بدون رقابة...مرام الحلبي

الثلاثاء 10 أغسطس 2021 12:24 م / بتوقيت القدس +2GMT



على أبواب العام الدراسي الجديد لفت انتباهي منشور تابع لإحدى المدارس الثانوية الحكومية للبنات في غزة يحدد فيه نوعية الملابس وتحددت بجلباب قماشي بمواصفات معينةويمنع زي المدرسة المعتمد، ومن لا تلتزم بها لن يتم قبولها في المدرسة وطبعا مع مجموعة من المحددات الأخرى.

لقد جرت العادة اننا انتظرنا كثيرا حتى ندخل المرحلة الثانوية لجمال الملابس وتميزها، ولكن ما تم ملاحظته منذ عدة سنوات ان المدارس في غزة أصبحت تفرض زيا جديدا لا علاقة له بما فرضته وزارة التربية والتعليم على طالباتالمدارس إضافة الى فرضها للعديد من الأمور التي كمدرسة لا يجب عليها ان تتدخل بها لوقوعها في خانة الحريات الخاصة.

ومع مراجعة بعض الأهالي الرافضين لهذه السياسة الجديدة لوزارة التربية والتعليم تبين لهم انه لا توجد أي قرارات الزامية بخصوص تحديد زي المدرسة وإلغاء الزي الرسمي لها.

إذا لماذا يتم الان اجبار الطالبات على فعل ما لا ترغب به، وعند النظر الى القرارات من زاوية المدرسة يتم ربطها بالجانب الديني، فهل أصبحت المدرسة الان مؤسسة دينية؟ وما عادت مؤسسة تعليمية تستقبل كل الطالبات باختلاف أفكارهم ومعتقداتهم وقناعاتهم؟

إذا فإن ما يتم من ممارسات المدرسة ما هو الا تدخل سافر في حياة الناس وتقييد لحرياتهم مع العلم ان زي المدرسة المعتمد لطالبات الثانوية من وزارة التربية والتعليم يتسم بالحشمة بالإضافة الى كونه اصيل ومعبر عن قيم جميلة وراقية للمجتمع الفلسطيني المحافظ.

والسؤال الأهم المطروح، لماذا تقبل الاسر الفلسطينية ازدواجية المعايير وما هي الفكرة من التزام الطالبة جلباب داخل المدرسة فقط، فمسألة تحديد الملابس للفتاة عادة ما تكون مرتبطة بطبيعة العائلة وقناعاتها، وهذه السياسات ما هي الا عملية تحويل واضحة للشعب الفلسطيني الى شعب اخر بمفاهيم ومعتقدات اكثر تشددا، ولان المدارس تابعة لوزارة التربية والتعليم يجب ان نؤكد على أهمية تفعيل دور التربية في المقام الأول ولا تكون التربية بالإكراه والاجبار وفرض القناعات على الطالبات واهاليهم، ولا يوجد ما يسوغ هذا النوع من الاجبار والاكراه سوى عملية نقل الفكر المتطرف وبثه.

لذا نطالب وزارة التربية والتعليم في رام الله وفي غزة بضرورة التدخل ومخاطبة هذه المدارس عن هذه السياسات المستحدثة وتوضيح ما إذا كانت ارتجالية ام مدعومة من الوزارة. واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح هذا المسار. 

كما ونطالب وزارة شؤون المرأة والمنظمات النسوية ومنظمات حقوق الانسان بتحمل مسؤولية ما يتم ممارسته من المؤسسات التعليمية لتقييد الحريات والتدخل فيها بشكل سافر. 

فلا يزال المجتمع مصرا على قولبة مهام ومسؤوليات المرأة وتشكيل افكارها وتوجهاتها وتوجيهها بما يتناسب مع الفكر الابوي السائد مما تسبب في الكثير من حالات العنف الممارس على النساء والمبنية على الكراهية والتقليل من قيمة المرأة.

فنحن لا نزال حتى اللحظة نعيش فترة نقاهة من جرائم القتل الممارسة على المرأة الفلسطينية وابعادها عن مشاركتها في الحياة العملية والاقتصادية والسياسية، ولا يتم الحديث عن المرأة وحقوقها الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية الا في المحافل السياسية وخطط المرشحين وفي كل محفل يُستغل من اجل حشد التأييد.

فلا تزال المرأة في موقع ضعيف وبعيد عن صناعة القرار لحجج كثيرة والخوف من ردة فعل المجتمع كونه يتبع التقاليد العشائرية المقدسة لدور الرجل والمهشمة لدور المرأة بشكل واضح.