في الإيجارات وغلاء المعيشة، حتى وصل بهم الأمر الى نصب الخيام والاعتصام في شوارع مدينة تل ابيب، لينضم آنذاك عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في جميع أنحاء إسرائيل، مرددين الهتافات المطالبة بالعدالة الاجتماعية، إلا أن هذا الحراك لم يحقق مراده وظلت الأسعار بارتفاع الى اليوم رغم الوعود الحكومية المتكررة.