صحيفة اسرائيل اليوم - بقلم: رئيس مركز بحوث السياسة والاستراتيجية البحرية، جامعة حيفا البروفيسور شاؤول حورب، ود. بن شفناير باحث في المركز
إن الاعتداء على سفينة “ميرسر ستريت” في خليج عُمان هو اعتداء ذو طابع مشابه لأربعة أحداث مشابهة وقعت في الأشهر الأخيرة في منطقة المحيط الهندي.
منذ البداية، وفي ضوء المعركة البحرية التي خاضتها إسرائيل (حسب مصادر أجنبية) في السنتين الأخيرتين حيال إيران، كان من الصواب طرح سؤالين: الأول – بأي قدر تسهم هذه الأعمال في المعركة التي تخوضها إسرائيل ضد البرنامج النووي الإيراني؟ والثاني – هل أخذت القيادة السياسية التي صادقت على تنفيذ هذه الأعمال بالحسبان الردود الإيرانية المحتملة في المجال البحري ضد إسرائيل، المجال الذي تتعلق فيه إسرائيل بشكل مطلق في تجارتها مع بلدان العالم؟
الهجوم الإيراني الأخير هو ارتفاع درجة وتغيير في واقع الحرب بين المعارك بين إسرائيل وإيران. ساحة القتال الحالية على مسافة آلاف الكيلومترات عن شواطئ إسرائيل، وبهذا المفهوم فإن إسرائيل الآن في حالة دون حيال الإيرانيين. إضافة إلى ذلك، تكاد لا تكون لإسرائيل سفن بملكيتها منذ باعت أملاكها في شركة “تسيم” في كانون الثاني 2004، وهكذا، من أصل 6.400 سفينة أمت موانئ إسرائيل في 2020، 4 في المئة فقط كانت بملكية إسرائيلية. يستند الاقتصاد المحلي بشكل شبه مطلق على السفن الدولية في تجارته الخارجية (التي تشكل 99 في المئة من عموم التجارة الإسرائيلية)، وعند الطوارئ سيضطر لأن يعتمد أيضاً على هذه السفن. الشركات الإسرائيلية التي تعمل في التجارة البحرية اعتقدت في الماضي بأن عدم انتماء سفنها للدولة سيجلب لها حصانتها، ولكن هذه الفرضية تبينت في الأحداث الأخيرة كفرضية مغلوطة.
نعتقد أنه يتعين على إسرائيل في المرحلة الأولى أن تعرف بشكل علني وجلي منطقة شرق المحيط الهندي وخليج عُمان بمحاذاة إيران كمنطقة خطر، بقدر ما يتعلق الأمر بالسفن التي هي بملكية إسرائيلية أو تشغلها شركات إسرائيلية. على إسرائيل أن توجه السفن التي بملكية إسرائيلية في كيفية العمل من ناحية أمنية. ثانياً، على إسرائيل أن تعلن بأن كل السفن التي تبحر في المنطقة وبملكية إسرائيلية أو تشغلها شركات قاعدتها في إسرائيل، ستعتبر سفناً تبحر تحت علم إسرائيل. وسيكون المعنى أن مثل هذه المحاولات ستعد مساً بالسيادة الإسرائيلية وعملية إرهاب بحري. من اللحظة التي تنزع فيها الأقنعة وتأخذ إسرائيل على عاتقها المسؤولية عن السفن في هذه المنطقة، سيكون بوسعها أيضاً أن تطلب الانضمام والاستعانة إلى قوة المهام رقم 150. ويدور الحديث عن قوة مهام بحرية متعددة الجنسيات، تعمل وفق قرار مجلس الأمن وتشارك فيها 33 دولة. تعمل القوة من قاعدتها في البحرين وتنفذ أعمال الرقابة وفحص السفن المشبوهة وإيقافها، كجزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب. تعمل القوة في البحر الأحمر وفي خليج عدن، ومهمتها ضمان التجارة البحرية الشرعية دون التعرض للتهديد. ووقعت إسرائيل مع البحرين على إقامة علاقات، بحيث إن دخول سفن سلاح البحرية الإسرائيلي إلى قاعدة القوة المشتركة في البحرين قد يوسع التعاون بين الدولتين. كما سيكون ممكناً الاستعانة بموانئ الإمارات الموجودة قريباً من الجبهة.
كما أن على إسرائيل العمل على توسيع تعاونها مع الأسطول الخامس الأمريكي الذي يتخذ له قاعدة في البحر. لإسرائيل مصلحة في أن تعترف إدارة الولايات المتحدة بشكل علني بالمعركة بين إسرائيل وإيران الجارية في المنطقة، ولا سيما في هذه الفترة من المفاوضات على الاتفاق النووي الجديد.
نسعى للمساهمة في التفكير الاستراتيجي غير القائم بجهاز الأمن الإسرائيلي في كل ما يتعلق بما يجري في المجال البحري، وأحد مؤشراته هو المعركة التي تخوضها إيران ضد إسرائيل في منطقة المحيط الهندي. الاستراتيجية البحرية في عصرنا تشدد على أهمية البعد الدولي والدبلوماسي على حساب أبعاد أخرى، ويجدر بإسرائيل أن تستنفد هذا البعد في المنطقة في ظل تفعيل أوجه التعاون المتنوعة المناسبة.