“نيويورك تايمز”: إدارة بايدن “قد تعترف بموت الاتفاق النووي وإسرائيل تواصل التخريب متجاهلة واشنطن

الإثنين 22 نوفمبر 2021 06:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
“نيويورك تايمز”: إدارة بايدن “قد تعترف بموت الاتفاق النووي وإسرائيل تواصل التخريب متجاهلة واشنطن



واشنطن /سما/

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلوها ديفيد سانغر وفرناز فصيحي وستيفن إرلانغر ولارا جيكس قالوا فيه إن الإدارة الإيرانية الجديدة تحضر لأول اجتماعات دولية بشأن البرنامج النووي الإيراني مع أن الإشارات لا تظهر أنها ستعود إلى اتفاقية 2015. ففي الأشهر العشرين الأخيرة اغتالت المخابرات الإسرائيلية عالما نوويا إيرانيا وأحدثت تفجيرات بأربع منشآت نووية وصاروخية على أمل شل عمل أجهزة الطرد المركزي التي تنتج الوقود النووي وتأخير اليوم الذي ستكون فيه طهران قادرة على بناء قنبلتها النووية.

 لكن المخابرات الأمريكية والمفتشين الدوليين يقولون إن إيران أعادت إصلاح المنشآت المتضررة وشغلتها من جديد. وركبت آلات جديدة تقوم بتخصيب اليورانيوم بسرعة كبيرة. فعندما تعرضت منشأة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في الربيع الماضي إلى ضرر كبير ودمرت معظم المنشأة والكاميرات وأجهزة الاستشعار التي ركبها المفتشون الدوليون، فقد عادت المنشأة للعمل نهاية الصيف. وقال مسؤول أمريكي بسخرية إنها خطة طهران لإعادة البناء بشكل أفضل.

وترى الصحيفة أن اللكمة واللكمة المضادة هي جزء من التصعيد في الأشهر الأخيرة بين إيران والغرب، وهي مواجهة ستزداد سخونة مرة أخرى في فيينا. فلأول مرة منذ تولي إبراهيم رئيسي الحكم في إيران يخطط المفاوضون الإيرانيون لمقابلة نظرائهم من الصين وروسيا في نهاية الشهر الحالي ومناقشة الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 التي حدت من نشاطات إيران النووية. وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين حذروا الإسرائيليين من أن الهجمات المتكررة على المنشآت الإيرانية قد تكون مرضية للنفس من الناحية التكتيكية لكنها تترك آثارا عكسية.

ونقلت الصحيفة عن عدد من المسؤولين العارفين بالنقاشات السرية قولهم إن المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن رغبة بالاستمرار متجاهلين التحذيرات بأن عملياتهم تساعد على عمليات إعادة البناء السريعة لما يتم تدميره. وهذه واحدة من المجالات التي تختلف فيها الولايات المتحدة وإسرائيل حول منافع استخدام الدبلوماسية بدلا من القوة. وفي أثناء المحادثات في فيينا فسيكون المسؤولون الأمريكيون في المدينة وليس في غرفة واحدة مع الإيرانيين، بعدما خرج دونالد ترامب من الاتفاقية قبل 3 أعوام مخلفا إياها في حالة يرثى لها.

ورغم تفاؤل المسؤولين الأمريكيين قبل خمسة أشهر من إمكانية العودة للاتفاقية النووية إلا أنهم أكثر تشاؤما اليوم مما كانوا عليه عندما توقفت المحادثات في حزيران/يونيو. ويبدو نص الاتفاقية اليوم ميتا، ومعه ماتت رؤية جوي بايدن القائمة على العودة للاتفاقية النووية في أول عام من حكمه ثم بناء أمر “أقوى وأبعد”.

وكإشارة عن تغير المزاج لم يشر المفاوض الإيراني الجديد علي باقري كاني إلى المحادثات المقبلة بأنها مفاوضات نووية. وقال كاني، وهو نائب وزير الخارجية في باريس الأسبوع الماضي “ليس لدينا شيء يقال له مفاوضات نووية”، بل وأشار إليها بأنها مفاوضات “لرفع العقوبات غير القانونية واللاإنسانية”. وتقول إيران إنها ستصر على رفع العقوبات النووية وغير النووية وأنها تريد ضمانات بعدم قيام رئيس في المستقبل باتخاذ قرار فردي للخروج من الاتفاقية كما فعل ترامب.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الرئيس بايدن لن يعطي أبدا التزاما كهذا. وطالما نفت إيران أنها تريد بناء أسلحة نووية، ولكن السيناريو المحتمل هي أنها تريد الحصول على “عتبة للقدرات” التي تمكنها من انتاجها بسرعة حالة رأت ضرورة لهذا. ومن الناحية العلنية أعلنت واشنطن أنها قد تفرض عقوبات جديدة على إيران لو واصلت تعنتها في فيينا. وقال مبعوث وزارة الخارجية لإيران، روبرت مالي، “الخيار بيد إيران” وأي طريق ستختاره، وعلى الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين الاستعداد لما ستختاره طهران. ولاحظ أن بايدن وأنتوني بلينكن “قالا إنه لو فشلت الدبلوماسية، فلدينا وسائل أخرى، وسنستخدم الأدوات الأخرى لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي”.

وفي داخل البيت الأبيض هناك محاولات بحث في الأيام الأخيرة واستكشاف فيما إن كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق مؤقت لتجميد انتاج إيران من اليورانيوم المخصب وتحويله من الوقود إلى شكل معدني- وهي خطوة مهمة لتصنيع رأس نووي. وبالمقابل قد تقوم الولايات المتحدة بتخفيف بعض العقوبات. لكن هذا لن يحل المشكلة، لكنها قد تشتري وقتا للمفاوضات ووقف التهديدات الإسرائيلية لضرب المنشآت الإيرانية. وشراء الوقت، والكثير منه ربما كان ضروريا. ويشك عدد من مستشاري بايدن أن فرض عقوبات على القيادة الإيرانية وجيشها أو تجارة النفط على رأس 1.500 عقوبة فرضتها إدارة ترامب ستكون فعالة وتجبر إيران على تغيير مسارها. كما أن اتخاذ خطوات متشددة نجحت في الماضي قد لا تنجح اليوم. وهناك إجماع في داخل وكالة الأمن القومي والقيادة الإلكترونية الأمريكية بصعوبة استهداف إيران بهجوم سيبراني كذلك الذي نفذته الولايات المتحدة وإسرائيل قبل عقد، وعندما قامت عملية أطلق عليها “الألعاب الأوليمبية” بشل أجهزة الطرد المركزي في مفاعل ناتنز لتخصيب اليورانيوم مدة عام.

ولاحظ مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون حاليون وسابقون أن إيران حسنت من دفاعاتها وبنت قوة سيبرانية والتي حذرت الإدارة أنها ناشطة وبشكل متزايد داخل الولايات المتحدة. ولا يزال الإيرانيون يمنعون المفتشين الدوليين من منشآت معينة، رغم اتفاقهم مع رفائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي وكالة الرقابة التابعة للأمم المتحدة التي تحتفظ بالبيانات من أجهزة الاستشعار في أماكن حساسة. ولم يتم استبدال الكاميرات وأجهزة الاستشعار التي دمرت في الربيع. وقال غروسي في مقابلة بواشنطن “من وجهة نظري، ما يهم هو التفتيش الذي تضعه”، حيث قضى أسبوعا متحدثا مع المسؤولين الأمريكيين محذرا إياهم أن وكالته “متخلفة” في إيران. وهو في طهران الإثنين في آخر محاولة لإحياء نظام التفتيش وقبل اجتماع مجلس أمناء الوكالة هذا الأسبوع. وترى الصحيفة أن فجوة التفتيش مثيرة للقلق لأن الإيرانيين أعلنوا عن تخصيب حوالي 55 رطلا من اليورانيوم المخصب وبدرجة نقاء بنسبة 60%.  وهي أقل من نسبة 90% الضرورية لإنتاج القنبلة النووية، ولكنه مستوى “ولدى الدول التي تنتج القنابل فقط” كما قال غروسي، مضيفا “هذا لا يعني أن إيران تعمل هذا ولكنها نسبة عالية”.

 وقدمت إيران عددا من التبريرات للوصول إلى هذا المستوى مثل توفير الطاقة لمفاعلات الطاقة النووية البحرية والتي لا تملكها، لكن السبب الحقيقي هو زيادة الضغط. وقال المتحدث باسم وكالة الطاقة الإيرانية بهروز كمالوندي هذا الشهر بفخر إن الدول المنتجة للطاقة النووية هي التي لديها هذا المستوى (وهو مخطئ لأن عددا من الدول غير النووية فعلت هذا). و “بهذا التنظيم فلو كانت لدينا الإرادة نستطيع عمل ما نريد”. وقبل أن يلغي ترامب الاتفاقية التزمت إيران بالقيود المفروضة والتي منعها من الوصول إلى النقطة الحرجة لإنتاج القنبلة بعام. ولكن التقديرات اليوم تتراوح ما بين أسابيع وأشهر، ولو حدث فسيغير الحسابات الجيوسياسية للشرق الأوسط. وعندما وصل بايدن إلى البيت الأبيض عبر عدد من مستشاريه عن أمل بإحياء الاتفاقية النووية- الأجزاء التي تم التفاوض عليها. وفي ذلك الوقت كانت الإدارة الإيرانية التي تفاوضت عليها في السلطة، أي الرئيس حسن روحاني ومحمد جواد ظريف، وزير الخارجية. لكن الإدارة قضت شهرين حول كيفية المضي في الطريق الأفضل، وهو ما أدى لشكوى الأوروبيين من خسارة الوقت.  ولم يتفق الطرفان إلا في نهاية آذار/مارس للعودة إلى المفاوضات، ولم تبدأ محادثات فيينا إلا بداية نيسان/ إبريل. وبحلول حزيران/يونيو كان الاتفاق “كاملا تقريبا” حسب مسؤول بارز في الإدارة.

 وبدا من الواضح أن إيران كانت تؤخر الاتفاق لحين الانتخابات الرئاسية التي جلبت رئيسي، المتشدد إلى الحكم. وعولت الإدارة على قبول رئيسي الاتفاق مع تعديلات هامشية وتسريع عملية رفع العقوبات. وأي خطأ ما سيحدث فسيلقي اللوم على الرئيس السابق ووزير خارجيته. وكان هذا سوء تقدير فقد أخبر وزير الخارجية الجديد حسين عبد اللهيان أن بلاده ليست مهتمة بمحادثات مستفيضة كتلك التي أجرتها على مدى السنوات الماضية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيراني سعيد خطيب زاده إن بلاده لديها ثلاثة شروط: الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبته أمريكا ورفع كل العقوبات وتقديم ضمانات بأن أي رئيس لن يكون قادرا على إلغاء اتفاقية عقدها سلفه. وقال المستشار في الشؤون الخارجية المقرب للحكومة الإيرانية غيث قريشي “هذا مستحيل بالمطلق” و “لن نتخلى عن كل أوراقنا وانتظار الولايات المتحدة وأوروبا الالتزام بالاتفاقية أم لا ولن يحدث هذا”.

وفي الوقت الذي يتجنب فيه الأوروبيون الحديث عن خطة بديلة إلا أنه لو تطورت المواجهة فهناك سلسلة من الخطط التي تتراوح ما بين العزلة الاقتصادية إلى التخريب، وهي موضوع نقاش بين البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية. ورد بايدن في مؤتمر صحافي حول الخطة ب، قال “لن أعلق على إيران الآن”، لكن إسرائيل تعلق. وفي هذا الشهر قال الجنرال أفيف كوخافي إن الجيش الإسرائيلي يسرع من خطط العمليات والاستعداد للتعامل مع إيران والتهديد العسكري النووي”. وكانت إشارة للتمويل الزائد الذي أمر به رئيس الوزراء نفتالي بينيت للتحضير والاستعداد.

وقال الإسرائيليون إنهم طوروا قدرات عسكرية قادرة على اختراق المخابئ والأنفاق بشكل يلغي المساعدة التي طلبوها من جورج دبليو بوش قبل 13 عاما. ولا يعرف إن كان هذا صحيحا أم خدعة. وفي مرحلة ما قد يعلن بايدن وإدارته بأن البرنامج النووي الإيراني بات في مرحلة متقدمة تعني أن العودة إلى الاتفاقية النووية أصبحت مستحيلة. وقال مالي “هذه ليست ساعة تحدد الزمن (كرونولوجية) بل هي ساعة تكنولوجية”.  وفي “نقطة ما” قال الشهر الماضي “فسيتآكل الاتفاق لأن إيران حققت تقدما لا يمكن إرجاعه” و “لا يمكنك إحياء جسد ميت”.