صحيفة إسرائيلية.. بمفاوضته “طالبان”: هل قرأ بايدن كتاب “خمسة أيام في لندن”؟

الخميس 26 أغسطس 2021 06:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة إسرائيلية.. بمفاوضته “طالبان”: هل قرأ بايدن كتاب “خمسة أيام في لندن”؟



القدس المحتلة / سما /

يديعوت - بقلم: سيفر بلوتسكر                "لو كان بوسعي أن أوصي مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يقرأوا كتاباً ما، لاقترحت “خمسة أيام في لندن” للمؤرخ جون لوكاتش. كتاب كلاسيكي صدر قبل أكثر من عشرين سنة ويصف بتفاصيل التفاصيل مداولات مجلس الحرب البريطاني برئاسة ونستون تشرتشل في عهد الاجتياح الألماني لغرب أوروبا في أيار 1940 وبالضبط – بين 24 و 28 أيار.

الوضع في الميدان صعب: بعد أن احتل بلجيكيا وهولندا بلا معارك تقريباً وأغرق فرنسا نفسها، يغلق الجبار الألماني أيضاً على 340 ألف جندي بريطاني يرابطون على أرض فرنسا في ميناء دنكيرك. تشرتشل الذي دخل لتوه منصب رئيس وزراء بريطانيا، ملزم بأن يقرر: هل يقبل بالتلميحات التي يأتيه بها دبلوماسيون مختلفون عن استعداد هتلر المزعوم للشروع في مفاوضات غير مباشرة للسماح بإخلاء هادئ للقوات البريطانية من القاعدة في دنكيرك أم يرد التلميحات رداً باتاً ويخاطر بحرب مضرجة بالدماء.

في نهاية أربعة أيام من المداولات، يحسم تشرتشل ووزراؤه: لا حديث مع النازيين ، ولا بأي وساطة أو من تحت الطاولة، فكل حديث معهم سيؤدي إلى تدهور في “المنحدر السلس” (التعبير الذي استخدمه تشرتشل في حينه لأول مرة) وفي أسفله تسليم بنظام الشر المطلق الذي يهدد الحضارة البشرية بصفتها هذه. رفض تشرتشل أي شكل من “الحوار” و”التنسيق” مع النظام النازي لم يعد بالنصر، يكتب لوكاش، ولكنه “أوقف الانهزامية”. ورغم أن الجيش الألماني كان جيشاً قوياً، مسلحاً جيداً، ويحمل على موجات الانتصارات، فإن الموقف غير المهادن للحكومة في لندن دفعت هتلر وجنرالاته للامتناع عن الهجوم المباشر على القوات البريطانية في انسحابها في البحر من فرنسا إلى بريطانيا، في إحدى حملات الإخلاء الأكبر الأنجح والفورية في التاريخ.

لو قرأ الرئيس بايدن في الوقت المناسب (خمسة أيام في لندن)، لما أرسل رئيس السي.أي.إيه إلى لقاء تنسيق مع قادة التنظيم الإرهابي الإسلامي طالبان، الذي انتهك الاتفاقات العلنية والسرية معه – وبالتأكيد ما كان ليوافق علناً على مطلب التنظيم بإنهاء الوجود الأمريكي في كابول حتى نهاية الشهر. طالبان ليش جيشاً: عصاباته تعد نحو 40 ألف إرهابي، من قبائل مختلفة مع سلاح قديم. وهم ما كانوا ليتجرأوا على مهاجمة آلاف الجنود الأمريكيين الذين يحرسون مطار كابول. إخلاء اللاجئين الخائفين من نظام طالبان كان، بقدر ما سيستمر، ولكن عندما يكون الاعتبار الأعلى للرئيس الأمريكي هو توفير تبادل النار مع طالبان، خشية أن يصاب جندي أمريكي، فهذه بداية التدهور في المنحدر السلس الذي حذر منه تشرتشل في الأيام الخمسة المصيرية في أيام 1940.