عن استهتار إسرائيل بدول العالم وقراراتها..صادق الشافعي

السبت 06 نوفمبر 2021 12:22 م / بتوقيت القدس +2GMT



ثلاثة أحداث تزامنت في الأسبوعين الأخيرين لتؤكد للمرة الأكثر من الألف أن دولة الاحتلال لا تقيم وزناً ولا تعطي بشكل عام أي اعتبار للمجتمع الدولي وقراراته، ولهيئاته ودوله.
- الحدث الأول، إعلان دولة الاحتلال بقرار من وزير دفاعها لم تعترض عليه أي جهة، 6 منظمات مجتمعية فلسطينية منظمات إرهابية، وهي منظمات ذات تاريخ وعمر طويل وحضور ودور مجتمعي عريق وواسع، وعلاقات تاريخية وتعاون مع المنظمات الدولية.
- الحدث الثاني، إقرار حكومة الاحتلال بناء 3144 وحدة استيطانية جديدة في أراضي الضفة الغربية المحتلة، في تجاهل وتحدٍ لدول وهيئات المجتمع الدولي الذي اعترض على القرار.
وبشكل خاص، معارضة الإدارة الأميركية التي أعلنها المتحدث باسم وزارة خارجيتها.
إضافة إلى إجراء وزير خارجيتها (بلينكن) مخابرة هاتفية "متوترة" مع الإسرائيليين ليؤكد الاعتراض الأميركي.
- الحدث الثالث قيام مندوب إسرائيل الى الأمم المتحدة بالتمزيق العلني والانفعالي والاستفزازي لنسخة من التقرير السنوي لمجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة بعد ان تم اقراره بأغلبية مريحة.
فعل ذلك من على منبر الجمعية العامة للمنظمة الدولية في نيويورك.
- يمكن أن نضيف الى الأحداث المذكورة إبلاغ دولة الاحتلال للسلطة الوطنية الفلسطينية قبل بضعة أيام اعتزامها قطع التيار الكهربائي عن مدن الضفة الغربية.
وقد بدأت بتنفيذ ذلك فعلا قبل يومين.
وان نضيف، الاستحواذ الكامل على مقبرة "صرح الشهداء" التي تعتبر امتداداً للمقبرة اليوسفية في القدس.
ثم يمكن أن نختم الأحداث المحددة والأخيرة بقول بينيت الذي كرره بنفس النص او بنفس المحتوى أكثر من مرة، وكذلك فعل اتباعه ومناصروه "لا توجد أي عملية سياسية مع الفلسطينيين، ولن تكون أبداً".
لا يمكن فصل هذه الأحداث عن السياسة العامة التي اعتمدتها دولة الاحتلال ومارستها منذ بداياتها الأولى وعنوانها الأساس "فرض الأمر الواقع بالقوة والتمسك به والبناء عليه".
لقد ظل عدم إقامة وزن لفعل ودور المجتمع الدولي ودوله وقرارته أساساً ثابتاً من الأسس التي قامت عليها دولة الاحتلال وقام عليه توسعها واستيطانها واغتصابها واعتداءاتها.
وان عودةً لقراءة القرار الأممي الذي قامت على أساسه دولة الاحتلال تؤكد هذه الحقيقة.
فقد نص القرار على قيام دولة الاحتلال بشرط "الا يتم القيام بأي أمر من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية بالطوائف غير اليهودية....."
لكن ومنذ قيامها واصلت دولة الاحتلال خرق هذا القرار في كل المجالات وعلى كل المستويات وعلى قاعدة وسياسة فرض الأمر الواقع.
وقد استفادت في القيام بذلك الى أقصى الحدود في تطوير وضعها الذاتي ونجحت في بناء دولة متماسكة وقوية، وفي تطوير وتعزيز قدراتها العدوانية بكافة أشكالها.
واستفادت في ذلك أيضا، من عوامل الضعف الشديد في أوضاع أهل الحق وأهل الوطن أولاً، وامتداداهم القومي ثانياً.
كما استفادت من ضعف تصدي المجتمع الدولي بهيئاته ودوله، وسكوته على اعتداءاتها، وعلى استمرار احتلالها وتوسيعها لحدود احتلالها، وعلى سياسة استيطانها المنفلتة من أي قيود او ضوابط ومساءلة، ولا حتى استنكار لهذه السياسة ورفض الاعتراف بها او التعامل معها.
هذه الصورة المكثفة تستحضر وتفرض وبقوة، حضور الصورة المقابلة: المعادية لها، والمتصادمة معها. وعنوانها وجوهرها هو القناعة أنه لا يوجد بالمدى المنظور أي أمل أو أفق لحل سياسي توافقي مع دولة الاحتلال. هذا أولاً وأساساً.
ثم ثانياً، الرؤية الموضوعية لحقيقة دور المجتمع الدولي بدوله ومؤسساته وعدم امتلاكه لمشروع حل، ويترافق ذلك مع عدم قدرته على فرض أي حل او مشروع حل على دولة الاحتلال مهما كان.
أولاً وثانياً المذكورتان معاً، يفترض ان يدفعا بكل قوى النضال الوطني الفلسطيني ومؤسساته واجهزته بقوة نحو التوصل الى ترتيب البيت الفلسطيني على أساس من الوحدة الجامعة والشاملة، ومن ثم الاتفاق على برنامج عمل شامل وموحد، وعلى طرائق نضال تناسب مع الحقيقتين المذكورتين.
لكن شيئاً من هذا ليس قائماً ولو بالحدود العادية. بل وليس هناك محاولات او مبادرات جادة ومسؤولة، وتمتلك الصبر والمثابرة الى جانب مقومات النجاح.
حتى محاولات التوسط من دول عربية وربما أطراف أخرى لم يقدر لها النجاح وتوقفت أساساً بسبب عمق الخلافات بين التنظيمات الفلسطينية.
وفي هذا الأمر، فإن كل التنظيمات تتحمل درجة من المسؤولية، وان كانت المسؤولية الحاسمة تبقى من حصة التنظيمات الأكبر والأكثر قدرة على التأثير.
وفي كل الأطروحات المتعلقة بهذا الأمر فإن رائحة أولوية المصلحة التنظيمية تبقى هي الأقوى والأكثر نفاذاً.
وفي الفترة الأخيرة بدأت هذه الرائحة تمتزج برائحة السعي وراء السلطة والتحكم فيها. وأصبحت تمتزج، وإن بدرجة أضعف، برائحة التحالف والاستقواء بجهات خارجية.
ومرة أخرى، لا يبقى أمام أهل الوطن من خيارات إلا الإمساك بزمام المبادرة والضغط على التنظيمات القائمة، أو الوصول - إذا لم تجد الاستجابة المطلوبة - إلى تشكيل أدوات ضغط جماهيرية محددة وجامعة للكل الوطني (نقابات واتحادات شعبية وأجهزة حكم محلي وأكاديميون وو ......) تمتلك رؤياها الوطنية الموحدة وتسعى لفرضها على التنظيمات الوطنية.