بعد عامين من ظهوره... دراسة أمريكية تكشف حقائق جديدة ومثيرة للقلق حول فيروس كورونا

الأحد 26 ديسمبر 2021 03:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
بعد عامين من ظهوره... دراسة أمريكية تكشف حقائق جديدة ومثيرة للقلق حول فيروس كورونا



واشنطن /سما/

خلصت دراسة حديثة إلى أن الفيروس التاجي "سارس كوف 2" المسبب لمرض "كوفيد 19"، يمكنه الانتشار خلال أيام من الشعب الهوائية إلى القلب والدماغ وتقريبا كل عضو في الجسم، وقد يظل نشطا لأشهر.

وفي ما وصفه العلماء بأنه التحليل الأكثر شمولا حتى الآن حول انتشار الفيروس ومدة استمراره في الجسم والدماغ، قال باحثون في معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، إنهم خلصوا إلى أن العامل الممرض قادر على التكاثر في الخلايا البشرية خارج الجهاز التنفسي، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ".

تشير النتائج، التي نُشرت عبر الإنترنت يوم السبت في ورقة لا زالت قيد المراجعة للنشر في مجلة "نيتشر"، وتتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لظهور الفيروس، إلى تأخر إزالة الفيروس كمساهم محتمل في الأعراض المستمرة التي تدمر ما يسمى بـ"مرضى كوفيد لفترات طويلة".

وقال مؤلفو الدراسة إن فهم الآليات التي يستمر بها الفيروس (داخل الجسم)، إلى جانب استجابة الجسم لأي خزان فيروسي، يعد بالمساعدة في تحسين رعاية المصابين.

من جانبه أوضح زياد العلي، مدير مركز علم الأوبئة الإكلينيكي في نظام الرعاية الصحية لشؤون المحاربين القدامى في ولاية ميسوري، والذي قاد دراسات منفصلة حول الآثار طويلة المدى للفيروس هذه الدراسة تشكل "عملا مهما للغاية"

وأضاف: "لفترة طويلة حتى الآن، كنا نخدش رؤوسنا ونتساءل لماذا يبدو أن إصابات كوفيد الممتدة طويلا تؤثر على العديد من أنظمة الأعضاء، لكن هذه الورقة تلقي بعض الضوء، وقد تساعد في تفسير سبب حدوث الإصابات الممتدة حتى في الأشخاص الذين يعانون من مرض حاد خفيف أو دون أعراض".

لم تراجع النتائج بعد من قبل علماء مستقلين، لكن على أي حال؛ تستند في الدراسة إلى البيانات جمعت من حالات"كوفيد" المميتة، وليس المرضى الذين يعانون من إصابات ممتدة أو التي يطلق عليها أيضا "مضاعفات ما بعد الإصابات الحادة".

نتائج خلافية

القول بإن فيروس كورونا يميل إلى إصابة الخلايا خارج المسالك الهوائية والرئتين كان موضع خلاف مستمر، وقدمت العديد من الدراسات أدلة تؤيد وتعارض هذا الاحتمال.
لكن البحث الذي أجرته المعاهد الوطنية للصحة في بيثيسدا بولاية ماريلاند، استند إلى أخذ عينات وتحليل مكثف للأنسجة المأخوذة أثناء تشريح الجثث على 44 مريضا ماتوا بعد الإصابة بفيروس كورونا خلال السنة الأولى من الوباء في الولايات المتحدة.

وكتب دانييل تشيرتو، الذي يدير قسم مسببات الأمراض الناشئة في المعاهد الوطنية للصحة، وزملاؤه، أن عبء العدوى خارج الجهاز التنفسي ووقت إزالة الفيروس لم يتم تحديده بشكل جيد، خاصة في الدماغ.

واكتشفت المجموعة استمرار الحمض النووي للفيروس في أجزاء متعددة من الجسم، بما في ذلك جميع أنحاء الدماغ، لمدة تصل إلى 230 يوما بعد ظهور الأعراض.

وعلى عكس الأبحاث التي استندت إلى تشريح جثث ضحايا كوفيد الأخرى، كانت مجموعة الأنسجة بعد الوفاة لفريق المعاهد الوطنية للصحة أكثر شمولا وتؤخذ عادة في غضون يوم واحد تقريبا من وفاة المريض.

اكتشافات مفيدة ومقلقة

قال المؤلفون: "تُظهر نتائجنا بشكل جماعي أنه في حين أن العبء الأكبر للفيروس يقع في الشعب الهوائية والرئة، فإنه قادر على الانتشار مبكرا أثناء العدوى وإصابة الخلايا في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك وعلى نطاق واسع- جميع أنحاء الدماغ".

يفترض الباحثون أن العدوى التي تصيب الجهاز الرئوي قد تؤدي إلى مرحلة مبكرة من "الانتشار الفيروسي"، حيث يكون الفيروس موجودا في مجرى الدم ويتم زرع بذوره في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك عبر الحاجز الدموي الدماغي، حتى في المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة أو دون أعراض.

وقال العلماء إن أحد المرضى في دراسة تشريح الجثة كان شابا يافعا مات على الأرجح من مضاعفات النوبات غير ذات الصلة، مما يشير إلى أن الأطفال المصابين دون أعراض حادة يمكن أن يتعرضوا أيضا لعدوى بالأجهزة.

من جانبه أوضح العلي أن التركيز على مشاكل الدماغ المرتبطة بالعدوى، تساعد العلماء في فهم التدهور المعرفي العصبي أو ما يعرف بـ"ضباب الدماغ" وغيرها من المظاهر العصبية والنفسية لإصابات كوفيد الممتدة.

وختم: "نحن بحاجة إلى البدء بالتفكير في المرض كفيروس جهازي، قد يتخلص منه بعض الأشخاص، ولكن في البعض الآخر، قد يستمر لأسابيع أو شهور وينتج عنه أعراضا ممتدة - وهو اضطراب شامل متعدد الأوجه".