حسن نصر الله “جمل المحامل”، النور الساطع الوحيد في ليل هذا الشرق المُدلهم الخارج من نطاق الزمان والمكان.
البلسم الشافي لجراحات الأمّة لو قصدت أن تُبلسم جراحاتها.
الدواء الناجع لأمراض الأمتين العربية والإسلامية لو أرادتا التداوي والخروج من نطاق السواد المُخيّم على صحاريهم وبراريهم وبحارهم وخلجانهم وقوافي شعرهم ونسق سردهم ونتاج نثرهم.
الغرب، الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، يُناصبوننا العداء مجّانا، سرّا وعلنا، في السرّاء والضرّاء، يُحاربوننا نحن في الشرق الساذج البسيط، بقوّتهم وغطرستهم وتوحّشهم وأسلحتهم الفتّاكة وأسلحتهم النووية، وبضعفنا وتأخّرنا وإفلاسنا وقلّة حيلتنا وقلّة حيلنا، “وبالضحك على ذقوننا”.
يدسّون أصابعهم الناريّة النجسة في مشيمات أجسادنا ويفركون الملح في جلودنا ويُقيمون أفضل العلاقات مع المتخلّفين منّا ويمقتون كلّ واحدٍ فينا يرفع رأسه ويُنادي “حيّ على الجهاد، ويُنادي بأن “إعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا”، ويُنادي “وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل”، صدق الله العظيم.
ونحن كأمةٍ عربيةٍ ماذا عملنا ونعمل في الحقيقة والواقع أمام هذا المدّ والتمدّد الصهيوني والغربي المتوحّش منذ مئة عام أو يزيد؟؟!!
ماذا عملنا غير الهروب إلى الأمام أو الإلتحاق بركب المُعتدي الغاصب وإزالة الأشواك من طريقه حتى يفتك بنا أكثر ويستفرد بنا واحدا واحدا فيكسرنا ويهزمنا ويُيتم أطفالنا ويُرمّل نساءنا ويحني رقاب ورؤوس رجالنا، التي لا يجب أن تنحني إلا لله سبحانه وتعالى.
نشحذ خناجرنا ونتنافخ ولكن لطعن بعضنا البعض في الظهور، نشحذ سيوفنا ونشرعها من أغمادها حين نغرسها في ظهر من يُقاتل أعداء الأمّة وأعداء الدين وأعداء البشرية وأعداء الوطن، وكأننا خُلقنا لنكون “طابورا خامسا”، وأننا لسنا من نسل أبو عبيدة عامر بن الجرّاح ولا من نسل خالد بن الوليد ولا من نسل صلاح الدين الأيوبي!!!
ألم يكن من العار والخسّة والنذالة أن تجتمع الجامعة العربية وأن تعلن عن حزب الله المقاوم منظّمة ارهابية وأن تطرد قناته المحترمة المقاومة، “قناة المنار”، من جنّة قمرهم “الذابل” نايل ستات، في الوقت الذي أبقت عليه عشرات القنوات “الخليعة” والمُبتذلة من روتانا وأم بي سي وأخواتها؟؟!!
هل ودّع العرب إلى الأبد “وا مُعتصماه” ولم يعد يجري في عروقهم لا نخوة ولا شرف ولا عنفوان ولا حميّة ولا انتصارا لتلك المرأة الصارخة “وا مُعتصماه”؟؟!!
طائرات “إل عال” الصهيونية الممهورة بنجمة داوود السداسية وبدماء الفلسطينيين والعرب منذ أكثر من سبعين عاما، أصبحت تطير مباشرة الى ربوع المغرب والى ربوع الامارات وقبلها الى ربوع القاهرة وإلى ربوع عمّان.
علم إسرائيل الأبيض الأزرق “المُزيّن” بنجمة داوود السداسية يرفرف على سفارات أحفاد يوشع بن نون في فضاء وفي سماء العرب في المغرب ودبي والمنامة والقاهرة وعمّان وقريبا في الخرطوم وأم درمان وفي مسقط وفي الرياض!!!
الزعيم الأوحد الوحيد المُنتصب مثل السيف فردا الذي يّنادي ويعمل ويجدّ ويستعدّ لمحاربة إسرائيل والوقوف في وجه المدّ والتمدّد الصهيوني الإمبريالي في جسد الأمّة العربية هو السيّد حسن نصر الله وفقط السيّد حسن نصر الله المؤمن بحتميّة الإنتصار وبأن إسرائيل هي “كيان أوهن من بيت العنكبوت”.
المقاومة الإسلامية المظفّرة في الجنوب اللبناني، وهو شمال فلسطين بالمناسبة، هي التي مرّغت أنف الجنرال أيهود براك في التراب وأجبرته أن يسحب قوّاته على عجل وقبل الأوان من الشريط الحدودي المُحتل في جنوب لبنان عام 2000.
المقاومة الأسلامية المظفّرة بقيادة حزب الله هي التي وقفت وصمدت واستبسلت وأبدعت في الدفاع عن لبنان وعن شرف الأمة العربية خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان عام 2006 ومرّغت أنف دبابة الميركافاة “الأسطورية” في وادي الحجير وجعلتها هياكل معدنية مُحطّمة تُباع خُردة.
الآن أمّة الظلمة من الخارج والداخل تتكالب على لبنان الأبي، والمطلوب الأول والثاني والعاشر هو رأس حزب الله وسلاح حزب الله ومقاومة حزب الله والشمعة الوحيدة المُتّقدة في هذا الشرق حالك السواد.
لماذا يحقّ ويجوز لإسرائيل أن تمتلك ترسانة تقليدية وغير تقليدية من الأسلحة، صناعة أمريكية وصناعة ذاتية وقبب حديدية و”صواريخ دقيقة” لتقتلنا وتدمّرنا بدقّة وبمهارة طيّاريهم وأطقم دبابابتهم ومدفعيّتهم، في الوقت الذي يملؤون الدنيا صراخا واحتجاجا وتحريما بأن حزب الله في لبنان أو المقاومة الفلسطينية في غزّة يملكون صواريخ وأسلحة للدفاع عن شرفهم وشعبهم وعرضهم وعن أراضيهم المحتلّة والمحاصرة!!!
هل هذا العالم يمشي على عقبيه وبالمقلوب ويُناصر المُعتدي ويُعادي المظلوم المُعتدى عليه؟؟!!
لقد أصبحت الشرعية الدولية “شريعة الغاب” إمتيازا للأقوياء ووبالا على الضعفاء والمستضعفين.
ألم تصدر الولايات المتحدة غداة احتلالها العراق “فرمانا” دوليا يحمي جنودها “السفلة” من أيّ ملاحقة، الذين وصلت بهم الصفاقة والنذالة حدّ “التبوّل” على جثث مدنيين عراقيين بعد قتلهم غيلة وعُدوانا، وعمل صور تذكارية لفعلتهم الدنيئة!!!
هذه هي ديمقراطية أمريكا وديمقراطية إسرائيل “وصونهما”، لحقوق الإنسان. ديمقراطية إسرائيل التي تتبجّح بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وبأن جيشها الأكثر “إلتزاما” بالمعايير الدولية، في الوقت الذي يطلق فيه جنود هذا الجيش “الملتزم” نيران رشاشاتهم يوم 28 تموز المنصرم على سيارة مدنية في بلدة بيت أمّر المُحاذية شمالا لمدينة الخليل ولتخترق رصاصاتهم الغادرة جسد الطفل محمد العلامي ذو العشر سنوات وتُرديه صريعا شهيدا.
يقول الشاعر: “وكم رجل يُعدُّ بألف رجل وكم رجل يمرّ بلا عدادا”
العديد من زعماء الأمّة لا تراهم إسرائيل ولا تراهم أمريكا لأنّهم ببساطة “في الجيب وتحت الحزام”!!!
أما حسن نصر الله، فيتمترس ويتمسمر جهابذة وعقول قياداتهم العسكرية والأمنية والنفسية، أمام التلفاز لمتابعة كلّ كلمة يقولها في خطاباته وكل إيماءة يؤشّر بها وكل حركة من يده أو من اصبعه، لأنه ببساطة شديدة، وبحسب إعتباراتهم وتقييماتهم وتقديراتهم يُعدّ بألف رجلٍ وقائدٍ ورئيسٍ وملكٍ وأمير.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني