في مقال رأي للكاتب جوناثان فريدلاند في صحيفة الغارديان البريطانية، وتحت عنوان “هل فيسبوك هو صناعة التبغ في القرن الحادي والعشرين؟”، قال الكاتب إن خبراء توصلوا في ستينيات القرن الماضي إلى علاقة مباشرة بين التدخين والسرطان، لكن لم يتم نشر هذه المعلومات، كما لم تعترف شركات التبغ يوما بوجود مواد مسرطنة في السجائر.
ويقارن الكاتب ذلك بما كشفت عنه فرانسيس هوغين، المديرة السابقة في شركة فيسبوك، التي عرفت عن نفسها على أنها التي تقف وراء سلسلة من التسريبات التي نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال.
وتظهر إحدى الوثائق الداخلية من عام 2019 أن بحث فيسبوك الخاص وجد أن إنستغرام “سام نفسيا” خصوصا على الشابات والمراهقات، لما يحتويه من صور أجساد نحيفة ومتناسقة.
ويتساءل الكاتب: هل اعترف مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ بهذه النتيجة عندما تحدث أمام الكونغرس في مارس/ آذار؟ ويجيب: كلا، لم يفعل. وبدلا من ذلك قال: البحث يفيد بأن استخدام التطبيقات الاجتماعية للتواصل مع الآخرين يمكن أن يكون له فوائد صحية عقلية إيجابية. وأشار الكاتب إلى أن هذا الجواب يكافئ القول: “التدخين مفيد للصحة”.
وبحسب الصحيفة، سيكون هناك المزيد من المبلغين، إذ لم تكن المسؤولة السابقة الأولى، ولن تكون الأخيرة. كما أن من الواضح أن شركة فيسبوك قد جندت “بعض الأشخاص الأخلاقيين” الذين يشعرون الآن بالاشمئزاز والسوء من رب العمل.
من ناحية أخرى، ضربت اكتشافات هوغن على وتر حساس؛ إذ بات الآباء الآن يخشون أكثر على سلامة أطفالهم. وقد يؤدي ذلك إلى تحركات معينة. وقد يكون هناك مطالبات من الآباء بمتابعة خوارزميات فيسبوك، للكشف عن ما تعرفه الشركة عن نفسها. وقد يؤدي ذلك إلى الكشف أن هدفها تحقيق مشاركة ونمو أكبر إلى الإدراك أنها مرتبطة بتغذية الغضب.
وكانت الوثائق المسربة أظهرت أن المديرين التنفيذيين عرض عليهم إصلاحات من شأنها أن تقلل من حدة الكراهية، لكنهم “اختاروا عدم تبنيها“.
وفي ختام مقاله، ينهي الكاتب قائلا إن هناك بعض العلاجات المقترحة، من بينها تفكيك “عملاق فيسبوك – إنستغرام – واتساب” بموجب قوانين مكافحة الاحتكار، إضافة إلى تغيير قواعد حماية البيانات والملكية.
في تموز/ يوليو الماضي، طرح “إنستغرام” العديد من التغييرات في سياسته، وقال إنها تهدف إلى حماية المراهقين، مثل الحد من كيفية استهداف المعلنين لهم، وتوفير خاصية “الخصوصية” على حساباتهم، بصورة تلقائية. وقال أحد ممثلي الشركة في ذلك الوقت، إن “إنستغرام كان في رحلة للتفكير مليا بشأن التجربة التي يمر بها الشباب”.
ولسوء الحظ، فإن كل هذا التفكير المدروس لم ينتج عنه إلا نتيجة غير متماسكة. ففي نفس المنشور الذي أعلنت فيه شركة “فيسبوك” عن التغييرات، أقرت أيضا بأنها تمضي قدما من أجل إطلاق إصدار جديد من إنستغرام، مخصص للأطفال دون سن الـ 13 عاما.
وتقول “بلومبرغ” إن هذا المفهوم، والذي تم تسميته بـ “إنستغرام يوث” كان مقيتا جدا، لدرجة أنه قوبل بالازدراء من جانب خبراء الصحة، والمدافعين عن حقوق المستهلك، والبرلمانيين، وتقريبا من جميع ممثلي الادعاء في البلاد.
ومن جانبهم، أصدر خبراء الصحة رسالة، لا يمكن أن تكون أكثر فظاظة، جاء فيها: “إن تركيز المنصة الدؤوب على المظهر، وعرض الذات، والعلامات التجارية، يمثل تحديات لخصوصية المراهقين ورفاهيتهم… إن الأطفال الأصغر سنا يعتبرون أقل استعدادا من الناحية التطورية للتعامل مع مثل هذه التحديات، حيث أنهم ما زالوا يتعلمون كيفية التعامل مع التفاعلات الاجتماعية والصداقات وإحساسهم الداخلي بنقاط القوة والتحديات أثناء هذه الفترة الحاسمة من التطور”.