رأى المحامي ورجل القانون محمد هادية المدير التنفيذي لمؤسسة ACT لحل النزاعات أن اللجوء للوساطة والتحكيم لحل النزاعات يمثلان البدائل الأمثل عن اللجوء للمحاكم وعن استخدام العنف خارج دائرة القانون. فيهما تتوفر ضمانات العدالة الرئيسية، والسرعة، والتخصص، والسرية، والإقتصاد في النفقات. هذه الوسائل تحتاج في مجتمعنا الى بناء تراكمي وتحضير وتوعية مجتمعية ونفس طويل حيث انه رغم صدور قانون التحكيم الفلسطيني قبل 21 عاما الا انه لم يجد مكانه حتى الآن كآلية ملزمة لحل النزاعات، والسبب الأساسي في ذلك ضعف التوعية بخصائصه ومميزاته، حيث لا زال الناس لا يميزون بينه وبين القضاء العشائري على سبيل المثال، رغم أنه يشبه القضاء من حيث إجراءاته وآثاره القانونية.
وأوضح هادية أن نسبة عالية من النزاعات والخلافات المجتمعية التي يلجأ أطرافها إلى العنف كوسيلة للتعامل معها، هي مشاكل في أغلبها بسيطة، وهي موجودة في كل المجتمعات في المنطقة والعالم، إلا أن ما يفاقمها ويخرجها عن دائرة السيطرة ويجعل منها تهديدا للمجتمع ولحالة السلم الأهلي هو العنف المستخدم فيها. إضافة إلى انتشار السلاح غير المرخص بشكل مثير للريبة، وهو ما يضعنا أمام تحد خطير يتعلق بمسؤولية أجهزة إنفاذ القانون عن توفير الحماية والأمن للمواطنين. في مدينة القدس المحتلة مثلا، ينتشر ويستخدم السلاح بشكل جنوني، في خلاف على موقف سيارة، على تزمير بالشارع، على نزاع متعلق بالميراث، بالبيع، بالمعاملات التجارية. كل الخلافات مهما صغرت من الممكن أن تسمع عن إصابات وضحايا نتيجة استخدام هذا السلاح. سلطات الإحتلال تعرف المشكلة، ونتائجها، وأبعادها، ولكنها لا تتخذ أي إجراء للسيطرة عليها.
واوضح هادية ان هذا الواقع يتطلب ويستلزم من الجميع، جهات رسمية وأهلية ومجتمع محلي وتربويين وأكاديميين وإعلاميين ورجال دين ومهنيين وأفراد، العمل على تعزيز ثقافة احترام سيادة القانون وحماية السلم الأهلي، ونشر قيم التسامح والتراحم والتضامن ونبذ العنف، واللجوء الى الوسائل القانونية لحل النزاعات. الوساطة مثلا تقدم منهجاً تسووياً يساعد أطراف النزاع على الحوار والتفاوض حول مصالحهم المشتركة، يدير عملية الوساطة شخص مؤهل، محايد، يستمع الى أطراف النزاع، ويساعدهم على تحديد مشكلاتهم وفهم احتياجاتهم، والوصول لحلول تحقق لهم الربح المشترك دون خسائر في الأرواح أو دون ضغينة وحقد وكراهية. في الوساطة لا يوجد رابح وخاسر. كلا الطرفين رابحان.
وكان هادية قد استعرض الحاجة المتزايدة التي ادت الى اطلاق مؤسسة ACT لحل النزاعات قبل نحو 5 سنوات، حيث تستمر الحاجة لتوفير خيارات وبدائل امام المواطنين في حالات مواجهتهم للنزاعات. كانت الخيارات دائما محصورة اما بالمحاكم، او ما يعرف ب” اقتضاء الحق بالذات “، ويعني استخدام القوة والعنف لتحصيل الحقوق . قدمت ACT الوساطة والتحكيم كخيارات اضافية وبديلة عن خيار العنف المرفوض اصلا.
في التحكيم، الذي يمكن تعريفه بأنه وسيلة غير رسمية لفض نزاع قائم بين أطرافه وذلك بطرح موضوع النزاع أمام هيئة التحكيم للفصل فيه سواء أكانت الجهة التي ستتولى إجراءات اَلتَّحْكِيم بمقتضى اتفاق الطرفين فرداً أو مركزاً دائماً للتحكيم، يعمل المحكم، المحايد، والمدرب كقاض مسؤول عن حل النزاع. على غرار الدعوى القضائية، يستمع المحكم إلى الحجج والأدلة، ثم يصدر قراراً ملزماً. إجراءات التحكيم سرية، والحكم الصادر ملزم لأطراف النزاع.
وفي الوساطة التي يمكن تعريفها بأنها عملية طوعية، وسرية، يحاول فيها أطراف النزاع، بمساعدة طرف ثالث محايد يسمى الوسيط، التوصل إلى اتفاق، دون أن يكون للوسيط أي سلطة في فرض الحل، يعمل الوسيط، المحايد، والمدرب لمساعدة أطراف النزاع على الوصول إلى اتفاق من تلقاء أنفسهم. بدلاً من فرض حل، يحاول الوسيط إشراك الأطراف بشكل أعمق في القضايا المطروحة. بمساعدة الوسيط ، يتوصل أطراف النزاع بشكل مثالي إلى اتفاق مستدام وطوعي وغير ملزم في كثير من الأحيان.
وأشار إلى أن هذه الوسائل منظمة من الناحية القانونية، ويمكن لأطراف النزاع الثقة بها وبإجراءاتها، ولكن عليهم التأكد من قدرة وكفاءة الأشخاص الذين يتولون مهمة الوساطة أو التحكيم في حل نزاعاتهم.
ووصف المهندس سامر نسيبة صاحب الدار الثقافية، ان ACT مؤسسة رائدة في التحكيم والوساطة.


