تحلّ اليوم، الجمعة، الذكرى السنوية الأولى لإعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات بشكل كامل. وبينما ربطت الإمارات قرارها تطبيع العلاقات مع إسرائيل بوقف ضمّ مناطق من الضفة الغربية، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم، الجمعة، أنّ الضمّ هو المرحلة الثالثة من خطّة إسرائيلية تشمل التطبيع، وليس بديلا عنه.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي في الحكومة السابقة أن إسرائيل توصّلت إلى اتفاق مع دولة خليجيّة (لم تسمّها) بالموافقة على الضمّ.
وزعمت "يسرائيل هيوم" أن إسرائيل بدأت اتصالاتها مع دول خليجية أثناء فترة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وأنّ ترامب كان مصرًّا على الدفع بمسار سياسي أمام الفلسطينيين من أجل "التسهيل على دول الخليج إخراج علاقاتها مع إسرائيل إلى العلن، وأيضًا عندنا كان واضحًا أن يجب فعل شيء على الجبهة الفلسطينية، حتى لو كان الاتفاق غير قابل للتطبيق".
"الدولة الفلسطينية": طُرحت لترفض
وتابع المراسل السياسي للصحيفة، أرئيل كهانا، أن "الرسائل التي وصلت إلى إسرائيل من دول عربية قادت نتنياهو ومستشاريه إلى استنتاج أنه من أجل تسهيل التطبيع كان يجب البناء على خطّة للسلام مع الفلسطينيين تتضمّن ثلاثة مكّونات أساسيّة"، هي، وفق الصحيفة، مصطلح "دولة فلسطينية"، "حتى لو أُفرغ المصطلح دولة من مضمونه"؛ تنازل إسرائيلي أيًا كان حول القدس "ومن هنا جاءت فكرة نقل حيّين ونصف عربيين في القدس خلف الجدار إلى السلطة الفلسطينية"؛ وحفظ الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك.
وبحسب الصحيفة، فإنّ إسرائيل كانت "على ثقة مطلقة" بأن الفلسطينيين سيرفضون الخطّة، وأن أفضليّتها الأساسية كانت في المرحلة التي تليها: التطبيع مع دول عربية.
ولم يعرف الإسرائيليون، وفق الصحيفة، أي دولة عربية ستطبّع علاقاتها أولا، ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع سابق أن التقديرات هي أنّ "الإمارات في الوضع الأكثر نضوجًا، لكن لم يكن هناك اتفاق سري مع محمد بن زايد أو أي قائد آخر".
المغرب قبل الإمارات؟
وتزعم الصحيفة أن الموقف الأميركي كان مغايرًا، ونقلت عن مسؤول سابق في الإدارة الأميركية كان له "دور حاسم" في مسار التطبيع، أن "نيّتنا من نشر خطّة السلام في كانون ثان/يناير 2020، كان التوصّل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وتركّزنا في هذا الأمر. لم يعتقد أي شخص أو يعرف أن الأمور ستتطوّر كيفما تطّورت في نهاية المطاف".
وأضاف المسؤول الأميركي أن الضمّ لم يدخل إلى "صفقة القرن" من أجل الحصول على عائد ما لاحقًا. "على الرغم من أننا كنا نعمل على التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، لكن لم تكن علاقة بين الأمرين، والإماراتيون أيضًا لم يكونوا المرشّحين الأوائل. إن سألتني في يناير 2020 من ستكون الدولة الأولى، كنت سأخبرك أنها المغرب".
وعزمت الإدارة الأميركية على طرح "صفقة القرن" في بداية العام 2019، إلا أن الانتخابات المتعاقبة في إسرائيل أجّلت الإعلان. ورأت إسرائيل أن "دولا عربيًا ستعطي الفلسطينيين عدّة أشهر لهضم الخطّة. وإن قرّر الفلسطينيون بدء المفاوضات – فهذا جيّد. وإن لم يفعلوا ذلك، سيقول الخليجيون شيئًا على منوال ’انتظرنا الفلسطينيين بما فيه الكفاية، ينتظرهم مقترح أميركي معقول على الطاولة. نحن سنتقدّم باتجاه التطبيع مع إسرائيل’".
وكشفت الصحيفة أنّ التفاهمات بين الإسرائيليين والأميركيين كانت أن يكون الضم بعد التطبيع، وفقًا للمناطق التي منحتها "صفقة القرن" لإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيل كان مطّلعًا على تفاصيل الخطّة أن "خطوة كهذه في توقيت صحيح، لم تكن في أيّ حال من الأحوال لتؤدّي إلى انهيار اتفاقيات التطبيع"، وتابع "صحيح أن هذه الدول أرادت تقدّما في القضية الفلسطينية، لكنها لم توافق على منح أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس) مفاتيح تقدّمها (اتفاقيّات التطبيع) أمام إسرائيل. هذا هو لبّ الموضوع. فهمنا هذا من محادثاتنا معهم".
تغييير أولي وجوهري في الخطّة: الضمّ قبل التطبيع
وبحسب الصحيفة، اتفق الإسرائيليون والأميركيون بعد الإعلان عن "صفقة القرن" عن ضمّ فوري. وحينها كتب أحد مستشاري نتنياهو أن الضمّ سيكون "يوم الأحد المقبل"، لكنّ ذلك لم يحدث.
وقضى الاتفاق بأن تضمّ إسرائيل 30% من أراضي الضفة الغربية، المخصّصة لها في "صفقة القرن"، وألا تضمّ أي مناطق أخرى خلال السنوات الأربع التي تلي الضم الأوّل، من أجل إتاحة وقت لمفاوضات محتملة مع الفلسطينيين.
لكن هذا التغيير لم يكن "ليمنع من الإمارات أو دول أخرى التسوية مع إسرائيل"، وفق الصحيفة، التي نقلت عن المصدر الإسرائيلي أنّ "مصلحة هذه الدول في السلام مع إسرائيل لن تتغيّر بسبب خطوة مثل الضم".
وكشفت الصحيفة أن مسؤولا في مكتب نتنياهو اتصل، بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي عن صفقة القرن في 28 كانون ثانٍ/يناير 2020، بمسؤول كبير في إحدى دول الخليج وأوضح له ما تنوي إسرائيل فعله، قائلا له "ننوي تمرير قرار الضم. كلّما فعلنا ذلك أسرع، كلّما تعرّضتم لضغط أقلّ. وبعد ذلك افعلوا ما عليكم فعله"، وردّ عليه المسؤول الخليجي بالقول "يبدو هذا منطقيًا".
وتحدّثت الصحيفة عن "اتفاق صامت" بين المسؤول الإسرائيلي والخليجي على "بعد فترة معيّنة من الضم، وبعد الانتخابات الأميركية، ستعلن هذه الدول ودول أخرى عن رغبتها بالتسوية مع إسرائيل".
لكنّ الضمّ لم يحدث في نهاية المطاف بسبب خلافات داخل الإدارة على الأميركية على توقيت الضمّ ووتيره، فبينما حصل نتنياهو على ضمانات من مسؤولين أميركيين آخرين بشكل واضح بأن بإمكانه ضم الضفة الغربية فورًا، تحدّث كبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، عن مسار أكثر بطئا، وتأجيل الضم إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وفق الصحيفة.
ويتّضح مما نشرته الصحيفة، أنّ الإسرائيليين والأميركيين لم يكترثوا بالمقال الذي نشره السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مطلع حزيران/يونيو 2020، وزعم فيه أن الضمّ سيمنع تقرّب العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.
وكشفت الصحيفة أنّ الأميركيين قرّروا التقدّم في موضوع الضم رغم مقال العتيبة، وفي نهاية حزيران/يونيو، جاء إلى إسرائيل المبعوث الأميركي الخاص، آفي بيركوفيتش، الذي سمع من وزيري الأمن والخارجية الإسرائيليين، بيني غانتس وغابي أشكنازي، معارضتهما للضم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي أن نتنياهو رفض طلب بيركوفيتش بمنح الفلسطينيين "مبادرة ما مقابل الضمّ".
ومع إصرار غانتس وأشكنازي على رفض الضم، ونتنياهو على رفض تقديم أي مبادرات للفلسطينين، "ولدت فكرة التنازل عن الضمّ مقابل السلام مع الإمارات"، وفق المسؤول الأميركي، ورغم أن الإمارات لم تشترط ذلك.
وما أن حطّت طائرة بيركوفيتش في الولايات المتحدة، حتى اتصل به العتيبة ليعرض عليه مقترح يقضي بالتطبيع مقابل وقف الضم. ولم يذكر المسؤولون الأميركيون إن كان كوشنر مارس ضغوطًا على العتيبة لتقديم المقترح أثناء الفحص الذي أجراه بيركوفيتش مع نتنياهو.
ولم يكن واضحًا في تلك الفترة ما المقصود بالتطبيع، وما الذي ستتنازل عنه إسرائيل في الضمّ.
وقاد اتصالات التوصل إلى اتفاق التطبيع بيركوفيتش من الجانب الأميركي، والسفير الإسرائيلي في واشنطن حينها، رون ديرمر، والعتيبة.
وبحسب الصحيفة، شكّل الإسرائيليون والأميركيون "جبهة واحدة" ضد مطالب إماراتية تتعلّق بوقف دائم للضمّ وبأن يكون التطبيع جزئيًا، وتم التوصل لاحقًا إلى "تعليق الضم" وليس وقفه، وتطبيع علني شامل.