يوسي بيلين: ما الرد على الأصوات الإسرائيلية المنادية “اتركوا السلطة الفلسطينية تسقط”؟

الثلاثاء 28 ديسمبر 2021 09:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
يوسي بيلين: ما الرد على الأصوات الإسرائيلية المنادية “اتركوا السلطة الفلسطينية تسقط”؟



القدس المحتلة / سما /

إسرائيل اليوم - بقلم: يوسي بيلين أحد كبار المسؤولين الاسرائيليين، والمفاوض الإسرائيلي خلال اتفاقات أوسلو وأبرز مهندسيها    

فكرة “الأردن هو فلسطين” لم تمت، ولا يزال هناك من يؤمن بأنها الحل الأفضل من ناحية إسرائيل: الأسرة الهاشمية تميل إلى السقوط. وفي مرحلة ما، كاد هذا يحصل في أيلول 1970) سيثور عليها الفلسطينيون ويقيمون دولة فلسطينية في الضفة الشرقية، على مساحة أكبر من 90 ألف كيلومتر مربع. وعلى فور ذلك، تضم إسرائيل الضفة الغربية، ويأتي الخلاص إلى صهيون: للفلسطينيين دولة خاصة بهم، والعالم يتركنا لحالنا، وبلاد إسرائيل الكاملة تكون لنا.

المشكلة أن هذه الرؤيا الشوهاء حتى لو تحققت، ستكون أغلبية فلسطينية تحت حكم أقلية يهودية، وهذه وضعية لن يتمكن من هضمها كل من يرى نفسه صهيونياً وديمقراطياً، ولا العالم أيضاً. وجود الأردن كدولة مستقلة وذات سيادة هو مصلحة صرفة لإسرائيل، الأردن يمنحنا عمقاً استراتيجياً مهماً منذ قيام اتفاق السلام معه في 1994. والحكم الأردني في خوف وجودي دائم، وإسرائيل قلقة معه، وفعلت غير قليل على مدى الأجيال الأخيرة كي تضمنه وتتأكد من أنه قابل للوجود.

السلطة الفلسطينية، التي كان مقرراً لها أن تكون لخمس سنوات، والتي حظيت من حكومات إسرائيل، ممن لم تكن ترغب في الوصول إلى التسوية الدائمة، بطول حياة مبالغ فيها، أصبحت حلاً مريحاً لحكومات اليمين؛ فمن جهة لم تقسم البلاد، ومن جهة أخرى بات كل نواقص الفلسطينيين ملقاة على الدول المانحة، بينما كنا انسحبنا من العناية اليومية لشؤونهم. من على صفحات هذه الصحيفة، اقترح آفي بارئيلي، الأحد من هذا الأسبوع، على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ألا تعزز قوة السلطة وأن تسمح لها بالسقوط، ثم تتصدى لحماس الساعية لحكم الضفة الغربية، مثلما فعلت في غزة.

ليس لدي الكثير من الكلمات الطيبة عن السلطة الفلسطينية. هي بالفعل ضعيفة، فشلت في محاولة إقامة “دولة على الطريق”، مع أجهزة حكم مناسبة، هي بعيدة عن أن تكون كياناً ديمقراطياً وتربض فوقها سحابة فساد غير صغيرة. نفهم بعضاً من تفسيراتها عن مصاعب بناء ديمقراطية تحت الاحتلال، ولكن لا يمكن اتهام الاحتلال في كل شيء.

من له مصلحة في التهديد بحل السلطة الفلسطينية، في ظل عدم وجود مسيرة سياسية، هي القيادة الفلسطينية بعلمها بأنه الأمر الأخير الذي تعدّ حكومة إسرائيل هذه، كسابقتها، معنية به. فتلقي المسؤولية المباشرة عن كل أجهزة الحكم الفلسطيني، هو وجع رأس باهظ الثمن، ولهذا فإن توصية بارئيل سترفض، على ما يبدو، من أصحاب القرار.

وهذا ليس موضوع مال فحسب، ومساعدة السلطة الفلسطينية غير أحادية الجانب، والتنسيق الأمني يعمل على مستوى عالٍ، وسقوط السلطة الفلسطينية وسيطرتنا على الضفة الغربية بعد صراع دموي مع حماس، ستبقينا في واقع الدولة الواحدة التي لن يكون اليهود أغلبية فيها، وهذا أيضاً لا يريده بارئيلي.