أمام تهديد “النووي الإيراني”… كيف ستواجه إسرائيل تحديات 2022؟

السبت 18 ديسمبر 2021 06:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
أمام تهديد “النووي الإيراني”… كيف ستواجه إسرائيل تحديات 2022؟



القدس المحتلة / سما /

إسرائيل اليوم - بقلم: مئير بن شباط                  "الوضع الاستراتيجي الإسرائيلي عشية حلول السنة المدنية الجديدة جيد، ولكنه هش وكثير التحديات.

“جيد”- لأن إسرائيل تنهي العام 2021 رغم الأحداث، بينما مكانتها الاقتصادية متينة، واقتصادها قوي ومستقر، وقوتها العسكرية غير موضع شك، وما زالت تتمتع بثمار إنجازاتها السياسية من صورة قوتها الأمنية الشاملة، ومزاياها كأمة استحداث وحداثة تكنولوجية.

“هش”- لأنها في ضوء عدد كبير من المسائل القابلة للانفجار، ثمة علاقة بين هذه المسائل والآثار العربية لكل واحدة منها، وعلى رأسها مسألة النووي الإيراني: الاقتراب من نقطة الحسم والتوتر المتزايد حولها، في الملعب السياسي ولا سيما الأمني.

“كثيرة التحديات” – وهو وصف يتميز به وضع إسرائيل العام بشكل ثابت، وينطوي هذه المرة على صعوبة تصرف وفقاً لمبادئ التفضيل التي وجهت الخطى في الماضي، عقب الحاجة إلى التصرف برقة وبتركيز زائد، من المستوى الاستراتيجي وحتى المستوى العملي. تحدٍ بحد ذاته هو اتخاذ القرارات إزاء بعض من المسائل في إطار المنظومة الإسرائيلية، في ضوء خلافات الرأي حول طاولة المباحثات.

يعدّ تراص المجتمع الإسرائيلي شرطاً ضرورياً لمناعتها القومية. الأمر صحيح في كل وقت، فما بالك بالاختبارات التي من شأن الواقع السياسي الأمني أن يستدعيها لنا. التوتر في العلاقات التي بين العرب واليهود في المدن المختلطة منذ أحداث “حارس الأسوار”، وإحساس الإحباط والهبوط في الأمن الشخصي في ضوء ضعف الحوكمة وتعاظم الجريمة الشديدة في الوسط العربي، كل هذا خلق شروخاً جديدة وعمق تلك السابقة، جراء الاستقطاب الداخلي. صورة الوضع في هذا الموضوع تستوجب تغييراً في النهج ووضع المعالجة لذلك ضمن الأهداف الأولى للحكومة في السنة القادمة.

تهديد وجودي لإسرائيل

ما الغاية؟ إلى أين ينبغي توجيه الجهود؟

أولاً – تثبيت دولة إسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية، قوية، آمنة ومزدهرة. وهذا هو الهدف الأسمى الذي ينبغي أن يوجه جهود الدولة، ويشكل بوصلة لتحديد أهداف ملموسة بشأن تخطيطها وتنفيذها، في كل المجالات. تعكس هذه الصيغة رغبة للالتصاق بالمستوى العملي، ولكنه لا يستبعد البحث اللازم في المسائل الكبرى: الهوية، الغاية والرؤيا.

ثانياً – منع تحول إيران إلى دولة حافة نووية. كما أسلفنا، ثمة جهد على رأس تحديات إسرائيل مع حلول العام 2022 لمنع تحول إيران إلى دولة نووية، أو حافة. وبالتعريف البسيط، فإن “دولة حافة” هي دولة لها تكنولوجيا وقدرة عملية لبناء سلاح نووي، لكنها لم تنفذ ذلك بعد.

لماذا يعد البرنامج النووي مهماً لإيران لدرجة الاستعداد للمخاطر بدفع أثمان باهظة لا تحتمل؟ يمكن إيجاز الجواب بكلمتين: البقاء، والرؤيا.

تسعى إيران إلى سلاح نووي حتى تضمن نظام آية الله في وجه تدخل عسكري خارجي لإسقاطه. بقاء النظام هو الضمانة لئلا تكون الثورة الإسلامية في الرؤية التاريخية بمثابة لحظة عابرة. بقاء النظام هو الأداة الأساس لتحقيق رؤياه الطموحة.

السلاح النووي، أو حتى مكانة دولة حافة، يمكنهما أن يسمحا لإيران بحرية عمل في خطواتها التآمرية وفي برامجها لتثبيت هيمنة إيرانية في المنطقة. يمكنها أن تستخدم قوات تابعة برعاية الردع الذي سيضاف إليها، وستتمتع بمكانة عالمية محسنة، ومن زيادة قدرة المساومة لديها في مسائل مختلفة. وجود سلاح نووي في يد إيران هو تهديد وجودي لإسرائيل.

لا ينبغي القبول، ولو فرضاً، بأن إيران ستتصرف بشكل عقلاني في كل زمن وفي كل سيناريو، أو أن اعتبارات الربح والخسارة ستمنعها دوماً من ضرب إسرائيل مباشرة. فتشبيهها لإسرائيل بالورم السرطاني وتهديداتها المتواترة لإبادتها إنما يعكس نمطاً وموقفاً عميقا تجاهها.

لا حاجة للخيال منفلت العقال كي نرسم سيناريو يُخلق فيه اضطراب داخلي شديد في إيران يؤدي بالقيادة إلى التقدير بأن النظام قريب من نهايته، إغراءً، قبل لحظة من السقوط، لاستخدام السلاح النووي الذي تحت تصرفه، مثابة “عليّ وعلى عدوي الشيطان الصغير يا رب”.

ولكن حتى بدون السيناريو المهدد المتمثل بإلقاء قنبلة، فتهديد إسرائيل لا يطاق. فمكانة دولة نووية ستسمح لإيران بتحريك قواتها التابعة لتنفيذ هجمات تقليدية مكثفة ضد خصومها دون أن تخشى من رد عسكري عليها. يمكن لإيران أن تنظر من الجانب بأمان، وترى فروعها يناوشون خصومها بنار مستمرة بآلاف الصواريخ. يمكن للأمور أن تكون صحيحة بالنسبة لـ”حزب الله”، وللحوثيين، وللميليشيات المختلفة المدعومة من إيران.

كما أن تحول إيران إلى دولة نووية أو “دولة حافة” سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في المنطقة كلها؛ لأن كلاً من مصر، والسعودية، وتركيا ودول أخرى لن تقف جانباً. تقصر اليراعة عن وصف عرض تداعيات مثل هذه المسيرة. الهدوء والاستقرار لن يكونا في القائمة.

لهذا، لا ينبغي الموافقة على نهج مستعد لاحتواء إيران نووية. على إسرائيل أن تصر على مطلبها بخطوات تمنع إيران من أن تكون دولة حافة نووية.

لا يزال الضغط فاعلاً

الاتفاق وسيلة، لا غاية! ولن يكون ذا صلة إلا إذا تضمن تعهدات وخطوات وآليات تضمن تحقيق الغاية، وإلا فإنه يشبه دواء غير ملائم للمرض: ندفع عليه ثمناً، يزرع أملاً عابثاً بالشفاء، ويعطي جهوداً لإيجاد بدائل، وفي نهاية المطاف – تتواصل المعاناة، سواء من المرض أم من الأعراض الجانبية.

ما من شيء يحث إيران على الإسراع للوصول إلى اتفاقات، وليس سوى خيار عسكري مصداق وضغط اقتصادي شديد يمكنهما أن يكونا حجة مقنعة. ليس هناك مثال على برنامج نووي تم تفكيكه دون ضغط أو إكراه.

صحيح، لم يؤدِ الضغط حتى الآن بإيران إلى نقطة انكسار، ولكن ليس في هذا ما يشهد على نجاعته. فالوسائل التي استخدمت لم تستنفد، وإمكانية تغيير الحكم في الولايات المتحدة أنارت للإيرانيين الأفق وزرعت فيهم الأمل. وعلى هذه الخلفية، قد تكون أداة العقوبات في يد إدارة بايدن رافعة أقوى مما كانت في الإدارة السابقة؛ لأنها ستلقى اقتصاداً إيرانياً مرضوضاً، وفي ضوء التأثير المعنوي الذي سيكون لها على سبيل إغلاق فتحة الأمل.

إن الحوار بين إسرائيل والولايات المتحدة يجب أن يستمر في كل القنوات وكل المواضيع ولكل السيناريوهات، للمدى الفوري وللمديات الأطول. وإلى ذلك، على إسرائيل أن تبقي حرية عملها وحرية الإعراب عن موقفها. يجب أن يجرى نقاش حول المسائل العملياتية في المنتديات الداخلية المناسبة. ليس صحيحاً خوضه في وسائل الإعلام، وليس صحيحاً التطوع بالمعلومات لأعدائنا.

إبعاد قوى محور الشر

دحر إيران عن سوريا تحد إضافي في مستهل العام 2022.

إن المعركة السياسية – الأمنية لمنع تموضع إيران حققت نتائجها. وينبغي تقدير احتمالات تسوية سياسية تؤدي إلى إبعاد مطلق لقوى المحور الشيعي عن هذه الدولة. تسوية كهذه يجب أن تمر عبر اتفاق أمريكي – روسي، تنضم إليها الدول السنية وتركيا. على خلفية التوتر في العلاقات الأمريكية – الروسية، يبدو أن سوريا توفر لهما فرصة لتحقيق إنجاز مشترك: حل دبلوماسي لنزاع معقد ومضرج بالدماء. ماذا تتضمن التسوية؟ رؤية إسرائيل في قلب التسوية، والتزام بإخراج القوات الأجنبية التي دخلت سوريا بعد 2011 (تعريف يتضمن إيران وفروعها)، وآليات رقابة وإشراف على المعابر والحدود، ومنع تموضع محافل إرهاب إسلامية، والحفاظ على اتفاقات الفصل من العام 1974.