يديعوت - بقلم: دانا وولف خبيرة في القانون الدولي والمفاوضات في جامعة رايخمن " لم تمر أربعة أشهر فإذا بإسرائيل تجد نفسها مرة أخرى تتصدى للإرهاب من قطاع غزة. نذكر بأن حماس هي صاحبة السيادة في غزة: فهي تسيطر على كل المنطقة، ولديها سلاح وجيش، وتعمل عسكرياً ضد إسرائيل. وتسيطر بشكل مطلق على السكان المحليين، وتقدم لهم كل خدمات الحكم بما في ذلك خدمات الصحة، والتعليم، والإعلام، والعملة وغيرها. تعدّ حماس منظمة إرهابية ذات صفات دولة.
إن تكرار الواقع لذاته على مر السنين رغم جولات القتال، يذكر بأقوال الفكاهي جراوشو ماركس: “مهما يكن، أنا ضده!” هكذا يبدو الخطاب في كل ما يتعلق بالأزمة المتشكلة في القطاع حتى هذا الأسبوع، عندما تجرأ وزير الخارجية يئير لبيد على عرض خطة إبداعية وباعثة على الأمل في مؤتمر معهد السياسة ضد الإرهاب في جامعة رايخمن. وبإيجاز، خطة لبيد هي “الاقتصاد مقابل الأمن”، وتقع في مرحلتين: الأولى – إعمار القطاع مقابل مكافحة تعاظم قوة حماس؛ والثانية، التنمية الاقتصادية مقابل الأمن، وفي أثنائها تتسلم السلطة الفلسطينية إدارة القطاع.
تجسد خطة وزير الخارجية مبدأ أساسياً، وبدونه سيكون مستقبل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني كله في خطر – مبدأ “غزة أولاً”. لا يمكن البدء بإجراء سياسي مع الفلسطينيين دون حل عملي لقطاع غزة. ولفهم عقدة غزة، يجب قبل كل شيء الاعتراف بالحقائق: حماس منظمة إرهابية مع طابع دولة.
يدور الحديث عن تطور جديد لمنظمات الإرهاب. هناك من يسمي هذا منظمات إرهاب “نظيفة” تتباهى عملياً بطابع دولة ذات سيادة إلى جانب أجسام أخرى. في نظري، حماس تشكل منظمة إرهاب نظيفة 2.0. وهي لا تتميز فقط كمنظمة، بل صاحب السيادة الوحيد ولا يوجد لأي كيان آخر، وبالتأكيد ليس السلطة الفلسطينية المسؤولة عن المنطقة حسب الاتفاقات الدولية، قدرة وصول للسكان المحليين. هكذا تختلف الأمور عن حزب الله في لبنان مثلاً. نرى ذلك في غزة منذ سنوات طويلة ونراه في أفغانستان الجديدة. فتطور منظمات الإرهاب النظيفة يستوجب تفكيراً جديداً وإبداعياً لسبل التصدي لها. لقد استثمرت الولايات المتحدة مقدرات غير مسبوقة على مدى عشرين سنة كي تبني حكماً مستقلاً بدون طالبان في أفغانستان، وتكبدت فشلاً ذريعاً في اليوم الذي انسحبت فيه. إن خطة لبيد، وفق هذا المفهوم، تتضمن جوانب سياسية إبداعية وضرورية لخلق حوافز للسكان المحليين للخروج من سيطرة حماس.
ولكن خطة كهذه لا يمكنها أن تتحقق بدون تعاون دولي واسع. يجب خلق دافع لدى الأسرة الدولية للتجند لخطة إعمار في القطاع وإزاحة حماس وتعزيز السلطة الفلسطينية، وعرض الفرص السياسية والاقتصادية القائمة في المنطقة. كي تنجح الخطة، على الأسرة الدولية الخروج من مفاهيمها المتصلبة وتعترف بالواقع الذي لا تكون فيه إسرائيل مسؤولة كقوة محتلة عن قطاع غزة وتعترف بقانونية حصار إسرائيل، وكذا مصر كوسيلة للدفاع عن النفس. في عالم يخرج فيه الأمريكيون لتوهم مضرورين من أفغانستان، إلى جانب قطبية بين الولايات المتحدة، وروسيا والصين، فعلى وزير الخارجية تحدي حمل ثقيل. ومع ذلك، وبنبرة متفائلة، هذا الطريق ممكن والإصرار عليه مهم لأنه الفتحة الصغيرة والأخيرة لتعطيل القنبلة الغزية.