يديعوت - بقلم: عاموس جلعاد "عرض وزير الدفاع غانتس في خطابه في مؤتمر معهد السياسة ضد الإرهاب (ICT) في جامعة رايخمن، صورة محدثة ومقلقة ببعد آخر للتهديد الاستراتيجي الإيراني ضد إسرائيل والدول العربية في الشرق الأوسط. من جهة، يثور تقدير لقدرة الاستخبارات الإسرائيلية على عرض صورة بهذه الدقة. بالمقابل، انكشف مرة أخرى فشل الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة التهديد الإيراني المتعاظم.
إن التهديد النووي، وارتباطه بأيديولوجيا متطرفة للنظام الإيراني، قد يشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل. فاستراتيجية الولايات المتحدة بالانسحاب الأحادي من الاتفاق، انطلاقاً من توقعات كسر النظام الإيراني من الداخل عن طريق العقوبات الحادة، لم تنجح. أما اليوم، وبغياب إحساس التهديد العسكري أو الوجودي على النظام، يقود الزعيم خامنئي والرئيس الإيراني الجديد رئيسي إيران نحو تحولها إلى دولة حافة نووية. بمعنى أن إيران تخصب اليورانيوم بمستويات عسكرية، وهو عنصر حرج في السلاح النووي، وقد تستخدمه لأهداف مثل استعراض القوة أو تلقي بطاقة دخول إلى نادي الدول النووية.
تركز الولايات المتحدة، كما صرح الرئيس بايدن، جهودها على منع تطوير سلاح نووي. قد تستنتج إيران بأنها كدولة حافة نووية، لا ينتظرها أي رد عسكري. وإذا ما فرضت عليها عقوبات، فيمكنها أن تعول على قوى عظمى مثل الصين وروسيا. وإذا ما وصلت إيران إلى الاستنتاج بأن لا معنى لتطوير سلاح نووي حقيقي لأن الأمر سيؤدي إلى صدام جبهوي مع الولايات المتحدة والغرب، ولكن إذا ما أصبحت دولة حافة نووية، فسيكون التحدي أمام إسرائيل خطيراً على نحو خاص: دول عربية مختلفة –مثل السعودية التي أعلنت عن ذلك على الملأ غير مرة– من شأنها أن تنضم إلى السباق النووي. تعتمد إسرائيل على صورة وواقع قوة عظمى استثنائية، وشرق أوسط نووي يقزم صورة قوتها ويُدخل عدم الاستقرار إلى الشرق الأوسط.
إلى جانب ذلك، تصعد إيران من خلال فروعها في لبنان وسوريا واليمن، وكذا غزة، التهديد الباليستي، خصوصاً على البنية التحتية المدنية والاستراتيجية لإسرائيل. التهديد متنوع ويتضمن عشرات آلاف الصواريخ، وثمة سعي لإنتاج صواريخ ذات قدرة إصابة دقيقة، وطائرات بدون طيار مسلحة (مثلما كشف وزير الدفاع في المؤتمر) وغيرها. إضافة إلى ذلك، تمارس إيران سياسة عنيفة أساساً تجاه السعودية – مركز ثقل الإسلام السني في الشرق الأوسط. نجمل بأسف، بأن إسرائيل وإيران على مسار الصدام، آجلاً أم عاجلاً.
ما الذي يمكن عمله؟ بالطبع، يجب مواصلة المساعي الاستخبارية النوعية المستخدمة تجاه إيران، ولكن على إسرائيل أن تعيد احتساب المسار من جديد، وأن تتعاظم بسرعة تجاه التهديد المتشكل. لهذا الغرض، مطلوب تنسيق استراتيجي وثيق مع الولايات المتحدة. من تحليل أقوال الرئيس، ووزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي الأمريكيين، نفهم بأن الطريق طويل لأن تشمر الولايات المتحدة عن أكمامها بشكل نشط ضد إيران؛ لأن سلم أولوياتها الاستراتيجي مختلف (الفيروس، الاقتصاد، الصين).
إلى جانب ما قيل أعلاه، مطلوب بالطبع تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الدول العربية، مثل لقاء بينيت والسيسي في مصر أمس، وهو لقاء علني ونادر واستثنائي، ذو مغازٍ استراتيجية. صحيح أنه لا يمكن الاعتماد على مصر للتعاون العسكري، ولكن العلاقات المتطورة تعدّ ذخراً كبيراً جداً لإسرائيل، مثلما هو أيضاً للدول العربية التي تواصل الحفاظ على استقرارها، حتى وإن كان بثمن الامتناع عن الديمقراطية.
ختاماً، إيران تتعاظم كتهديد مركزي على الأمن القومي لإسرائيل. والرد المطلوب من حكومة إسرائيل الجديدة هو خليط من الأمور: بناء قوة سريعة مع خلق جبهة سياسية استراتيجية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية السنية. الآن تحديداً، قبل يوم الغفران، مطلوب حساب عسير للنفس: في امتحان النتيجة، هل نحن جاهزون على نحو سليم للتهديد الإيراني المتعاظم؟