احتفت فعاليات ومؤسسات نابلس واوساطها الثقافية نابلس، وعلى وقع فقرات فنية لفرقة مركز الطفل الثقافي، بصدور كتاب “لوكاندة فلسطين.. صفحة من تاريخ نابلس” وكرّمت مؤلفه الباحث والكاتب رفيق رامز الحداد، وهو من مواليد المدينة عام 1994.
وكانت لوكاندة فلسطين من أوائل الفنادق السياحية في فلسطين، ونالت شهرة محلية وخارجية وظلت حتى اغلاقها بعد مجيء الاحتلال احدى الصفحات المشرقة في تاريخ نابلس.
وأقيم بهذه المناسبة حفل اشهار للكتاب في قاعة اللوكاندة المغلقة منذ سنوات، والتي عرفت أيضا بمسميات مختلفة مثل “فندق فلسطين” او “اوتيل أبو حنا” نسبة لصاحبه ومؤسسه يوسف حنا خوري (أبو حنا) في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي.
وأدار الحفل الذي رعته بلدية نابلس، ونظمته مكتبة البلدية العامة، ومؤلف الكتاب، وعائلة خوري المالكة للفندق، مدير مكتبة البلدية ضرار طوقان، الذي أشار الى انه تم بناء هذا الفندق قبل اكثر من 90 عاما، وان مُشيده كان صاحب ايمان عميق بأن في هذه المدينة ما يستحق الحياة، مشددا على ان نابلس تحتاج اليوم الى جهود المخلصين من أبنائها للحفاظ على ارثها الحضاري والثقافي.
وفي كلمته، قال رئيس لجنة البلدية المهندس أياد خلف، بانه من الجميل ان نعود الى ذكريات المكان، ونعيش الذكرى بكل تفاصيلها، لافتا ان كل جزء في هذه المدينة العريقة يروي حكايات الأباء والاجداد الذين عمّروا وشيّدوا، وكانوا اصحاب خير وعطاء واهل كرم وجود وصنعوا حضارة نتغنى بها الى اليوم وستتوارثها الأجيال.
وأضاف بان نابلس كانت ترسم مسارات وتصنع قيادات فهي مدينة السياسة والاقتصاد والدين، عاش أهلها كأسرة واحدة تميزت بالانتماء والاصالة.
وأشار خلف الى ان فندق فلسطين كان محط انظار السياح والضيوف لهذه المدينة التي آمها سياح وقادة وضيوف، داعيا الى تكاتف الجهود من اجل إعادة نابلس الى مكانتها التي تستحق.
واعرب عن تقديره لعائلة خوري مالكة الفندق والتي تعتبر جزءا اصيلا من هذه المدينة، كما اعرب عن شكره للباحث حداد على هذا الإنجاز الرائع، وأكد جاهزية البلدية لدعم مختلف الأنشطة الثقافية.
والقى سامر خوري، كلمة باسم العائلة المالكة للفندق، اعرب فيها عن سعادته بهذا اللقاء الذي يشكل فرصة طيبة لاطلاق كتاب يتحدث عن فندق فلسطين والذي كان لعقود طويلة معلما بارزا من معالم نابلس.
وأضاف بان جدهم المرحوم يوسف حنا خوري قد أسس هذه الفندق قبل نحو 90 عاما ليكون من أوائل الفنادق السياحية في فلسطين، وقد عاصر الفندق مراحل العثمانيين والانجليز والأردن والاحتلال الإسرائيلي، وكان في اوج عطائه وتوافد عليه الرؤساء والامراء والوزراء والفنانين والسياح والضيوف من شتى انحاء العالم وكسب شهرة واسعة وكان مفخرة للعائلة ولنابلس ولفلسطين بشكل عام.
وأشار خوري، الى ان قرار العائلة اغلاق الفندق كان القرار الأصعب لديها لانه طوى صفحة من التاريخ والذكريات، معللا قرار الاغلاق بتغير الظروف والاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد ان مكانة الفندق باقية في القلب والذاكرة والوجدان، معربا عن شكره للبلدية وللمكتبة العامة وللباحث حداد لحرصهم جميعا وشغفهم بحماية ذاكرة هذه المدينة.
بدوره، تحدث حداد عن الظروف التي حدت به لوضع هذا الكتاب، حول لوكاندة او فندق فلسطين والذي يعد من اهم معالم نابلس التاريخية والسياسية والثقافية، مشيرا الى انه استند في كتابه الى بعض ما وصلت اليه يديه مما تبقى من وثائق وسجلات زوار الفندق.
ويشير حداد في كتابه الى ان هذا الفندق قد تقاطر على زيارته والنزول فيه، والمرور فيه بقصد نيل قسط من الراحة، او حضور مادبة طعام او تناول وجبة، او حضور حفل ستقبال، الكثير من البشر من وفود سياحية ومجموعات مسافرين، من كل الطبقات والفئات والاعمار والجنسيات والمهن والرتب والمراكز، بحيث ان سجله او ما توافر من أوراقه انما هو عبارة عن صور ناطقة حية لجوانب من حياة اعداد من البشر من أصناف وأنواع متنوعة في مراحل زمنية مختلفة امتدت حسب (السجل المتوفر) من سنة 1950 الى سنة 1985، وهي فترة شهدت احداثا عظيمة وضخمة من حروب واضطرابات وانقلابات سياسية واجتماعية، شهدت تقدما ونموا وتراجعا وتدهورا وشهدت تدفق موجات ضخمة من اللاجئين.
ويشير حداد الى سجل الفندق كان مرآة معبرة وصادقة عن الواقع بكل ابعاده، وعند استعراض ملاحظات هؤلاء الناس نرى حجم التقدير والاعجاب الذي لقيه الفندق في نفوسهم، من مستوى التنظيم والإدارة ومستوى الادارة والمالكين في تعاملهم مع الزوار والنزلاء تكشف مدى الرقي والتهذيب والحرص والمحافظة على مستويات عالية من النظافة والترتيب اتصف بها الفندق.
ويقول بان استعراض أسماء الزوار الذين نزلوا في الفندق يكشف عن عدد كبير من الشخصيات الرسمية ذات المراكز العالية في بلدانها، والذين نزلوا في الفندق وابدوا اعجابهم الشديد في مستواه الراقي.
ويتابع ان فندقا يقصده وينزل فيه ملوك وامراء ورؤساء جمهوريات ورؤساء وزارات ووزراء وزعماء وكبار رجال الدولة في بلدانهم وكبار رجال الدين، والفنانون والاباء والسياسيون والقادة العسكريون لا يمكن الا ان يكون على قدر عال من الفخامة.
ويذكر المؤلف في كتابه بأن القوات البريطانية واثناء احتلالها لفلسطين استولت على الفندق واتخذته مقرا للقيادة في العامين 1944 – 1945 وعطلت قيامه بالعمل الذي أقيم من اجله، واضرت بمصالح المالك، كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالعمل نفسه واقتحمت الفندق واستولت عليه واتخذته مقرا لاقامة جنودها وضباطها بعد احتلالهم للمدينة عام 1967.
ويوضح حداد ان الفندق أضحى بعد العام 1967 يسمى لوكاندة فلسطين دون وجود خدمات فندقية وهي اهم العناصر الوظيفية للفنادق، والتي سبب غيابها وفقدها اغلاق الفندق، مع بقاء خدمة تقديم الطعام والشراب أحيانا للعابرين من السياح، وحسب الضرورة وفي حفلات الزفاف التي كانت تقام في القاعة الكبرى، الى ان تغيرت الأحوال نحو الأسوأ وعادت قوات الاحتلال واحتلت الفندق مرة أخرى لعامين متصلين 1988-1989، متخذة إياه ثكنة عسكرية. وبحلول عام 1990 تم تأجير مبنى الفندق الى وكالة الغوث الدولية، وذلك في مسعى من العائلة لمنع قوات الاحتلال من العودة للاستيلاءعليه. وبعد انتهاء عقد ايجار وكالة الغوث في عام 2015، أُغلِقت ابوابه نهائيا.
ويشير حداد في نهاية كتابه الى ان احاديث تدور الان بين الملاك والمستأجرين ومهتمين باستثمار المبنى، وبعضهم ينوي هدم المكان وإقامة مبان تجارية على النمط الحديت، فيما ينوي آخرون الاحتفاظ بالمبنى وإقامة طوابق أخرى فوقه واستثمار المجمع. ويقول بأنه قد فهم من المالكين انهم لا يوافقون على البيع بقصد الهدم؛ فالبناء جزء من ذاكرة المدينة والحفاظ عليه افضل من هدمه.
ويعرب حداد عن امله في ان يتمكن المالكون من التوصل الى طريقة استثمار تتوافق مع مكانة وقيمة الفندق في تاريخ البلد.