نظمت جمعية بذور للتنمية والثقافة لقاء حواريا بعنوان “فلسطين قضية الاحرار”، استضافت فيه ممثلين عن حركة “ناطوري كارتا” اليهودية المناهضة للصهيونية، الى جانب رجال دين من اتباع الديانات السماوية في نابلس وعدد من الاكاديميين والباحثين والناشطين الشباب.
وعقد اللقاء الذي اداره، المدير التنفيذي لـ”بذور” الدكتور رائد الدبعي في قاعة حديقة الوحدة التي كانت كنيسا سامريا، وجرى تحويله مؤخرا الى مركز للانشطة الثقافية في المدينة. وقد أكدت مخرجات الحوار على أن فلسطين ستظل مكانا للعيش المشترك وقضية الاحرار في العالم على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم ودياناتهم، وان لا عداء مع الديانة اليهودية وانما العداء مع الصهيونية العالمية والاحتلال الذي سلب شعبنا الفلسطيني ارضه ومقدراته.
ورحب المدير التنفيذي لـ”بذور” بممثلي “ناطوري كارتا” باعتبارهم من مناصري الحق والعدالة وااصحاب لموقف الحقيقي الواضح وغير الضبابي، والذين اعلنوا منذ البداية ان فلسطين كل فلسطين تخص الفلسطينيين وحدهم، واتخذوا موقفا واضحا ضد الصهيونية والاحتلال والعنصرية والظلم والعدوان.
وأضاف باننا نعتبر “ناطوري كارتا” جزءا من معسكر الانتصار للحق والحرية والعدالة والسلام وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي كلمته، رحب مفتي محافظة نابلس، الشيخ أحمد شوباش، بمن يقفون الى جوار الحق الفلسطيني ويؤيدون قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، مؤكدا ان طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم من اتباع الديانات الاخرى تقوم على الحوار والتواصل والاحترام المتبادل.
وشدد المفتي على ان مشكلتنا مع الاحتلال ليست بسبب انتمائه للديانة اليهودية، وانما لقيامه بسلبنا حقنا في اقامة دولتنا االفلسطينية والعيش في هذه الديار التي هي بلادنا التاريخية.
وأضاف شوباش باننا كمسلمين نعيش في نابلس مع اخواننا السامريين والمسيحيين جنبا الى جنب وبكل محبة وتعاون، ونفس الامر ينطبق على علاقتنا مع جماعة “ناطوري كارتا” التي تنتمي لليهودية ويَعتَبِر اتباعها انفسهم فلسطينيين ويؤيدون الحق الفلسطيني ويعارضون الاحتلال واهداف الحركة الصهيونية.
وقال المفتي باننا نقف مع السلام العادل القائم على اعادة الحق الى اصحابه واقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ونسعى كي نعيش بكرامة وعزة وحرية على هذه الارض الفلسطينية.
بدوره، قال ممثل المواطنين السامريين، اسحاق السامري، بان هذه الارض قد خلقت للسلام ،ولكنها لم تر يوما هذا السلام الذي أكدته كل الاديان وكل الكتب السماوية. واضاف باننا كشعب فلسطيني نعيش محرومين من هذا السلام بسبب وجود الاحتلال الغاشم الذي يجثم فوق ارضنا وصدورنا.
ونوه السامري الى أنه لا يوجد شيء اسمه “الديانه اليهودية”؛ وانما هناك ديانة بني اسرائيل او الديانة العبرية، وما اليهودية سوى ملة او جزء من هذه الديانة، ولكن القوة التي تتمتع بها الصهيونية العالمية أضفت على هذه الملّة طابع الديانة.
واشاد بدور”ناطوري كارتا” في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة كما هو الحال بالنسبة لكل انسان وطني مهتم بالعيش فوق هذه الارض المقدسة بحرية واستقلال.
من ناحيته، بيّن رئيس المجلس الصوفي الاعلى في بيت المقدس، عبد الكريم نجم، ان التصوف رسالة محمدية وهي استمرار لكل الرسالات التي اتى بها الانبياء وهو موجود لدى الرسالة الموسوية ولدى الرسالة العيساوية.
واضاف بان الشعب الفلسطيني الان يتعرض لجولة جديدة من جولات الاستعمار الصهيوني المدعوم من الاستعمار الغربي العالمي، مضيفا ان هؤلاء المستعمرين يعتقدون انهم اطبقوا السيطرة على فلسطين ككل، ويصار الان الى استعمار المنطقة بدعاوي مختلفة مثل السلام الابراهيمي والمسار السياحي الابراهيمي.
ودعا نجم الى اطلاق حوار الثقافات وليس حوار الاديان او الحضارات، لان الدين عند الله واحد، والحضارة واحدة متعددة الثقافات، ففي هذه المرحلة يجب ان تلتقي ثقافات المستضعفين من اجل الدعوة الى السلام بشكل كامل.
وفي كلمته، أكد مدير اوقاف نابلس الاسبق زهير الدبعي ان نابلس وكغيرها من مدننا الفلسطينية والعربية كانت وستظل مكانا للعيش المشترك، لافتا الى انه في العام 1848 قد جلس على مقاعد الدراسة في مدرسة الدير التابعة للكنيسة الاسقفية العربية في نابلس
طلاب مسلمون ومسيحيون وسامريون ويهود. وقد كان اليهود الذين عاشوا في هذه المدينة مواطنين معززين مكرمين يعيشون عصرهم الذهبي قبل ان تأتي الحركة الصهيونية وهي حركة الحادية لا دينة بفكرها الاجرامي الاستعماري.
وأضاف الدبعي مخاطبا ممثلي “ناطوري كارتا” والتي تعني حراس المدينة، بأن “حراسة مدينة المقدسات ومدينة العيش المشترك لا تكون بالدبابات وبالطائرات وبالقنابل النووية وانما بمثل مواقفكم التي تؤمن بالمحبة وترفض العدوان والاحتلال والكراهية وتؤمن بالعيش المشترك”، مؤكدا حتمية اليوم الذي ستتخلص في فلسطين من كل دعوة للعنصرية العنف والارهاب، وحتمية اليوم الذي تعود فيه الى القدس حياتنا المشتركة.
وفي كلمته بالعبرية والتي ترجمها مدير مديرية الثقافة في نابلس، حمد الله عفانة، أكد رئيس حركة “ناطوري كارتا” الراف هيرش، عن تضامن حركته مع ابناء الشعب الفلسطيني الذين يعيشون هنا تحت الظلم الاضطهاد الصهيوني، وبشكل يتناقض اساسا مع الدين اليهودي، ومع القانون الدولي.
وأشار “هيرش” الى ان العلاقة ما بين الشعب العربي واليهود كانت دائما علاقة مودة وحب واحترام، وقد عاش مئات الاف اليهود في الدول العربية وفي فلسطين وسط اجواء من الاحترام المتبادل، قبل قدوم الصهيونية.
وأكد بأنه ليس لديهم اي طموح في السلطة وانهم يتوقون للعيش مع الفلسطينيين بمحبة وسلام كما كان الوضع في السنوات السابقة.
وأضاف “هيرش”: “اننا نطلق من هنا من نابلس صرخة باسم اليهود الفلسطينيين الى كل قادة العالم بأنه آن الاوان لكف يد الصهيونية عن هذا العنف العنصري المستمر ضد الفلسطينيين، ويجب انهاء هذا الاحتلال، وتقديم كافة اشكال المساعدة الاقتصادية والانسانية للفلسطينيين اصحاب هذه الارض”.
ودعا مجلس الامن الدولي الى مناقشة تداعيات وآثار الاحتلال الصهيوني لفلسطين، لافتا الى ما نشهده في الفترة الاخيرة من تصعيد للعنف وقتل للفلسطينيين بدم بارد من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين.
وأكد زعيم “ناطوري كارتا” أن الصهيونية التي تمارس التزييف باسم الدين ليس لها الحق في ان تتحدث باسم الشعب اليهودي، وهي ليس لها علاقة بالدين او بالشعب اليهودي أو توراته. وشدد على انه ليس للصهيونية الحق في ملكية ولو سنتمترا واحدا من أرض فلسطين، وان السيطرة على هذه الارض كلها يجب ان يكون لاصحابها الاصليين ابناء الشعب الفلسطيني.
وقال “هيرش بأن “معارضة الصهيونية ليست لا سامية، وان اللاساميين الحقيقيين هم الصهاينة الاعداء رقم واحد لليهود”.
وتابع بأن الحق الوحيد على الاماكن المقدسة هو لاصحابها الفلسطينييين وليس للصهيونية اي حق بالسطرة عليها، معربا عن أمله في ان يرفرف العلم الفلسطيني قريبا على كل الاماكن المقدسة.
وأضاف “هيرش”: “نحن نؤمن ان الحل النهائي والعادل يكمن في وقف دائرة العنف الدموي، ونشر المحبة والسلام بن المسلمين واليهود، وتمكين الفلسطينيين من بناء سلطتهم على كل الارض الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ودار خلال اللقاء نقاش موسع، اسهم فيه الشباب المشاركون في اللقاء بفعالية حيث قدموا العديد من المداخلات وطرحوا الاسئلة الاستفسارات.