أكّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث إلى الميادين، اليوم الخميس، أنّ تمّوز "شكّل منعطفاً نحو الهاوية الإسرائيلية بعد أن اعترف الإسرائيليون أنفسهم بأنّهم فشلوا في تحقيق أهدافهم".
وأضاف الشيخ قاسم: "وصلنا إلى توازن ردع حمى لبنان خلال هذه الفترة لخمسة عشر عاماً من أن تعتدي "إسرائيل" خشية رد فعل مقاومة حزب الله".
وتطرّق إلى معركة "سيف القدس" الأخيرة، فاعتبر أنّ شهر تمّوز/يوليو 2021 يأتي اليوم "والقدس أقرب من أيّ وقت مضى". مضيفاً أنّ "مبادرة الفلسطينيين بالعمل الجهادي الدفاعي الهجومي في آن معاً لنصرة القدس قلب الموازين في الفهم الإسرائيلي، وبالتالي هم فوجئوا.. فوجئوا بالتوقيت، وفوجئوا بحجم الهجمات التي حصلت، وفوجئوا بالاستعدادات الفلسطينية، وفوجئوا أيضاً بالصمود والثبات، وفوجئوا بأنّ استخباراتهم لم تكن تعلم شيئاً".
وقال: "معركة تموز سنة 2006 كانت معركة تأسيسية، أما معركة تموز 2021 فهي معركة تأصيلية لمصلحة الانهيار الذي يمكن أن يحصل على جبهة القدس من الناحية الإسرائيلية. هذا أيضاً أبرز أنّ محور المقاومة محورٌ متماسكٌ منصور سجّل تقدّم كبير في المراحل السابقة".
وأكّد الشيخ قاسم أنّه: "لأوّل مرة تكون هناك عملية فلسطينية في القدس تجمع كل الفلسطينيين وتجمع العرب والمسلمين ويكون محور المقاومة مسانداً ومساعداً بأساليب وطرق مختلفة، ويعلن الفلسطينيون من داخل فلسطين أنهم جزء من المحور ورأس حربة المحور، أي أنّ المعركة باتّجاه القدس هي معركة حلف القدس وليست معركة الفلسطينيين وحدهم".
وحول التنسيق بين المقاومة في لبنان والمقاومة الفلسطينية قال الشيخ قاسم: "في مسألة التنسيق مع الإخوة الفلسطينيين كان هناك كمّ من المعلومات الاستخبارية لحظة بلحظة من الداخل الفلسطيني عن تحرّكات الإسرائيليين وخططهم وإمكاناتهم".
وأضاف: "كانت المقاومة من لبنان تزوّد الإخوة الفلسطينيين بمعلومات دقيقة جداً أثّرت في تقييم سير المعركة وفي كيفية القيام بالعمليات الدفاعية، ولعلّ أبرز حادثة يمكن أن يعرفها الجميع هو ما حصل من استهداف الأنفاق من قبل الإسرائيليين ظناً منهم أنه بعد الدعاية التي أثاروها أنهم سيدخلون برياً وسيقضون على الفلسطينيين في داخل الأنفاق، لكن المقاومين لم يدخلوا للأنفاق التي استُهدفَت ولم يستجيبوا للتهديد الإسرائيلي، وتبيّن في ما بعد أنه لا يوجد عملية برية إنّما استدراج من أجل القضاء عليهم. هذه الخطة من بدايتها كانت معروفة لدينا وكانت معروفة لدى الفلسطينيين بعمل استخباري معلوماتي تفصيلي".
وقال الشيخ قاسم "لأوّل مرة الفلسطينيون بفصائلهم المختلفة، حماس، الجهاد الإسلامي، كل الفصائل الأخرى، أعلنوا بأنهم جزء من محور المقاومة، وأنّ إيران تدعم هذا المحور بكل إمكاناتها، وهذا أمر مهم جداً لنفصل المنافقين من العرب الذين كانوا يدّعون أنهم الى جانب القضية الفلسطينية ثم ركضوا الى التطبيع".
وأكد قائلاً "الآن أصبح معروفاً أنّ محور المقاومة محور سياسي عسكري إعلامي ثقافي متماسك، وبالتالي هؤلاء مع قيادة إيران الإسلام، مع الإمام خامنئي حفظه الله ورعاه، هم يشكلون القيادة السياسية الواضحة في هذا المشروع".
وجواباً على سؤال حول طبيعة العلاقة بين المقاومة الفلسطينية وباقي المحور أكّد نائب الأمين العام لحزب الله أنّ "تحرير فلسطين هو مسؤولية فلسطينية أولاً، تحرير فلسطين هو بيد الفلسطينيين أولاً، لكن هذا المحور سند ودعم وهو يعمل ما يريده الفلسطينيون ولا يملي عليهم شيئاً ولهم الإرادة الكاملة في سلوكهم وخيارهم وتصرفاتهم".
وأكد الشيخ قاسم "اليوم الإمكانات العسكرية تكاد تكون لا حصر لها، ونوعيات الأسلحة المتوفرة في المنطقة لم يشهد تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي مستوى من السلاح والتسلّح والإمكانات والقدرات الموجودة حالياً في المنطقة، يعني في فلسطين، في لبنان، في كل المحيط، فضلاً عن الموجود في إيران الإسلام والتقدم والتطور الذي حصل، فإذا أردنا أن نقوم بمقارنة بسيطة، كيف كانت المقاومة في 2006 في لبنان وفلسطين والمحور، أو 2008 عندما قاتلت المقاومة في غزة دفاعاً، كانت الإمكانات تُعتبَر عادية وكانت محدودة جداً، اليوم التقدّم كان بالغ الأهمية".
وركّز الشيخ قاسم على أنّ ما ظهر من إمكانات داخل فلسطين يعكس حجم التطوّر في إمكانات المحور خارج فلسطين: "في داخل فلسطين يضرب الفلسطينيون القدس في الضربة الأولى ضد الإسرائيليين، ثمّ يضرب تل أبيب ردّاً على الأبراج، ثمّ يستهدف عسقلان والأماكن المختلفة ويقول تفضلوا إلى قتال بري، والآن هم يستطيعون ترميم ما خسروه بشهر أو شهرين، في المقابل لن يستطيعوا أن يواجهوا هذا التحدي. إذا كان في فلسطين المحاصرة هذه الإمكانات متوفرة".
وأضاف "إذا استمرّ العدوان في القدس ومحيطها بوتيرة أعلى ووصل الى مرحلة معيّنة قدّرت المقاومة الفلسطينية، بأنّ هذا خط أحمر أيضاً سيتم المبادرة مجدداً لعملية عسكرية جديدة. هذا الأمر انتهى، بمعنى أننا لم نعد أمام واقع فلسطيني يدافع وينتظر، لا، أصبحنا أمام واقع يمكن أن يبادر الى الهجوم دفاعاً عن القدس أو حمايةً لوضع غزة ولمستقبل غزة".
وعن الراحل الفلسطيني الكبير أحمد جبريل قال الشيخ قاسم معزّياً أهله والجبهة الشعبية بوفاته: "هو قامة فلسطينية كبيرة وشخصية جريئة وصادقة، كان دائماً يواجه المنظمات الفلسطينية التي تسعى للتسوية بنقاش إعلامي حاد ومبررات يبيّن لهم أنّ الحل هو المقاومة"، مضيفاً " لقد أبرز شخصية فلسطينية واجهت أوسلو وواجهت التسوية وكان صوته وموقفه صادحاً دائماً ضد كل مسار التسوية ومع المقاومة حتى التحرير".
ولفت الشيخ قاسم إلى أنه "عندما ننظر الى انتصارات محور المقاومة في إيران وسوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان، وفي كل هذه المنطقة، نرى أيضاً في المقابل هزائم للمحور الآخر لأنه لم يستطع أن يحقق، المحور الأميركي الإسرائيلي ومن معه من عرب الخليج، ما يريده من القضاء على المقاومة وإسقاط مشروعها ومحاولة إبعاد الناس عنها، العمل من أجل تفكيك هذا المحور، ضرب وسط المحور أو طرف المحور، كل هذه الأعمال في المحور الأميركي الإسرائيلي لم يتمكّن من فعلها".