إسرائيل اليوم - بقلم: ايتمار فلايشمن "القلب يتمزق أمام المصيبة، ومثير للغضب أن يكون هذا هو الواقع، ولكننا ملزمون بقول الحقيقة المرة كالموت ببساطته: سقوط برئيل شموئيلي كان مكتوباً على الحائط. هذه هي النتيجة المحتملة الوحيدة لسلوك الجيش والقيادة السياسية منذ حملة “حارس الأسوار”: السلوك الذي جعل المفهوم الذي نحن أسرى له حيال غزة، والسبيل الذي أدى لاقتراب العدو من مسافة لمسة عن مقاتلينا – مسألة موت معروف مسبقاً.
لا حاجة للمرء أن يضع رتبة جنرال أو يتقدم برسالة في دراسة الأمن كي يرى مدى المنظومة العالقة في فهم منقطع عن الواقع حيال العدو الغزي. في الغالب تنكشف مفاهيم مغلوطة بعد المصيبة، ولكن في هذه الحالة كان هناك من اعتذر واعترف في الزمن الحقيقي بأننا أمام مفهوم خطير. يدور الحديث عن رئيس الموساد المنصرف يوسي كوهن، وهو من مهندسي النهج الذي بموجبه إذا ما صالحنا ووفرنا الاستقرار الاقتصادي للعدو في الجنوب، فإنه سيتوقف عن محاولة المس بنا. “أعترف أنني آمنت بأن لو اعتاد سكان قطاع غزة على قطرة أكثر من الرفاه المدني ستكون حياتهم أفضل وتقل دوافعهم للأزمات والحروب. ولكني أخطأت، على ما يبدو. أخطات”، قال كوهن في مقابلة مع أيلانا دايان. فهل استخلصت الدروس؟ هل توقفوا عن تحويل المال القطري؟ هل جعلوا السحر مفهوماً؟ الجواب المحزن “لا”، والنتيجة المأساوية جنازة مقاتل.
وهذه مجرد البداية. مع نهاية “حارس الأسوار”، بدأ الجيش الإسرائيلي يطلع الصحافيين بأن شعبة الاستخبارات أعدت صورة جديدة لزعيم حماس يحيى السنوار. فقد اكتشف باحثون متميزون لمراسل “هآرتس” بأنهم وبعد تحليل معمق استنتجوا ميلاد سنوار جديد، وهو “مسيحاني، متطرف وغير مرتقب”. ورووا في أماكن أخرى أنه منقطع عن الواقع. في تموز 2021 اكتشفت شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي فجأة بأن زعيم منظمة إجرامية إسلامية وكارهة لليهود هو شخص خطير.
ويوجد المزيد. منسق أعمال الحكومة في “المناطق” أصدر رسالة لسكان غزة، الذين يعيشون تحت دكتاتورية إسلامية، مناشداً أن يتوقفوا عن إطلاق البالونات الحارقة. ولشدة العجب، لم يستجب للمناشدة. وثمة أحداث معروفة متعلقة بعدم الرد على نار الصواريخ، ومواصلة إدخال العتاد، والوقود، والحديد وحتى السيارات الجديدة للبيع داخل غزة، ولا يمكن إلا أن نذكر الإغلاق والفتح لمجال الصيد المعروف، الذي أصبح رمزاً للغباء والعمى الإسرائيليين.
لا داعي للتوسع في الكلام عن القيادة السياسية. فالحكومة السابقة ليست نقية من المسؤولية عن الوضع، ولكن تجلس الآن شخصيات تؤيد قتلة اليهود وتتمتع بقوة شبه مطلقة، والحكومة تمتنع عن الرد كي لا تخرب على زيارة واشنطن، وأننا “لسنا إمّعات لحماس”.
هل كان لبرئيل فرصة؟ فقد وصل إلى الاستحكام على حدود غزة، وهو متحفز للرد حسب ما يلزم، ويقف أمام جمع غاضب في طرف مسيرة فشلت فيها كل المنظومات وتعفنت، وتشوشت الفوارق بين الواقع والخيال. لم يدفع أحد من الضباط حتى الآن ثمناً على الفشل العملياتي. لم يجرِ أحد من السياسيين حساباً للنفس. والأخطر من كل ذلك، لم يدفع أحد من حماس أي ثمن لقاء ذلك. برئيل حدارية شموئيلي دفع الثمن بكامله عنا جميعنا. فلتحيا ذكراه مباركة.