معاريف - بقلم: إسحق بن – نير "في نهاية المطاف، كل شيء يظهر كسياسي؛ ففرار الزبيدي وآخرين ينتمون إلى “الجهاد الإسلامي” عبر ثقب في المرحاض من سجن جلبوع له صلة سياسية أوسع بكثير مما يبدو للعيان. هذا هو سياق الاستراتيجية الشوهاء في إدارة الأزمة الدموية المتواصلة مع الفلسطينيين، لشخص واحد هو رئيس الوزراء، والسائرين خلفه من وزراء جبناء، ومؤيديه الصارخين والمحرضين.
بدأ هذا عندما قرر نتنياهو (الواعظ الأخلاقي من جزيرة المليارديريين في هاواي) وحده كالعظيم، بأن حماس، المنظمة الإرهابية الدينية، قد تشكل أداة في الصراع لتحطيم أهمية، قوة ونفوذ وقدرة السلطة الفلسطينية، برئاسة أبو مازن. بين كل اللجان الممكنة لكشف الحقيقة عن كل ما فعله حكم بيبي في إسرائيل، والتي اقترحها أمنون ابرموفيتش في استوديو الجمعة، عبر القناة 12 –مثل كيف وصلنا لإيران كدولة حافة نووية، ولحزب مع مئات آلاف الصواريخ المهددة لإسرائيل، إلى الجريمة النكراء التي سيطرت على الوسط العربي، وعلى طرق وبلدات الجنوب، وإلى “فتيان التلال” الذين يبثون الرعب على رعاة ومزارعي الزيتون الفلسطينيين، على الشرطة والجيش – يجدر أن نقترح أيضاً لجنة تحقق فيما إذا كان هناك اتفاق مباشر أو غير مباشر بين مندوبي نتنياهو وحماس. ما الذي أعطوه لهم غير أموال الحقائب، وبضائع الشاحنات، واحتواء العمليات، والاحتشاد على الجدار، والبالونات المتفجرة والحارقة، والاستقلالية العدوانية لـ”الجهاد” المدعوم من إيران؛ وما الذي تلقيناه منهم في المقابل باستثناء جولات متكررة للصواريخ وقذائف الهاون على بلدات الغلاف، والانجرار إلى معارك بدون حسم، وكثير من الدمار والمصابين؟ وكل ذلك من أجل مصلحة مشتركة بين نتنياهو وقادة حماس: تحييد أبو مازن والسلطة، ولو بثمن سيطرة حماس على الضفة، وإبعاد كل إمكانية للمفاوضات على الفصل وإقامة دولة فلسطينية. هذا هو الثقب الكبير الذي حفره رئيس الوزراء في الردع الأمني والمنطق الوطني.
هل تضمن الاتفاق المزعوم أيضاً الحكم الذاتي الذي تلقاه السجناء الأمنيون في السجون – الإسكان حسب الانتماء التنظيمي، والقصور المذهل في الرقابة والاستخبارات، والمتابعة والتفتيشات المفاجئة، والتحقيقات، والتنصت؛ واستخدام حر للهواتف المهربة، والتحرش بالسجانات، والمنح، والتعليم الأكاديمي، والمطالب الإنذارية للسجناء، والتهديد بالإحراق والعنف تجاه السجانين وبأعمال الشغب؟ من الصعب أن نصدق بأن كل هذا يمكن أن يكون بدون موافقة صامتة، وغض نظر، وتعاون وتسهيل شروط الاعتقال من جانب مأمورية مصلحة السجون. ولكن اتهام مصلحة السجون هو مثل تقديم حارس الكتيبة للمحاكمة كما هو في الكليشيه الشهير.
هل نقل أحد ما نوايا خفية إلى مصلحة السجون لتحقيق الهدوء بين السجناء الأمنيين واستمرار سياسة الاحتلال البيبية في الضفة لإرضاء المستوطنات والقضاء على السلطة؟ لقد خدع رئيس الوزراء السابق الجميع على طريقته، غير أن حلفاءه المزعومين خدعوه وخرقوا الاتفاق. بحكم القوة التي منحت لحركتي حماس والجهاد، وبؤس مصلحة السجون وسجانيها، خرج من سجن جلبوع الهروب الكبير. بدأ مثلما في فيلم “ستيف ماكوين” عندما أصبح الفارون الشجعان أسطورة فلسطينية للانتصار على إسرائيل العظمى، وانتهى تقريباً ببؤس القبض على معظم الفارين، المنهكين، الجوعى والمتروكين. إن نجاح القبض عليهم غطى على دهشة هربهم، وعزز وزير الأمن الداخلي عومر بارليف والحكومة كلها. هذه هي الحكومة التي تبدأ بالانتصار على الموجة الرابعة لكورونا، وبالتوازي تبدأ باكتشاف الإصابة العامة الهائلة التي تتسلل من الثقوب التي خلفها نتنياهو وراءه في ختام 12 سنة من حكمه.