نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا سلطت من خلاله الضوء على جرحى الحروب في غزة، خاصة أولئك المهددين ببتر أطرافهم، في ظل شح الدواء، وضعف الطواقم الطبية في القطاع.
وأوردت الصحيفة في تقريرها قصة الجريح محمد المغاري الذي يعاني من إصابة شديدة في ساقه اليمنى، ويتعاطى الدواء منذ إصابته في ساقه منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ولفتت إلى أن الجريح المذكور يعاني من التهاب مزمن في العظام، ومن البكتيريا المقاومة لمعظم المضادات الحيوية، حيث أوصى الأطباء، بما في ذلك في الأردن ومصر، بأن بتر القدم يمكن أن ينهي معاناته الطويلة الأمد، لكنه يرفض بشدة.
ويقول المغاري: "أنا مصمم على إنقاذ رجلي"، وذلك على الرغم من معرفته بأن الالتهابات المتكررة قد تؤدي إلى تسمم الدم القاتل.
ويقول الأطباء في مستشفى ناصر، حيث يُعالج المغاري، إنهم صادفوا عشرات من هذه الحالات حيث يقاوم المرضى بثبات البتر.
ويقول الدكتور محمد قمبز، الذي يعمل في مستشفى ناصر في جنوب قطاع غزة بدعم من منظمة أطباء بلا حدود: "بالنسبة للكثيرين، يعتبر البتر الملاذ الأخير الذي يُنظر إليه على أنه نوع من الفشل، على الرغم من أنه قد يؤدي إلى حد كبير إلى تحسين نوعية حياة المصابين".
وأصيب المغاري برصاصة في أبريل 2018 أثناء مشاركته في مسيرات العودة على حدود غزة، وخلال هذه المظاهرات الأسبوعية، دعا المتظاهرون إلى إنهاء الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007.
واستخدمت قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية عندما اندفع المتظاهرون نحو الحدود.
وبحسب الأمم المتحدة، أصيب أكثر من 36 ألف شخص خلال 18 شهرا من الاحتجاجات، 22% منهم بالرصاص الحي. وكان هناك أكثر من 7000 جرح في الأطراف، مما أدى إلى 156 عملية بتر.
ومع محدودية الخدمات الصحية المتوفرة في غزة، تم إحالة الجروح المعقدة إلى المستشفيات في الضفة الغربية، ولكن لم يتم منح تصاريح الخروج دائما.
ووثقت الأمم المتحدة أنه من بين 604 طلبات، تمت الموافقة على 17% ورفض 28%، بينما لم يتلق الباقون إجابة في الوقت المناسب على مواعيدهم الطبية.
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن الحاجة إلى علاج متخصص بسبب خطورة وتعقيد إصابات المتظاهرين تتجاوز بشكل كبير قدرة السلطات المحلية والمنظمات القليلة العاملة في غزة.
ويقول الطبيب قمبز الذي تعامل مع ما لا يقل عن 50 مريضا في وضع مشابه لمغاري: "لقد عملت مع مصابين من مسيرة العودة الكبرى منذ البداية.. أولئك الذين ما زالوا يتلقون العلاج اليوم يعانون أكثر من غيرهم - فكلما طالت رحلة التعافي، زادت احتمالية الإصابة بالالتهابات".
ووجد تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود أن مثل هذه الالتهابات أصبحت الآن مقاومة للعديد من المضادات الحيوية الشائعة المستخدمة في علاجها، وذلك بسبب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في العقود الأخيرة.
وبينما تصبح التهابات العديد من المرضى مقاومة للمضادات الحيوية، يصبح آخرون مدمنين على مسكنات الآلام التي يتناولونها بانتظام.
عربي21