افتتح المجلس الأعلى للإبداع والتميز، اليوم الثلاثاء، بمدينة البيرة، برعاية الرئيس محمود عباس، أعمال المنتدى الوطني السادس بعنوان” التحول نحو الإبداع”.
ويأتي المنتدى الذي يعقد على مدار يومين، متزامنا مع تأسيس “المجمع الوطني للإبداع والتميز”، كأحد أهم المحطات في التحول الوطني نحو تعزيز ركائز الإبداع والابتكار، وتفعيل منظوماتها، وضمان مشاركة كافة القطاعات التنموية.
وقال نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، في كلمته بالنيابة عن الرئيس، إن المجلس وضع دولة فلسطين على المستوى الدولي عبر هذه المنتديات، وعبر عضويتها في معظم المؤسسات الدولية التي تعنى بالإبداع والتميز.
وأضاف: لم تمضِ سوى أسابيع قليلة عندما خاطبتكم في مناسبة سابقة كانت بعنوان “علماؤنا في الخارج”، واليوم تديرون حلقات البحث والنقاش وتنظمون المعارض، وتعرضون التجارب التي حققها أبناؤنا المبدعون والمبتكرون.
وقال أبو عمرو إن هذا المنتدى يعرض رؤية المجلس لدولة فلسطين 2020-2030، الأمر الذي يدل على انتهاجه لأسلوب التخطيط واستشراف المستقبل، مؤكدا أننا وضعنا سابقًا أهداف ورؤية للمجلس، باحتضان المبدعات والمبدعين، والرياديات والرياديين، وكيفية تذليل العقبات والصعاب التي قد تواجههم في مسيرتهم الريادية، واليوم نشهد الفرص التي يقدمها لأبناء شعبنا، ومنظومة الإبداع والريادة التي تضمن العبور الى المستقبل، وتحويل الأفكار والاختراعات الى إنجازات.
وعبر أبو عمرو عن فخره بالمجلس، والتميز الذي رسم مسيرة تنموية للمبدعين والرياديين والمجتمع الفلسطيني، ووضع الأسس لخارطة طريق نحو دولة متقدمة ومبدعة، وبناء اقتصاد المعرفة الذي نمتاز به من خلال هذه العقول النيرة، لنستعيض بذلك عن محدودية مصادرنا الطبيعية.
وقال إن الإبداع حاضر في كافة المشاريع والشركات الناشئة، وهي تشق الطريق نحو العالمية في مضمار الابداع والتميز، ولتكون فلسطين نموذجا يحتذى به في الابداع والقيادة، وقدوة في تحفيز الفكر الجديد الذي يواكب روح العصر، وإتاحة المجال أمام كل طاقة خلاقة تسهم في تعزيز مسيرتنا نحو المستقبل.
وثمن أبو عمرو “الفكرة الخلاقة وأسلوب العمل المبدع الذي اعتدنا عليه من المجلس، وقدرته على تقديم مبادرات نوعية تواكب التقدم المستمر، وتدفع الشباب الريادي الى الأمام، وتعكس الطبيعة الخاصة التي لطالما ميزت دولة فلسطين كمنارة للإشعاع الابداعي، ومركز رئيس لتشجيع التميز بمختلف قوالبه وأشكاله”.
بدوره، قال رئيس المجلس الأعلى للإبداع والتميز عدنان سمارة، إن فلسطين في سباق يتسم بتطورات لها تأثير على نطاق عالمي، وكلها تنطوي على فرص ومخاطر، حيث لم يعد من الممكن احتواء العالم المتغير، وتغيراته العلمية والتكنولوجية، مضيفا أن علينا الاستفادة من الفرص المتاحة في التفكير، والعمل، والابداع، والابتكار، وأن نفكر مواطنين وحكومة وشركات بالتكامل في العمل، ووضع الأسس والآليات للتحول نحو اقتصاد المعرفة، لذا يجب أن ننتقل من مراقبة تأثير العصر المعرفي والتكنولوجي والرقمي الى تجربته وتشكيله، والمساهمة فيه والاستفادة منه الى أقصى حد ممكن، خدمة للأجيال القادمة.
وشدد سمارة على ضرورة أن نكون جزءا من التغيير، خاصة أننا نمتلك ثروة الموارد البشرية، التي هي احتياطنا الاستراتيجي، ورأسمالنا الفكري والمعرفي، فالمعرفة أصبحت موردا اقتصاديا متجددا يفوق في أهميته الموارد الاقتصادية الطبيعية التي لا نمتلكها، والشيء القليل الذي نمتلكه لا نستطيع الوصول اليه بسبب ممارساته الاحتلال.
وتابع: من هنا جاء توجه القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس بتشكيل المجلس الأعلى للإبداع والتميز، ومنذ تأسيسه وهو يبذل جهودًا كبيرة لتحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، وهو نشر ثقافة الابداع، واحتضان المبدعين والمبدعات، لافتا إلى أنه “احتضنا لغاية الآن 79 مشروعًا في كافة المجالات، وتم إنشاء شبكة المبدعين التي تضم 2000 مبدع ومبدعة، لنفتح الآفاق لهم للمشاركة في المعارض والفعاليات الدولية من خلال عضوية المجلس، أو من خلال توقيع اتفاقيات مع المؤسسات العالمية التي بلغت حتى الان 27 مؤسسة.
من جانبه، أشار رئيس اللجنة التحضيرية للمنتدى عماد الخطيب، إلى أنه يأتي ضمن مسار قام المجلس بخطه خلال السنوات الخمس الماضية بتنظيمه لمنتدى الإبداع سنويا، إيمانا منه بدور الإبداع والابتكار في تحقيق الحلم الوطني في فلسطين، حيث كان من أهم عناصر استدامة هذه السلسة من المنتديات هي التراكمية والبناء على الانجازات للمنتديات السابقة.
وقال إن المنتدى السادس يأتي تزامنًا مع انشاء المجلس لمجمع الابداع والتميز الذي يجري العمل على بنائه برام الله ليرى النور قريبًا، وسيوفر منصة إبداعية وابتكارية للمبتكرين وللباحثين، من أجل الإبداع في مجالات تقنية تحتاجها فلسطين، وتزامنا مع إطلاق المجلس لاستراتيجية الإبداع الوطنية التي ترتكز على جوانب عديدة.
وأوضح الخطيب أن ما يميز هذا المنتدى هو التحضير لإطلاق وثيقة أفق “2020-2030 مستقبل فلسطين” التي تم الانتهاء من تحضير الجزء الأكبر منها، لتشكل خارطة طريق وطنية للتحول نحو الاقتصاد المبني على الابتكار والمعرفة، وتحوي خلفية مهمة عن تسخير المعرفة في بناء اقتصاد قابل للمنافسة، ويلقي الضوء على تجارب لدول عديدة، كانت في الماضي دول عالم ثالث، لكنها نجحت في التحول، وأصبحت اليوم تقارع الدول الصف الأول، من خلال الاستثمار في الشباب، الخطط المدروسة، وتعزيز مواقع القوة لديها، ومعالجة نقاط الضعف، مؤكدا أننا لسنا بعيدين عن هذه الدول بالإمكانيات المتوفرة لدينا.
بدوره، أكد مدير الخدمات المصرفية للأفراد في منطقة فلسطين للبنك العربي مروان صقر، أنه مع تطورات العصر الحديث بات ضروريا تعزيز وتفعيل آليات وخطط تهتم بمجالات الابداع، وتفتح آفاقا جديدة لخطط ومشاريع تنموية تساهم في تحقيق بيئة ابداعية تنموية مستدامة.
وأعرب عن أمله في مواصلة الجهود وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف، من حكومة، وقطاع خاص، وجهات داعمة وحاضنات أعمال، لتوفير المزيد من الدعم لرواد الأعمال من الشباب، عبر المساهمة في بناء قدراتهم، وتقدير المشورة والدعم لهم، لتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم بما ينعكس ايجابا على المجتمع والاقتصاد.
وفي كلمته، قال الرئيس التنفيذي لبنك القدس صلاح الهدمي إن للمنتدى أهمية رغم الظروف الاستثنائية التي فرضتها علينا جائحة “كورونا”، حيث يسعى لتعزيز منظومة الابداع والتميز بمكوناتها من القطاعات الوطنية بما يحقق اقتصادا وطنيا منافسا ومبنيًا على المعرفة، ويمهد الطريق نحو مستقبل مشرق للريادة والتنمية.
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر إلى إن الابداع والتميز وسيلتنا الوحيدة نحو الحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة، حيث أن الاتصالات تقوم بتجهيز البنية التحتية لقطاع الاتصالات، ودعم الشركات والمنتديات الريادية.
وبين أن سلطات الاحتلال لا زالت حتى اليوم تمنع دخول الترددات للشركات المحلية وتأخير المعدات اللازمة لتشغيل خدمة الجيل الرابع يمنع ترددات الجيل الرابع مطالبًا بضرورة السعي في كافة المحافل الدولية من أجل أن يتمتع شعبنا بأفضل التكنولوجيا، أسوة بكل شعوب العالم.
واشتمل المنتدى لهذا العام على جلسة خاصة بعنوان “أفق 2030- فلسطين المستقبل”، وجلسة أولى بعنوان “المنظومة الوطنية للإبداع- مكونات، تمكين، واستدامة”.
وأقيم على هامش المنتدى معرض “ابدع الآن، وغير الغد” للشركات الناشئة، والمشاريع الجاهزة للاستثمار، والأبحاث العلمية في المجالات المختلفة، مثل التكنولوجيا الحيوية والطب الحيوي، وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، والطاقة والزراعة، والتطبيقات الذكية وغيرها.