يسعى مخيم فلسطيني، قريب من مدينة بيت لحم وسط الضفة الغربية، إلى أن يدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.
وفي مقال له قال الناقد المعماري، أوليفر وينرايت، إن مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من بيت لحم لا يبدو مثل موقع التراث العالمي المعتاد لليونسكو، فهو لا يحتوي على أكشاك هدايا تذكارية أو باعة متجولين، بل فيه جدران خرسانية متشققة تغطيها كتابات الغرافيتي العربية على مدخل دكان الزاوية، حيث تقف آلة تصوير المستندات القديمة بجوار بضعة أرفف هزيلة من المؤن، كما تسير فيه سيارة أجرة في شارع تملأه الحفر وأكوام من كتل الطوب المكسرة، كما تتدلى من فوقه كابلات الكهرباء وأسلاك الهاتف بشكل عشوائي.
وأضاف وينرايت أن “معرضا جديدا في “Mosaic Rooms” بلندن يجادل بأن هذا الموقع المتداعي للنزوح الجماعي يستحق نفس وضع الحماية التي تتمتع فيها مواقع مثل ماتشو بيتشو أو البندقية أو تاج محل. يقول أليساندرو بيتي: “نريد زعزعة استقرار المفاهيم الغربية التقليدية للتراث.. كيف تسجل تراث ثقافة المنفى؟ عندما لا يمكن ترشيح مواقع التراث العالمي إلا من قبل الدول القومية، كيف يمكن تقدير تراث السكان عديمي الجنسية؟”.
ويعمل بيتي منذ عام 2007 مع ساندي هلال، التي تقود مجموعة إزالة الاستعمار من أبحاث فن العمارة، وعلى مدى السنوات السبع الماضية، عملا مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الدهيشة لتجميع ملف لتقديمه إلى اليونسكو، يشيرون فيه إلى “القيمة العالمية المتميزة” للموقع باعتباره موقعا لأطول وأكبر عملية نزوح معيشية في العالم.
كما استخدموا معايير الترشيح الغامضة الخاصة بوكالة التراث التابعة للأمم المتحدة لتقويض فكرة حماية التراث الدولي والتشكيك في الافتراضات حول وضع هذا المخيم المؤقت المفترض، في عملية يصفونها بأنها “اللعب بجدية”، متسائلين: “هل المخيم مجرد موقع بؤس، أم أنه ينتج قيما تحتاج إلى الاعتراف بها وحمايتها؟”.
وتأسس المخيم عام 1949 لإيواء أكثر من 3000 لاجئ فلسطيني طردتهم المليشيات اليهودية من قراهم في الحرب العربية الإسرائيلية، ومنذ ذلك الحين فقد تضخم مخيم الدهيشة ليستوعب 15,000 شخص. بدأ كمخيم من الخيام، تم تصميمه على شكل معسكر على مساحة متموجة من الأرض مؤجرة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من قبل الحكومة الأردنية (التي لا تزال تمتلك الأرض من الناحية الفنية).
في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث لم تظهر أي علامات على انحسار النزاع، بدأت الأونروا في بناء غرف إيواء خرسانية صغيرة لكل أسرة، على قاعدة متر مربع واحد للفرد، وحمام مشترك بين كل 15 ملجأ. ومع مرور الوقت، أضافت العائلات مزيدا من الغرف والأراضي تم تجميعها وتوسيعها وبناؤها بحسب الحاجة.
ووصفت هلال “جولات البؤس” التي يتم إجراؤها حول الدهيشة للزوار الأجانب، قائلة: “إن التاريخ الوحيد المعترف به هو تاريخ العنف والمعاناة والإذلال.. كيف يمكننا إعادة صياغة المخيم بنبرة أكثر إيجابية؟”.
ومنذ نزوح العائلات الفلسطينية، أصبحت قراهم لا يمكن التعرف عليها. بعضها الآن عبارة عن حدائق وطنية إسرائيلية، تكتمل بمقاعد نزهة حيث كانت منازل الفلسطينيين ذات يوم قائمة. وتم تحويل البعض الآخر إلى مواقع صناعية، مع صوامع خرسانية وسقائف فولاذية تدوس الحقول والأشجار المثمرة. لكن الغالبية غطتها ببساطة أشجار الصنوبر والكينا، الأمر الذي وصفته هلال بـ “الخضرة تستخدم لإخفاء الجرائم”.