تضع وزارة السياحة الفلسطينية لمساتها الأخيرة لافتتاح لوحة فسيفساء تعد الأكبر في العالم، بمساحة 827 مترا مربعا، وتقع بقصر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك في مدينة أريحا، شرقي الضفة الغربية.
وعلى مدار 4 سنوات ونصف من العمل، استطاعت الوزارة -بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" (JICA)، وبتكلفة 12 مليون دولار- بناء سقف بمساحة تقدر بحوالي 2500 متر مربع، بعد أن تهدم السقف الأصلي بفعل زلزال ضرب الموقع عام 749م.
وأُنشئت داخل القاعة ممرات داخلية (جسور) خاصة بالزوار والسياح، بهدف الاستمتاع بمشاهدة اللوحة دون أن يتم ملامسة الفسيفساء.
مشروع سقف اللوحة
ويقول إياد حمدان -مدير مكتب وزارة السياحة في مدينة أريحا- إن اللوحة واحدة "من أكبر لوحات الفسيفساء في الشرق الأوسط وفي العالم".
وأضاف أن مشروع سقف اللوحة هو "أحد المشاريع الفريدة في مجال الحفاظ على التراث الثقافي بالعالم". وأشار إلى أن المشروع يهدف إلى "فتح اللوحة أمام السياح، والحفاظ عليها من تأثير الجو كالحرارة المرتفعة والأمطار، وغيرها".
أكبر لوحة في العالم
وتعد اللوحة -وفق حمدان- "كنز تاريخي أثري، وتتشكل من 38 سجادة فسيفساء متصلة، غنية بالتفاصيل الهندسية والنباتية والحيوانية، وصيغت ورسمت باحترافية، واستخدم في رسمها 21 لونا من الحجارة".
ولفت إلى أن الحجارة المستخدمة تُشكل فسيفساء الأرض الفلسطينية، حيث أخذت من مختلف المناطق الفلسطينية، وتحكي تاريخ الشعب الفلسطيني.
وأجريت -وفق حمدان- أعمال صيانة وترميم على السجادات، ومن المفترض استكمال بعض الأعمال الأخرى عليها.
واكتشفت اللوحة مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وطوال السنوات الماضية، احتفظ بها تحت الرمال خشية عليها من عوامل الطقس، وكشف عنها لبعض الوقت عام 2010 ثم أعيد طمرها ثانية.
قفزة في السياحة
وتوقّع حمدان أن يُشكّل المشروع -مع افتتاحه أمام السياح والزوار- قفزة نوعية في عدد السياح والزوار لفلسطين وأريحا خاصة.
وأضاف "في العام 2016 كشفنا عن اللوحة، وافتتحت أمام السياح والزوار لشهر واحد فقط، وعلى إثر ذلك ارتفع عدد السياح بنسبة 900% مقارنة مع نفس الفترة من العام 2015".
وأشار مدير مكتب وزارة السياحة إلى أن الموقع يمكنه استيعاب مئات السياح في وقت واحد، غير أن الوزارة أعدت نظاما خاصا للحفاظ على التباعد، جراء استمرار جائحة فيروس كورونا. والقُبّة -بحسب المسؤول الفلسطيني- مُشيدة وفق مواصفات عالية في الدقة، ومقاومة للزلازل.
وتتوقع وزارة السياحة أن تبدأ حركة السياحة في فلسطين مع بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع بدء موسم أعياد الميلاد في مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح.
قصر هشام على قائمة التراث
وبحسب نشرة إعلامية، أصدرتها وزارة السياحة الفلسطينية، فإن اللوحة تقع في أرضية حمام قصر هشام بن عبد الملك.
وبُني قصر هشام بن عبد الملك عام 743 ميلادي في نهاية عهده، كمقر شتوي للخليفة، بفعل اعتدال حرارة منطقة أريحا والأغوار الفلسطينية في الشتاء.
وتعد "أريحا" أخفض منطقة على سطح الأرض (258 مترا تحت مستوى سطح البحر) وهو ما يجعلها مرتفعة الحرارة صيفا، ومعتدلة شتاء.
ويقع القصر على بعد كيلومترين إلى الشمال من مدينة أريحا. وشيّد في حينه من طابقين؛ الأول عبارة عن غرف خدمات وحراسة، والطابق الآخر كان يعيش فيه الخليفة.
وكان القصر -قبل تهدمه بفعل زلزال- يحتوي على العديد من المرافق، مثل منطقة النافورة، ومسجدين، وقاعة الاستقبال (الحمام الكبير).
وأشارت وزارة السياحة سابقا إلى أن القصر زُوّد بالمياه من ينابيع قريبة بواسطة قنوات مكشوفة، كانت تصب المياه في خزانات القصر.
وعام 749م ضرب زلزال منطقة فلسطين، وكان مركزه مدينة أريحا، وأدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من القصر، بينها سقف الحمام (الذي توجد به لوحة الفسيفساء).
وفي أحد زوايا القصر، نُصبت نجمة حجرية ضخمة كانت عبارة عن نافذة إحدى غرف الطابق الثاني، ولكن بفعل تهدم القصر اختلطت الحجارة مع بعضها، وأعيد بناؤها في عمليات ترميم جرت في ثلاثينيات القرن الماضي.
وشيدت وزارة السياحة الفلسطينية في موقع القصر متحفا يضم العديد من الأدوات التي تم العثور عليها، وتُعرض فيه للزوار أفلام وثائقية عن المكان وما شهده من أعمال حفر وتنقيب.
وفي يوليو/تموز الماضي، أدرجت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" (ISESCO)، قصر "هشام" على قائمة التراث الخاصة بها.
الأناضول