قال المختص في شؤون الاسرى عبد الناصر عوني فروانة ان الاسير "محمد الحلبي"، المعتقل منذ خمس سنوات ونصف في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قُدم لجلسة المحاكمة (167) مرة، دون اعتراف منه بالتهم المنسوبة إليه.
واكد انها تُعتبر المحاكمة الأطول في سجل تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة من حيث عدد مرات جلسات المحاكمةولربما تكون كذلك على مستوى العالم. مما يجعلنا أن نُطلق عليها "محاكمة القرن".
واضاف في تصريح صحفي:"لقد سُجل منذ العام 1967 نحو مليون حالة اعتقال في صفوف الفلسطينيين، ذكوراً واناثا، صغاراً وكباراً، وأن مئات الآلاف منهم على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، قُدموا لمحاكمات غير عادلة، لمرة واحدة أو لعدة مرات، وصدر بحقهم أحكاماً مختلفة تصل الى السجن المؤبد المفتوح (مدى الحياة)، لمرة واحدة أو لمرات عديدة، إلا أنني لم أجد في قاموس الحركة الأسيرة وسجلها الطويل ما يشير الى أن هناك من بين المعتقلين من عُرض على المحاكمة بهذا الكم من المحاكمات. فهل من قضاء في العالم أكثر ظلماً وقهراً وانتهاكاً لحقوق الإنسان من محاكم الاحتلال الإسرائيلي التي هي جزء من قضاء قوامه الظلم والتمييز وتدمير مستقبل الشعب الفلسطيني..؟".
واكد إن ما يجري بحق المعتقل "محمد الحلبي" يشكل جريمة، وان عجز المؤسسات الدولية في الانتصار له والافراج عنه، يضع علامات استفهام عديدة ويثير الكثير من التساؤلات. وأن غياب ما يُسمى في عالم اليوم، بالعدالة الدولية، في الملاحقة والمحاسبة، شجّع اسرائيل كقوة احتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين عامة والمعتقلين خاصة وتعزيز ثقافة "الافلات من العقاب" لدى كل الإسرائيليين. هذه هي الحقيقة المرّة.
واعتبر ان الجريمة المستمرة بحق المعتقل "الحلبي"، هي واحدة من جرائم كثيرة وكثيرة جداً شارك في تنفيذها كثير من الحقوقيين الإسرائيليين الذين يدعون القانون ونزاهة العدالة في دولة تدعي الديمقراطية. لذا فالقضية تستدعي تدخل رجال القانون في فلسطين ومؤسسات حقوق الإنسان في الوطن العربي ودعاة الديمقراطية والعدالة القضائية وضمان المحاكمات العادلة في العالم أجمع. فجميع هؤلاء مطالبون بتحرك جدي، وإبداء موقف واضح، وتسجيل كلمة جريئة، واطلاق صرخة صادحة، لإيقاظ الضمير الإنساني، والبدء بخطوات الى الأمام. فلم يعد الصمت مقبولاً، فالكلمة مهمة والفعل المؤثر والضاغط ضروري في مواجهة القضاء الاسرائيلي الظالم. هذا القضاء الذي يُعتبر الأكثر قهراً في العالم، والأكثر انحدارا بانحيازه لجانب الجلاد ضد الضحايا الفلسطينيين، وهو الأقل احتراما لحقوق الإنسان الفلسطيني.
وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلت المواطن "محمد الحلبي" بتاريخ 15حزيران/يونيو عام 2016، خلال تنقله عبر معبر بيت حانون/ايرز (شمال قطاع غزة)، وزجت به في زنازين سجونها المعتمة، ومارست بحقه أبشع انواع التعذيب، في إطار استهدافها المتعمد للمؤسسات الدولية التي تُعنى بالشؤون الإنسانية للمواطنين في قطاع غزة، بغرض انتزاع اعتراف منه يدينه بالتهم الموجهة له بتمويل اشخاص يتبعون لمنظمات فلسطينية عبر المؤسسة التي كان يديرها، حيث كان يعمل المهندس محمد الحلبي(44 عاما) مديراً لمؤسسة الرؤية العالمية الأمريكية Worldvision في قطاع غزة، وهي متخصصة في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
ورأي ان اتهام "الحلبي"، جائر وظالم، ويندرج في إطار استهداف المؤسسات الدولية التي تتبنى مشاريع انسانية في قطاع غزة وملاحقتها والضغط على الدول الممولة لها، في ظل استمرار الحصار المضروب على القطاع، بهدف اغلاقها وايقاف عملها، أو على الأقل تحييدها وحرف بوصلتها وتغيير اهتماماتها، واستمرار وجودها وفقا لشروط الاحتلال.
ويسكن الحلبي مع أسرته في غزة، وحاصل على شهادة ماجستير هندسة مدنية، ومتزوج ولديه خمسة أبناء هم: خليل(16عاما)، وعاصم (15عاما)، وعمرو(12أعوام)، ورتال (8أعوام)، وأصغرهم فارس الذي يبلغ من العمر (6أعوام). وقد كر على اعتقاله خمس سنوات ونصف، ويقبع الآن في سجن "ريمون" الإسرائيلي في صحراء النقب.
وعلى مدار فترة سجنه، تعرض المعتقل (محمد الحلبي) إلى أشكال مختلفة من التعذيب، الجسدي والنفسي، وما زالت سلطات الاحتلال تتعمد تعذيبه وايذائه، بدءا باستمرار اعتقاله وسوء ظروف احتجازه ومعاملته، مروراً بمشقة التنقلات وقسوتها من وإلى المحاكم عبر ما تُسمى "البوسطة"، وليس انتهاءً بحرمانه من رؤية والده وزوجته وأفراد أسرته جراء منعهم من زيارته بذريعة "المنع الأمني" تارة، و"كورونا" تارة أخرى.
واعتبر ان الدفاع عن "الحلبي"، ليس واجبا وطنيا وحقوقيا وانسانيا فقط، وانما ضرورة مهمة للدفاع عن أبجديات حقوق الإنسان والعمل الإنساني في فلسطين، وفضح الممارسات الإسرائيلية بحق مؤسسات المجتمع المدني والناشطين في مجال العمل الإنساني.