الرواية الفلسطينية من ١٩٤٨ حتى الوقت الحاضر..عادل الأسطة

الأحد 29 أغسطس 2021 09:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الرواية الفلسطينية من ١٩٤٨ حتى الوقت الحاضر..عادل الأسطة



«الرواية الفلسطينية من سنة ١٩٤٨حتى الوقت الحاضر» هو آخر الكتب التي أقرأ فيها.
صدر الكتاب بالعربية، مترجماً عن الإنجليزية، في العام ٢٠٢٠ عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت ورام الله، وكانت الطبعة الإنجليزية صدرت في العام ٢٠١٦.
مؤلف الكتاب هو الدكتور بشير أبو منة الذي يشغل منصب محاضر في أدب ما بعد الاستعمار ومدير مركز الدراسات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية في جامعة «كنت» في بريطانيا، وأما مترجمه فهو مصعب حياتلي.
في الأسبوع القادم يفترض أن أتحدث في احتفالية بيت لحم عن الرواية الفلسطينية في المنفى، والسؤال الذي راودني وأنا أجمع بين ما أقرأ وما سأتحدث عنه، هو:
- ماذا لو اعتمدت في محاضرتي على الكتاب الذي أقرأ فيه فقط؟
وتلا السؤال سؤالان آخران هما:
- هل سأتحدث عن غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا فقط؟ وإذا ما فعلت هذا، فماذا سيقول عني جمهور المستمعين وبم سينعتونني؟
من المؤكد أنني سأنعت بأنني من أهل الكهف، وأنني لا أقول إلا معاداً مكروراً، فكنفاني استشهد في ١٩٧٢ وجبرا توفي في ١٩٩٤، وبعدهما جرت مياه كثيرة في نهر الرواية الفلسطينية في المنفى.
الخوض في الرواية الفلسطينية في المنفى بعد استشهاد كنفاني ووفاة جبرا يتطلب مساحة أضعاف مساحة مقال في صحيفة، وهنا سوف أشير إلى ملاحظات عابرة حول الكتاب الذي توجه بالأساس لقارئ عالمي يقرأ بالإنجليزية، ثم توجه للقارئ العربي من خلال الترجمة التي يحسب لمترجمها أنه في نقل نصوص الروائيين عاد إلى الروايات الأصلية لا إلى ترجمتها إلى الإنجليزية، وهكذا لم يترجم المترجم وأعفى نفسه من الوقوع في كارثة وقع فيها بعض المترجمين.
في كتابه يدرس بشير أبو منة أربعة أصوات روائية فلسطينية هي: جبرا إبراهيم جبرا وغسان كنفاني وإميل حبيبي وسحر خليفة، ويأتي على الرواية المشتركة «عالم بلا خرائط» لجبرا وعبد الرحمن منيف، ثم يدرس كتاب الفرنسي (جان جينيه) «أسير عاشق/ سجين الحب» ويتوقف بإيجاز أمام رواية الروائي اللبناني إلياس خوري «باب الشمس»، وهذا الجمع بين أربعة أصوات فلسطينية وثلاثة أصوات عربية وعالمية يعد مثار سؤال، ويعيدني شخصياً إلى ورقتي التي كتبتها في العام ١٩٩٧ لمؤتمر الأدب الفلسطيني في جامعة بيرزيت ثم نشرتها في كتابي «فلسطينية الأدب والأديب: سؤال الهوية» الذي صدر في العام ٢٠٠٠ عن دار الشروق.
ويبدو أن المؤلف اعتمد في تحديد هوية الأدب، بالدرجة الأولى، على الموضوع، لا على مكان الولادة أو الهوية الوطنية أو الأصول العائلية التي انحدر الكاتب منها أو اللغة، فكتاب (جينيه) مترجم إلى العربية، والطريف أنني في كتابي ذكرت (جان جينيه) وإن لم أذكر
إلياس خوري، فلم تكن روايته المذكورة قد صدرت. (صدرت «باب الشمس» في ١٩٩٨ - أي بعد عام من تقديم ورقتي في جامعة بيرزيت، ومع ذلك فقد تساءلت عن الكتاب العرب الذين يخوضون في الموضوع الفلسطيني وإدراج نصوصهم مثل السوري أديب نحوي وروايته «عرس فلسطيني»، كما تساءلت عن النصوص التي يكتبها كتاب فلسطينيون بلغات غير العربية، وذكرت رواية جبرا «صيادون في شارع ضيق» وروايات أخرى مكتوبة بالفرنسية والألمانية والعبرية مثل رواية إبراهيم الصوص «بعيداً عن القدس» المكتوبة بالفرنسية ورواية أنطون شماس «عربسك» المكتوبة بالعبرية ... إلخ).
يركز الدارس على جبرا أكثر من تركيزه على كنفاني وحبيبي وخليفة، ويدرس أكثر أعماله في حين يختار أعمالاً محددة للثلاثة الأخيرين، بل إنه درس الرواية المشتركة لجبرا مع منيف، عدا أنه بدأ بجبرا على غير المعتاد في الدراسات العربية ومن أبرزها كتاب فاروق وادي «ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية» الصادر في ١٩٨٥ حيث درس كنفاني أولاً وحبيبي ثانياً.
ونادراً ما التفت أبو منة للروايات من ناحية جمالية. لقد ناقش أفكارها وصلتها بأفكار كتابها وما يطرحونه وطنياً واجتماعياً، وأحياناً وحد بين سارد الرواية وكاتبها كما في دراسته لرواية حبيبي «المتشائل» التي وقف عندها دون أن يتجاوزها إلى سداسيته ومسرحيته «لكع» وروايتيه «اخطية» و»خرافية سرايا بنت الغول» إلا نادراً.
هل اقتصر المؤلف على أعمال الروائيين المذكورين لأنها مترجمة إلى الإنجليزية، ولم يدرس روايات كتاب آخرين لأنها لم تترجم؟
سؤال مشروع يثيره قارئ الكتاب ويثير أيضاً أسئلة أخرى مثل ماذا يضيف الكاتب إلى الدراسات السابقة؟ ولماذا أهمل عشرات الدراسات العربية حول الروائيين المدروسين واعتمد على دراسات أجنبية كثيرة جداً؟
الكتابة تطول والمساحة محدودة.