عبّر مسؤولون أمنيون عسكريون عن قلقهم المتزايد من المسيّرات الإيرانية، والتي تقدّمها إيران لحلفائها في سورية ولبنان وغزّة واليمن، بحسب ما نقلت عنهم صحيفة "هآرتس"، اليوم، الجمعة.
ونقل المراسل العسكري لـ"هآرتس"، عاموس هرئيل، عن مصدر عسكري إسرائيلي أن الإيرانيين "يطوّرون لوحدهم كافة المكونات الأساسيّة – جسم المسيّرة، المحرّك، منظومة التوجيه، القدرة على التهرّب من رصد الرادارات، والقدرة على المناورة بين مدى الرحلة ووزن الحكومة المنقولة".
وطورّت إيران، وفق ما استعرض تقرير "هآرتس"، سلسلة من الطائرات المسيرة، بعيدة ومتوسطة وقصيرة الأمدية، وقادرة على حمل مواد متفجّرة بشكل متفاوت، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن هذه القدرات هي بديل رخيص للصواريخ الباليستيّة، التي هي وسائل "وازنة، وثقيلة، وغير مرنة. هذه (الصواريخ) ربمّا هي ذراع مهمّة للردع، لكنّها تثير ضجيجًا ولا تترك مجالا للحفاظ على إمكانية الإنكار، مثلما يحدث عن تشغيل المسيّرات".
ولفت الهجوم على منشآت "أرامكو" في السعودية عام 2019 نظر إسرائيل والولايات المتحدة لقدرات إيران في هذه المجال. ورغم أن الحوثيين تبنوا الهجوم، إلا أن وسائل إعلام أجنبية لفتت إلى أنه نفّذ انطلاقًا من إيران عبر طائرات مسيّرة وصواريخ كروز، أصابت أهدافها بدقّة، وعطّلت إنتاج النفط في حقل بقيق لأشهر.
وتابع المصدر العسكري الإسرائيلي للصحيفة أن المسيّرات "أداة مريحة تتيح (للإيرانيين) استخدامها أثناء ’المعركة بين الحربين’ وأيضًا في الحرب".
واستدرك المصدر العسكري الإسرائيلي أن المسيرات ليست "كاسرة توازن"، لكنّها "خصّصت للإرباك، للجمع وللردع، لا للانتصار. لكنّ تقدّمهم فيها كبير. قلق الأميركيين، مثلنا، ليس من فراغ".
وأضاف هرئيل أن الحاجة إلى "ردّ دفاعي متطّور وعاجل" على هذه المسيّرات طرح في كافة اللقاءات الأمنية الأخيرة بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، بما في ذلك زيارتا وزير الأمن، بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، في واشنطن.
وبحسب هرئيل عزّزت إسرائيل والولايات المتحدة تعاونها الاستخباراتي وصور الرادارات بين الجيش الإسرائيلي وقوات الجيش الأميركي في الخليج العربي ("سنتكوم")، ولم يستبعد أن يكون لهذا التعاون صلة بإسقاط "مسيّرة إيرانية انطلقت من العراق، ووصلت إلى منطقة بيسان، مرورًا بالأردن" أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزّة، في أيار/مايو الماضي.
كما أجرت إسرائيل، وفق هرئيل، تعديلات على منظومة "القبة الحديدية"، "التي لم تُجهّز في البداية للتعامل مع المسيّرات التي تطير بسرعات منخفضة نسبيًا". "وفي عملية ’حارس الأسوار’ نجحت المنظومة، لأول مرّة، في إسقاط مسيّرات بفضل التعديلات والتحسينات التي أجريت".
وقال ضابط رفيع في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي لـ"هآرتس" إنّ "التحدي الذي تضعه مسيّرات إيران وأذرعها أمامنا يتزايد مع الوقت"، وتابع "نعمل على تحسين قدراتنا، لكننا غير واثقين، إلى الآن، أن الرد تامّ".
بينما نقل هرئيل عن ضابط آخر أن المشكلة ليست فقط في الرصد المنخفض لهذه المسيرات في الرادارات، "إنما في أنّ عددًا كبيرًا من التنظيمات التي تحرّكها إيران يملكها. إلى جانب تحسين الحماية، علينا تطوير إمكانية رصد المسؤولية الإيرانية للهجمات".
وتابع أن الإيرانيين، في هذه الأثناء، "تحت الانطباع الخاطئ أن في قدرتهم الحفاظ لأنفسهم بمجال إنكار، يخفي مسؤوليتهم ويمنع ردودًا ضدّهم. ربّما نجح هذا أمام السعوديين. لا يجب أن ينجح أمامنا".