أعادت حالات التوتر الشديدة في القدس في الأيام الأخيرة الخشية الإسرائيلية من اندلاع موجة جديدة من العمليات المسلحة، لا سيما في ظل تقديرات عسكرية إسرائيلية ترى أن "شروط اندلاع تلك الموجة موجودة ومتوفرة"، ما يطرح تساؤلات إسرائيلية حول إمكانية أن يكون الفلسطينيون عشية انطلاق انتفاضة أخرى.
الجنرال نيتسان نوريئيل، القائد السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي قال خلال مقابلة مع صحيفة "معاريف" إن "الظروف مهيأة لاندلاع انتفاضة فلسطينية، والأجواء السائدة في المناطق الفلسطينية توفر العديد من الأسباب المشجعة على هذه الهبة الشعبية المتوقعة، معظمها مرتبط بالأسباب الدينية، وأقلها متعلق بالتطورات السياسية، لكن بالتأكيد كل العناصر موجودة، وهذا يضع تحدياً كبيرا للغاية أمام إسرائيل في كيفية الاستعداد لهذه الظواهر، ومحاولة التصدي لها".
وأضاف أن "إسرائيل قد تدفع أثمانا لهذه الانتفاضة الفلسطينية في حال اندلعت، كما دفعت في عملية القدس، مع أنه لا توجد طريقة فعلية بنسبة مائة بالمائة لمنع وصول الأسلحة للأيدي المعادية، بالتزامن مع الاقتراحات المتداولة في الأيام الأخيرة بخصوص إعادة أجهزة الفحص المغناطيسية للمناطق الخطرة في القدس لمنع دخول الأسلحة للمسجد الأقصى، لذلك يجب أن يكون الجهد الأساسي لإحباط الهجمات، والرد عليها".
ويعترف الإسرائيليون بأنه لا توجد نجاحات بنسبة مائة بالمائة لمواجهة العمليات الفلسطينية المسلحة، ولن يكون هناك مائة بالمائة، رغم الانتشار المكثف للقوات الأمنية في القدس، مع أن ذلك يحمل وجهين، له وعليه، صحيح أن إغراق المنطقة بأفراد أمن سريين وعلنيين قد يتسبب في ردع المنفذ من جهة، لكنها من جهة أخرى قد تستفز منفذين آخرين لاستهداف هذه الأعداد الغفيرة من قوات الاحتلال والشرطة، وتشكل أهدافا جاهزة لمهاجمتها.
في الوقت ذاته، فإن نشاط حماس في القدس يعيد إلى أذهان جهاز الأمن العام الإسرائيلي بدايات عمل الحركة في الانتفاضة الأولى، حيث تعمل اليوم بدون انقطاع من خلال الدعم التركي واسع النطاق، عبر المنظمات الحكومية والخاصة، دون قدرة الحكومة الإسرائيلية وقوات الأمن على وقف نشاطات الحركة، الساعية لمد نفوذها باتجاه الأوقاف الإسلامية، انطلاقا من استراتيجية وطنية ودينية وعقائدية.
دانيئيل سيريوتي الكاتب بصحيفة "إسرائيل اليوم"، زعم أن "حماس تنشر عناصرها وكوادرها في جميع المواقع الممكنة في المؤسسات الإسلامية شرق القدس المحتلة، بما في ذلك المنظومة التعليمية، وينشرون تعاليم الإسلام المعادية للصهيونية على الطلاب الفلسطينيين في مدارس القدس، وهو ما كان يقوم به فادي أبو شخيدم نفسه، منفذ عملية القدس".
وأضاف في مقال له أن "النشاط المعادي لإسرائيل في القدس لا يقتصر على حماس فقط، بل إن الجمعيات التركية تواصل عملها، بما يقوض السيادة الإسرائيلية بشكل مستمر في شرق القدس، ويضر في الوقت ذاته بردع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وجهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي، الذي يبدو شبه معدوم في شرق المدينة، مع العلم أن حماس تفهم أن سيطرتها على القدس لا تقتصر فقط على نشر المعتقدات الإسلامية، بل تتطلب الكثير من التمويل المالي".
ويزعم الإسرائيليون أنه في ظل غياب الخيارات القانونية لتحويل الأموال من قطاع غزة والضفة الغربية والأردن إلى مؤسسات حماس في شرق القدس، فقد دخل الأتراك لملء الفراغ الناشئ هناك، من خلال ضخ ملايين الدولارات للمنظمات القانونية العاملة في شرق المدينة تحت رعاية المنظمات الحكومية وغير الحكومية التركية، وبذلك تعزز حماس وجودها هناك بطريقة منفتحة وشجاعة، بجانب تعزيز النفوذ التركي في القدس، ما سيجعل السيطرة الإسرائيلية عليها على الورق فقط.