سلطت الصحافة العبرية الضوء على عملية استهداف سفينة إسرائيلية الجمعة الماضي قبالة ساحل عمان، مؤكدة أن الهجوم منح الحكومة الإسرائيلية فرصة لتشكيل تحالف دولي للضغط على إيران.
"معاريف"
أكدت صحيفة "معاريف" في تقرير أعده تل ليف-رام، أن "القيادة السياسية – الأمنية الإسرائيلية، تفاجأت من الخطأ الاستراتيجي للهجوم على السفينة، ومن الفرصة التي وفرها لإسرائيل على المستوى الدولي لتدفيع إيران أثمانا دبلوماسية وعسكرية دون أن تكون إسرائيل هي التي دفعت هذه المرة الثمن".
وأكدت أن "إسرائيل تعمل على استغلال الحدث كرافعة دبلوماسية لتشديد الضغط على إيران، ولا يستبعد تشكيل تحالفات عسكرية لحماية مصالح غربية في قلب البحر"، منوهة أن "إسرائيل لا تتجاهل نية إيران مواصلة السعي لضرب أهداف اسرائيلية في البحر".
ورجحت "معاريف"، أن "تل أبيب لن تفوت هذه الفرصة، فإلى جانب الأعمال التي تنفذ على المستوى الدبلوماسي، هناك احتمالية عالية جدا في الفترة القريبة أن يأتي رد عسكري أيضا، رغم صلة إسرائيل الهزيلة باختيار الهدف، من أجل جباية ثمن منهم هدفه نقل رسالة؛ بأن إسرائيل لن تمر مرور الكرام على مثل هذه المحاولات، ومع ذلك؛ فالمستوى السياسي والأمني، يفضلون هذه المرة أن تكون شارة الثمن دولية وليست فقط من جانب إسرائيل".
وذكرت أن "إسرائيل في السنوات الأخيرة، هي بالذات التي وسعت حدود المواجهة مع إيران إلى الساحة البحرية، بعد أن أدركت أنها ملزمة بوقف تهريب النفط الإيراني إلى لبنان وسوريا، وكانت هناك أيضا أعمال (هجمات) ناجحة لإحباط الترهيب بوسائل تكنولوجية وأخرى قتالية متطورة".
والتقدير بحسب الصحيفة، أن "عدد الأعمال والعمليات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة في قلب البحر تجاوز بضع مئات، وحتى الآن، عمل سلاح البحرية ضمن مفهوم عملياتي واضح بموجبه لا يتم إغراق السفن".
وأشارت إلى أن إيران وبعد التقارير عن الهجمات الإسرائيلية في البحر والتي "حطمت سياسية الغموض"، بدأت "تبحث عن أهداف إسرائيلية في قلب البحر، من المهم أن نفهم بأن إسرائيل رغم حدودها البرية، هي عمليا دولة جزيرة؛ 99 في المئة من البضائع منها وإليها تدخل وتخرج عبر البحر، وهكذا، فإن المس المنهجي بالسفن في المسارات التجارية في إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار تأمين البضائع، والتأثير بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي، وحتى الآن كل الهجمات الإيرانية لم تؤثر على هذا المعطى".
ورأت "معاريف"، أن حادثة السفينة الأخيرة، تشير إلى الضائقة وليس إلى القدرة العملياتية الاستخبارية الاستثنائية لإيران، وفي إسرائيل يسعون الآن لاستغلال الفرصة لتوحيد دول مختلفة ضد إيران، ولكن في هذه اللحظة على الأقل، يبدو أن العالم يحافظ على عدم اكتراثه".
صحيفة "إسرائيل اليوم" وفي مقال للخبير العسكري يوآف ليمور، رأت أن "هذه لحظة مناسبة لإسرائيل، كي تجند الحلفاء للضغط على طهران، وفرض مزيد من العقوبات عليها"، مؤكدة أن "الهجوم مقلق جدا لإسرائيل، لأن هذه هي المرة الأولى، التي ترد فيها إيران علنا ومن أراضيها على نشاط منسوب لإسرائيل في سوريا".
وزعمت أن "الهجوم الإيراني تضمن إطلاق مُسيرتين مسلحتين من نوع "شاهد" - تطير لمسافة حتى 1500 كم-، من خلال سلاح الجو في الحرس الثوري من الأراضي الإيرانية"، موضحا أن "الهجوم الإيراني، كان ردا على هجوم نسب لإسرائيل الأسبوع الماضي في شمال سوريا، استهدف نقل أسلحة متطورة، وتل أبيب كعادتها لم تعلن مسؤولية رسمية عن الهجوم، ولكن إيران قررت بعد الهجوم، إنتاج معادلة جديدة، فبدل الرد من خلال مبعوثين، اختارت إيران الرد مباشرة".
وأوضحت الصحيفة، أن "هذا التغيير يفيد بعدة أمور: الأول؛ أن إيران تقدر بأنه ليس لديها قدرة رد فاعلة من سوريا، الثاني؛ أن قوة القدس تواصل فقدان قوتها منذ اغتيال قاسم سليماني، الثالث؛ أن إيران تقدر بأنها لن تنجح في جباية ثمن من إسرائيل داخل الأراضي أو في محيطها القريب، ولهذا فهي تعمل في مناطق مريحة أكثر من ناحيتها؛ في الحالة الراهنة في منطقة عُمان".
وأما الرابع؛ فإن "إيران تشخص الساحة البحرية كـ"البطن الطرية" من ناحية إسرائيل، سواء بسبب أن السفن تبحر عن شواطئ البلاد أم بسبب أن ليس عليها حماية عسكرية فاعلة".
والخامس، وهو بحسب "إسرائيل اليوم"، "الأهم منها جميعا؛ أن إيران تشعر بما يكفي من الثقة كي تطلق مُسيرات من أراضيها، مثلما سبق أن فعلت في عدة حالات في الماضي، أبرزها؛ الهجوم على منشآت شركة النفط السعودية في 2019، وتقدر أنها لن تكون مطالبة بدفع ثمن كبير لقاء ذلك".
ونبهت إلى أن "عملية كهذه، تستدعي مسيرة طويلة، بما في ذلك الإذن من المستوى الأعلى في طهران، ومعقول أن تكون طهران قد جمعت معلومات عن جملة سفن ونفذوا لها ملاحقة وثيقة ومتلاصقة، واختاروا أن يهاجموا السفينة التي بدت لهم الأكثر هشاشة في الخليط الذي بين الوسيلة القتالية والهدف".
وأضافت: "حقيقة أن إطلاق تلك الطائرات المسيرة تشهد على قدرة متابعة ورقابة في الزمن الحقيقي، وإن كان معقولا الافتراض أن إيران لم تخطط لقتل طاقم السفينة، وفي هذه النقطة تكمن الفرصة الإسرائيلية"، معتبرة أنه "من الخير أن تفعل إسرائيل كل أدواتها السياسية كي توجه الأضواء نحو طهران، هذه ساعة مناسبة نادرة؛ عشية ترسيم رئيس جديد ومتطرف في طهران، وحين تكون محادثات النووي في فيينا في طريق مسدود؛ ينبغي استخدامها كرافعة ضغط دولية على طهران؛ بدايتها بالعمليات ونهايتها بالنووي أو العكس".
وبالتوازي، حسب الصحيفة، "يتعين على إسرائيل أن تبلور لنفسها سياسة واضحة؛ كيف تنوي الرد إذا ما واصلت إيران الهجمات، ومعقول أن تسلم بخلق معادلة ردع جديدة يكون فيها كل أمر إسرائيلي أو يرتبط بإسرائيل، هدفا على وجه المعمورة، وبالتأكيد محظور عليها أن تسلم بأي قيود تحاول إيران فرضها على الأعمال الهجومية بسلاح الجو (الإسرائيلي)".
ونبهت الصحيفة إلى أن على "إسرائيل أن تنسق سياستها الجديدة هذه مع الأصدقاء في الغرب، ففي أوروبا اليوم من يؤيد مزيدا من العقوبات على طهران، وبالتالي مطلوب ممارسة كل الضغط على الإدارة في واشنطن لإشراكهم في هذا الأمر، علما بأن هذا هو الموضوع المركزي في اللقاء الأول الذي سيعقد قريبا، بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء نفتالي بينيت".