هناك آلاف الوظائف التي تعلن عنها شركات التكنولوجيا الهندية في كل يوم، وهي مستعدة لدفع المزيد من الأموال من أجل استقطاب مواهب جديدة أو للحفاظ على المواهب التي لديها
يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي نموا غير مسبوق، حيث شكلت هذه الصناعة نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد عام 2020، ومن المتوقع أن تزيد الصادرات من صناعة تكنولوجيا المعلومات هذا العام بنسبة 1.9% عنها في العام الماضي لتصل إلى أكثر من 150 مليار دولار، وذلك كما ذكرت منصة "آي بي إي إف" (ibef.org) في تقرير لها مؤخرا.
وتم توظيف أكثر من 138 ألف موظف جديد في القطاع خلال العام الماضي، وتضاعف الطلب هذا العام أضعافا مضاعفة مع ازدياد الحاجة إلى المختصين المحترفين في هذا المجال، حيث تبحث شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة والناشئة بشكل حثيث عن المواهب، في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على الخدمات التي تقدمها هذه الشركات مع التحول الكبير نحو الرقمية الذي دشنته الجائحة.
آلاف الوظائف الجديدة كل يوم
وهناك آلاف الوظائف التي تعلن عنها شركات التكنولوجيا الهندية يوميا، وهي مستعدة لدفع المزيد من الأموال من أجل استقطاب مواهب جديدة أو للحفاظ على المواهب التي لديها.
وحسب تقرير نشرته شركة التوظيف الهندية المتخصصة "إكس فينو" (Xpheno) ونقلته وسائل الإعلام الهندية على نطاق واسع، فإن شركات التكنولوجيا الهندية توظف حاليا نحو 70 ألف موظف بـ6 تخصصات تقنية فقط، وتعرض زيادة في الرواتب تتراوح بين 50 و60% عن معدل الرواتب الذي كان سائدا في السابق.
وتشمل هذه التخصصات مطوري البرامج، ومهندسي البيانات، وخبراء الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وغيرها من التخصصات التي تزداد الحاجة إليها الآن في ظل الطلب الشديد على الخدمات والمنتجات التي تقدمها هذه الشركات.
وحصل الموظفون الذين يملكون خبرة من 3 إلى 8 سنوات على زيادة في رواتبهم بنسبة وصلت إلى 25% خلال السنة الماضية.
الهند تشهد نموا غير مسبوق في عدد الوظائف المطلوبة والشواغر المفتوحة حاليا لدى شركات التقنية مقارنة بعدد الوظائف عند بدء تفشي الوباء عام 2020 (غيتي)
نمو غير مسبوق
وذكرت منصة "موني كونترول" (MoneyControl) في تقرير أن الهند تشهد نموا غير مسبوق في عدد الوظائف المطلوبة والشواغر المفتوحة حاليا لدى هذه الشركات مقارنة بعدد الوظائف عند بدء تفشي الوباء عام 2020 وبعد التحول الرقمي الذي طال جميع القطاعات في البلاد.
وقال ريشاد بريمجي رئيس شركة "ويبرو" (Wipro) الهندية العملاقة في رسالة إلى المساهمين في بداية السنة المالية الجديدة للشركة "غالبا ما تقود التكنولوجيا التعافي الاقتصادي لمختلف القطاعات بعد الجوائح بشكل عام، ولكن بعد جائحة كورونا والتغيرات الهيكلية العميقة التي أحدثتها عبر الصناعات وطرق العمل في العالم والتحول الرقمي غير المسبوق -الذي لا رجعة عنه والذي كرسته- فإن التكنولوجيا هي الرائدة بحق لعودة التوازن الاقتصادي إلى العالم".
وأضاف أن "هذا التحول أدى إلى طلب كبير على المواهب والخبرات التقنية، وسنشهد أن الطلب يفوق العرض، وهو ما سيكون عاملا رئيسيا في دفع عجلة النمو".
وأشار التقرير إلى أن ما تنبأ به بريمجي في بداية هذا العام يحدث الآن بالفعل مع الشركات التي تجد صعوبة في العثور على المواهب والخبرات اللازمة لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
ولنأخذ على سبيل المثال شركة مثل "أكسنتشر" (Accenture)، وهي واحدة من كبريات شركات التكنولوجيا في الهند، فقد كان لدى الشركة 3 آلاف شاغر وظيفي مفتوح في أواخر العام الماضي، وفي أبريل/نيسان من العام الجاري 2021 وصل العدد إلى 18 ألف شاغر، وفي يوليو/تموز الحالي وصل عدد الوظائف المطلوبة إلى 32 ألف وظيفة جديدة.
وقالت الرئيسة التنفيذية للشركة جولي سويت "إن الطلب على المتخصصين في مجال التكنولوجيا في أعلى مستوياته على الإطلاق الآن"، مضيفة "إنها ظاهرة تدعو للدراسة، لكننا مرتاحون لها".
وتشهد الشركة أيضا زيادة ملحوظة في الأجور والرواتب التي تقدمها لموظفيها من أجل مكافأتهم والحفاظ عليهم.
وقد أدى هذا الطلب المتزايد وغير المسبوق إلى حرب حقيقية بين الشركات لاستقطاب المواهب.
وقال بريان همفريز الرئيس التنفيذي لشركة "كوقنزنت" (Cognizant) الهندية "إن الشركة خسرت بعض المشاريع الهامة، لأنها لم تستطع توظيف المواهب المطلوبة لتنفيذ هذه المشاريع".
زيادة كبيرة وحوافز وإعادة تأهيل
وقال التقرير إن هناك أمرين تقوم بهما الشركات الهندية حاليا، وهما: تقديم زيادة ملحوظة في الرواتب والأجور للحفاظ على المواهب التي لديها، حيث أعلنت عدد من الشركات عن تقديم حوافز وزيادات إضافية، ورفعت أيضا عدد الرواتب السنوية التي تمنحها لموظفيها، والأمر الآخر الذي تفعله الشركات هو بناء المواهب الداخلية عن طريق برامج التدريب المكثفة.
وفي هذا السياق، قال في أبارو كبير مسؤولي إدارة الموارد البشرية في شركة "إتش سي إل" (HCL Tech) "إن الشركة ستركز الآن على توظيف موظفين حديثي التخرج من الجامعات دون اشتراط الخبرة، وستقوم بتدريبهم لديها وإكسابهم الخبرات اللازمة أثناء العمل".
وقد وظفت الشركة 40% من موظفيها هذه السنة من حديثي التخرج والمبتدئين في سوق العمل، كما قامت بإدخال 60% من موظفيها في برامج تدريبية متقدمة، وهي تتطلع إلى زيادة هذه النسبة إلى أكثر من 70% في السنوات القليلة المقبلة للاستفادة من المواهب الداخلية لديها، وذلك في الوقت الذي أصبح فيه العثور على المواهب الخارجية مكلفا، مما يجعل من إعادة تأهيل وتدريب الكوادر الداخلية أكثر فاعلية وأقل تكلفة.