أظهر توثيق مصورّ نشره مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إطلاق جنود الاحتلال 13 عيارا ناريا على مركبة فلسطينية قادها مؤيد أبو سارة (العلامي) في بلدة بيت أُمّر شمالي الخليل، أدت إلى استشهاد الطفل محمد (11عاما)، في جريمة شددت بتسيلم على أنها قتل بـ"دم بارد".
وقعت جريمة الاحتلال في 28 تموز/ يوليو الماضي، بعد قيام جنود الاحتلال بجريمة أخرى تمثلت بنبش قبر لجنين أنثى توفيت في بلدة بيت أُمّر وقام والدها بدفنها في مقبرة للأطفال التي يتمركز جنود الاحتلال في محيطها عادة، بحسب ما أفادت مصادر محلية.
نبش جنود الاحتلال القبر، وأخرجوا الجثة الصغيرة بعد تفتيش المنطقة التي طوقوها؛ وفي هذه الأثناء، اقتربت مركبة مؤيد أبو سارة (العلامي) التي كان يستقلها برفقة ثلاثة من أطفاله محمد (11 عامًا) وابنته عنان (9 أعوام) وأحمد (5 أعوام).
وحين شاهد العلامي جنود الاحتلال يغلقون الطريق إلى بلدة بيت أُمر قبالة المقبرة؛ عاد أدراجه؛ استدار إلى الخلف بعد 30 مترا وبدأ بقيادة مركبته بحثا عن طريق تتيح له الوصول إلى البلدة، وفي هذه المرحلة - كما يظهر التوثيق - يبدأ 3 من جنود الاحتلال بالركض خلفه وإطلاق 13 عيارا ناريا مستهدفين مركبة العلامي، من دون أن تشكل أي خطر عليهم.
ويمر من أراضي بلدة بيت أمر شارع 60 الاستيطاني من الجهة الغربية، حيث ينصب الاحتلال على مداخلها الموصلة للشارع برجا عسكريا يتمركز فيه جنوده على الدوام لحماية المستوطنين في المستوطنات المقامة على أراضي المنطقة.
ويتطابق التوثيق المستخرج من كاميرتي مراقبة مع شهادة عم الشهيد الطفل، محمد العلامي، أشرف العلامي، الذي قال إن "شقيقه وثلاثة من أبنائه قرروا الاستدارة إلى الخلف عندما واجهوا حاجزًا عند مدخل بيت أُمّر. ولكن بعد ذلك، أطلقت حوالي 13 رصاصة على المركبة وأصابت إحداها صدر الطفل"، الذي كان جالسا في المقعد الخلفي للمركبة.
عملت "بتسيلم" على مزامنة مقطعي الفيديو المأخوذة من كاميراتي المراقبة، إذ يبين المقطع على يمين الشاشة، تصويرا مأخوذا من كاميرا المراقبة التي صادرتها قوات الاحتلال بعد الجريمة؛ في حين يظهر المقطع على يسار الشاشة الجريمة من زاوية أخرى ويُسمع فيه صوت إطلاق النار بوضوح.
وأوضحت "بتسيلم" أن فرق التوقيت بين مقطعي الفيديو (فارق ساعة بين المقطعين) بسبب عدم مواءمة التوقيت بينهما، حيث تم ضبط إحدى الساعتين على التوقيت الصيفي والأخرى على التوقيت الشتوي.
وعلى صلة، لفتت صحيفة "هآرتس" إلى أنه وفقا لقواعد إطلاق النار الصادرة عن الجيش الإسرائيلي منذ عام 2016، "يُسمح بإطلاق النار على مركبة في الضفة الغربية فقط في حالة وجود خطر حقيقي على الحياة (على سبيل المثال، أثناء هجوم بسيارة لتنفيذ عملية دهس) أو بعد هجوم على جنود في الجيش الإسرائيلي (على سبيل المثال، بعد إطلاق النار من مركبة أو بعد عملية دهس)".
وأوضحت الصحيفة أن "إطلاق النار على إطارات مركبة مسموح في ثلاث حالات: اختراق المركبة للحاجز؛ التعرف على مركبة صدر بحقها ‘إنذار ملح/ ملموس‘، أو عندما تم التعرف على مشتبه به في جريمة خطيرة هرب بواسطة مركبة".
إطلاق النار على محمد العلامي في منطقة مأهولة جرى دون أي مبرر ولا يفي بأي من هذه المعايير بحسب رواية جيش الاحتلال نفسه التي تضمنها مزاعم بأن إطلاق النار استهدف إطارات المركبة علما بأن علامات الرصاص تظهر أن الأعيرة النارية أصابت جزءها العلوي.
وقالت "بتسيلم"، في بيان، إن "إطلاق النار على السيارة، في قلب منطقة مأهولة بالسكان، تم من دون أي مبرر، ومن دون أن يشكل أي من ركابها خطرا على الجنود أو على أي شخص آخر". وأضافت أن "التفسير الذي قدمه الجيش، والذي بموجبه أطلق الجنود النار على السيارة بعد أن اشتبهوا في أن ركابها دفنوا جنينا، لا يمكن أن يبرر أبدا إطلاق النار".
وكان جيش الاحتلال قد ادعى في بيان صدر عنه أنه "في 28 تموز/ يوليو، رصدت قوة عسكرية عددا من المشتبه بهم خرجوا من مركبة قرب نقطة عسكرية عند مدخل بلدة بيت أُمّر. الجنود شاهدوا المشتبه بهم وهم يحفرون في الأرض. بعد بضع دقائق غادروا المكان في سيارتهم".
وأضاف بيان الاحتلال الذي صدر بعيد ارتكاب الجريمة التي أدت إلى استشهاد الطفل محمد أنه "ذهبت القوة لتفقد المنطقة وتعرفت على كيسين أحدهما يحتوي على جثة طفل حديث الولادة. بعد ذلك بوقت قصير، لاحظت القوة سيارة تسير في مكان قريب، واعتقدت أنها نفس السيارة التي كان يستقلها المشتبه بهم".
وزعم الاحتلال أن "الجنود بدأوا بعملية اعتقال مشتبه به تضمنت نداءات وإطلاق نار في الهواء. وبعد أن واصلت المركبة سيرها أطلق أحد الجنود النار على عجلات السيارة لإيقافها"، وأضاف "يفحص الجيش ادعاء مقتل طفل فلسطيني نتيجة إطلاق النار".
كما زعم الاحتلال أنه "يجري التحقيق في الحادث وملابساته من قبل المستويات القيادية. بالإضافة إلى ذلك، شرعت الشرطة العسكرية بالتحقيق في ملابسات الحادث، وفي نهاية المطاف ستعرض النتائج على النيابة العسكرية".
يذكر أنه خلال تشييع الطفل الشهيد محمد العلامي، اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، أصيب الشاب شوكت خالد عوض (20 عاما) برصاص الاحتلال، واستشهد عوض متأثرا بإصابته بالرصاص الحي في الرأس والصدر، يوم الخميس 30 تموز/ يوليو الماضي.
وتفيد تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية بأن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص على فلسطينيين كثيرين لم يشكلوا لها أي تهديد، ما يعكس استمرارا في سياسة الاستهداف المباشر للفلسطينيين، والاستهتار بحياتهم، والاستخدام المفرط للقوة.