أكد قادة وكتاب سياسيون ونشطاء حقوقيون على أن اغتيال الشهيد نزار بنات هو اغتيال للديمقراطيات والحريات العامة في فلسطين، وانتهاك صارخ للقانون الفلسطيني والقانون الدولي يستوجب معاقبة المجرمين محليًا ودوليًا.
وطالب المتحدثون خلال حلقة نقاش نظمها مركز أطلس للدراسات والبحوث، بعنوان "المشهد الفلسطيني بعد جريمة اغتيال نزار بنات"، باستقالة الحكومة ومحاكمة المجرمين واسقاط النظام السياسي القائم على التفرد باتخاذ القرار، موضحين أن أي نظام سياسي يتفرد بالقرار هو مفسدة مطلقة.
ودعا المتحدثون إلى استمرار شُعلة الثورة في الضفة المحتلة ضد فساد الاجهزة الأمنية وقمع الحريات العامة، مطالبين حركة "فتح" بتوضيح موقفها من انتهاك الحريات واستعادة دورها الريادي في المشروع الوطني التحرري.
عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي د. وليد القططي أكد أن موقف الأمين العام للحركة القائد زياد النخالة من اغتيال الناشط نزار بنات لم يكن من باب الغضب بل كان من رؤية واقعية حقيقية أدت إلى ارتكاب السلطة هذه الجريمة وفقدان الشرعية للسلطة ولمنظمة التحرير.
ووصف د. القططي، منظمة التحرير بـ "البقرة المقدسة" قائلًا: "المنظمة فقدت المضمون الأساسي لها وهو مشروع التحرر الوطني الذي أقيمت من أجله ولم تعد بيتًا للكل الفلسطيني أو قائدة للمشروع الوطني".
وأشار إلى أن اغتيال نزار بنات شكل نقطة فاصلة وبارزة في تاريخ السلطة وما حدث أشبه بصراع الضحايا، لافتًا إلى أن نزار بنات وقاتليه هم جميعًا ضحايا مشروع اوسلو الذي أوجدته السلطة.
وشدد د. القططي أن السلطة فشلت أن تكون جسرًا للدولة أو جزءًا من التحرر الوطني أو ادارة الصراع السياسي مع الاحتلال وانهاء ملف الانقسام السياسي وفشلت ايضًا في انهاء الازمات الاقتصادية التي يعاني منها شعبنا وهي التي ركز عليها نزار بنات وأدت لاغتياله.
ويرى عضو المكتب السياسي للجهاد الاسلامي أن السلطة لن تسقط وستبقى موجودة لأنها مطلب "إسرائيلي" واقليمي وأمريكي وهي تؤدي دورًا وظيفيًا"، معبرًا عن أمله أن تتحول السلطة إلى جزء من مشروع المقاومة والحفاظ على وجود شعبنا ودعمه في مواجهة الاحتلال.
من جهته أكد د. محمد المدهون منسق كتلة "القدس موعدنا" أن اغتيال نزار بنات هو اغتيال للانتخابات التشريعية للمرة الثانية بعد إلغائها كونه مرشح للانتخابات وهذا يتطلب موقفًا قويًا وضاغطًا من القوائم المرشحة للانتخابات وصولا إلى اجراء تحقيق ومحاسبة عادلة لمن اقترف الجريمة، متوقعًا أن القوائم قد تلعب دورًا مهمًا وضاغطًا على السلطة لمحاسبة المجرمين واعادة الاستقرار المجتمعي.
ودعا المدهون لتسليط الضوء على أن نزار بنات هو مرشح للبرلمان ومن الممكن أن يصبح عضوًا فيه لو لم تُلغى الانتخابات، قائلًا "حرية الكلمة في الضفة تشكل قلقًا وأرقًا كبيرًا للمتنفذين في السلطة من قادة الاجهزة الامنية.
ولفت إلى أن نزار ترك صورة حسنة بين أبناء شعبه فهو الى جانب ترشحه للانتخابات، مواكب للأحداث والوقائع ويطرح قضايا الرأي العام بالأدلة الامر الذي دفعه لاستقطاب عدد كبير من الناس حوله وهذا السبب جعل البعض من قادة أمن السلطة يعتبره تهديد شخصي لهم.
فيما يرى الكاتب السياسي ذو الفقار سويرجو بأن السلطة الفلسطينية وصلت لمرحلة خطيرة من الارتباط العضوي مع الاحتلال الإسرائيلي ولم تعُد تُلبي الحد الأدنى من أحلام وطموحات ابناء شعبنا وهذا ما دفع المعارض نزار بنات لفتح النيران بشكل ديمقراطي على السلطة.
وقال سويرجو: "هناك شريحة واسعة من قيادة السلطة في الضفة المحتلة ارتبطت مصالحها الاقتصادية مع مصالح "إسرائيل" ولذلك فهي ستقاتل حتى النهاية لإبقاء الامتيازات التي تحصل عليها"، لافتًا إلى أن تلك الجهات المسؤولة في السلطة وجدت من الصعب التعايش مع نزار بنات الذي كان يعمل على فضح نهج السلطة، وبخاصة فضيحة لقاحات فيروس كورونا التي لو حدت في أي دولة بالعالم لقدمت الحكومة ورئيس الدولة استقالتهما.
وأشار إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة لا تخيف لأن مؤسسات الحرية والديمقراطية والحقوقية تعيش حالة من الصحوة، وليست مترهلة كما هي المؤسسات في غزة.
بدورها، أكدت عضو الملتقى الوطني الديمقراطي نور عودة، أن جريمة اغتيال المعارض نزار بنات لم تكن الشرارة الوحيدة التي أشعلت الغضب في مدن الضفة المحتلة انما جاءت لتفجر ما هو موجود من خيبات أمل متراكمة وانسداد أفق أمام طموح وأحلام المواطن.
وأوضحت أن الفلسطينيين أمام خطر كبير يتخطى جريمة نزار بنات على اهميتها، مبينة أن الخطر يهدد مستقبلنا ومستقبل قضيتنا الفلسطينية، وخطوة رحيل الحكومة لن تكون حلًا انما الحل يكون بتغيير النهج القائم في السلطة وتعزيز احترام كرامة الانسان واحترام اهدافه وتلبية الحد الادنى المطلوب.
وأشارت عودة إلى أن جريمة المعارض نزار بنات وضعت الناس أمام خيارين إما القبول بامتهان الكرامة وجعلها أمرًا طبيعيًا دون محاسبة مقترفها أو الوقوف أمام المجرم والانتصار للكرامة، مبينة أن رد فعل الحكومة وتعاملها مع الموضوع وكأنه شيء لا يعنيها أمر مقلق للغاية.
وتعتقد عودة بأن انهاء الانقسام وتشكيل جسم قيادي مؤقت يتولى عقد الانتخابات بالتزامن واحترام كرامة الانسان قد يعيد لنا جزءًا من الكرامة التي انتهكت.
هذا ويعتقد القيادي في المبادرة الوطنية سامر عنبتاوي أن هناك 5 أسباب دفعت بنا للوصول إلى انتهاك الحرية الشخصية وارتكاب جريمة الاغتيال السياسي ضد نزار بنات أبرزها الانقسام السياسي وما ترتب عليه تأثير على الحياة السياسية في فلسطين.
وقال عنبتاوي: "موضوع الحريات والديمقراطيات في العالم يتطور ويتصاعد ويتقدم إلى الأمام، إلا في فلسطين فهناك انتهاك للقانون الفلسطيني والمراسيم المتعلقة في ارساء الحريات، مؤكدًا أن هذا الانتهاك الخطير من افرازات الانقسام السياسي.
وأوضح أن إلغاء الانتخابات التشريعية وتأثيرها على الشارع الفلسطيني، إضافة إلى التناقضات داخل الحكومة والنظام السياسي وفضيحة "لقاح فايزر" التي زادت من غضب الشارع على السلطة، إضافة إلى الفشل التاريخي في خطة التحرر الوطني كل ذلك كان سببًا فيما وصلنا اليه اليوم من انتهاك للحريات والديمقراطيات.
وطالب القيادي في المبادرة الوطنية باستقالة الحكومة وتغير النظام السياسي، ووقف الاعتقال السياسي والسماح بحرية الرأي والتعبير وفرض العقوبات على مرتكبي الجرائم بشكل سريع، اضافة الى العودة لطرح موضوع الانتخابات للخروج من تفرد السلطة بالقرارات.
الناشط الحقوقي مصطفى ابراهيم يعتقد أن جريمة اغتيال نزار بنات لن تُحدث ضجة كبيرة على المستوى الدولي والعالمي كما فعلته جريمة اغتيال رفيق الحريري في لبنان، لأسباب مختلفة بينها حجم وتأثير الحريري على المستوى الإقليمي أكبر بكثير من تأثير الناشط نزار بنات.
وأوضح، أن امكانية فرض شروط اقتصادية ودولية من الاتحاد الأوروبي -أكبر داعم للسلطة- ومن أمريكيا -أكبر داعم لمؤسسات الأجهزة الأمنية في الضفة- ضد السلطة، ليست كبيرة جدًا ولن تكون قوية أو صارمة.
ويرى أن سبب عدم اعتقاده بفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي وأمريكيا على السلطة يعود إلى أن نظام السلطة كأي نظام عربي استبدادي.
أما رئيس قائمة "العدالة" فايز فريجات قال: "إن اغتيال نزار بنات يعبر عن عمق أزمة النظام السياسي الفلسطيني كونه القرار المركزي الرئيسي في يد شخص واحد وهذا هو الفساد المطلق".
ويعتقد فريجات أن المعارضة الفلسطينية لا زال أمامها وقت ودور مهم ووطني للمشاركة في صنع المستقبل أمام النظام السياسي ليس للدفع نحو انهياره انما للدفع نحو تعديل جوهري داخلي يحمي كرامة الانسان ويعزز وجود المواطن على أرضه ووطنه.
أما رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي فيرى أن عملية اغتيال الناشط السياسي نزار بنات هي أول عملية سياسية منظمة في التاريخ الفلسطيني تبدأ بإيعاز من رئيس السلطة محمود عباس وتنتهي عند منفذي الجريمة.
وأوضح أن اغتيال نزار بنات لا زال مستمر ومتواصل في فلسطين فبعد اغتياله جسديًا يريدون الآن اغتياله معنويا من خلال تشويه صورته بمقاطع فيديو مجتزأة ومدبلجة.
وحول المطلوب الآن قال عبد العاطي: "المطلوب هو الاستجابة لكل النداءات الوطنية لتشكيل لجنة تقصي حقائق قائمة على الاستقلالية بمشاركة دولية، اضافة إلى الضغط لحماية حقوق الانسان وضمان السلطتين "غزة والضفة" إصلاح ومعالجة شاملة لخارطة طريق تبدأ باستقالة الحكومة وقادة الاجهزة الامنية وتنتهي عند اجراء الانتخابات التشريعية.
كما دعا حركة فتح لاتخاذ موقف ودور وطني في مواجهة الفريق الذي يختزل القرار بيد رجل واحد فقط، لإجباره للحفاظ على الحريات العامة والديمقراطية في البلاد.
واتفق الكاتب بسام أبو عكر مع سابقيه حول أسباب أزمة اغتيال الناشط نزار بنات، مؤكدًا أن ما يجري في مدينة بيت لحم من مظاهرات ضد أجهزة الأمن يأتي استجابة للدفاع عن الحريات والديمقراطيات التي انتهت باغتيال الناشط السياسي نزار بنات.
وقال أبو عكر: "إن السلطة أدخلت شعبنا في أزمة كبيرة ومشكلة سياسية عميقة تتمثل حول المشروع الوطني والتحرري"، مؤكدًا أن أجهزة امن السلطة استباحة الضفة وتسببت بأزمات لا يمكن السكوت عنها.
ولفت إلى أن صناديق الاقتراع هي الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة التي يعيشها شعبنا في فلسطين"، مبينًا أن التفرد في القرار الفلسطيني أحد اسباب الفساد.
بينما أكد د. احمد شهاب عضو قائمة كفاءة في الانتخابات التشريعية: إن اغتيال الناشط نزار بنات يدلل على أن السلطة لا تختلف عن الأنظمة العربية المعارضة الاستبدادية مطلقًا، والدلالة الثانية إن دور السلطة وظيفي وهو يتمثل بقتل احلام شعبنا والتي انتهت بإلغاء الانتخابات الذي تم اتخاذه بقرار منفرد من رئيس السلطة".
وأوضح د. شهاب إلى أن اغتيال بنات كشف مشاكل عدة من بينها مشكلة النظام السياسي منذ أوسلوا حتى اليوم اضافة الى مشكلة الثقة التي طالت كل شيء أهمها مشكلة الثقة بالقضاء، لافتًا إلى ان المشكلة الثالثة تتمثل في غياب دور المجلس التشريعي، مؤكدًا أن الحل الوحيد هو اجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيها.
وفي السياق قال الكاتب مصطفى إبراهيم: "إن دور السلطة منذ تأسيسيها هو الاعتقال السياسي وتسجيل اسماء النشطاء العساكر اضافة لمصادرة الأسلحة من المقاومين وهذا الأمر خلق أزمة كبيرة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.
بينما طالب الناشط الحقوقي خليل أبو شمالة القوى السياسية والمجتمع المدني والمثقفين بالدفاع عن حرية الكلمة، قائلًا: "منذ الغاء الانتخابات التشريعية يتعرض المرشحين للقوائم التشريعية للاستدعاء من الاجهزة الأمنية بتهمة المشاركة في قوائم غير مشروعة".
وأشار أبو شمالة إن الضغط على صناع القرار يكمن في استمرار الثورة الشعبية لتطبيق القانون ومحاسبة كل من يرتكب الجرائم وفق القانون.
الأكاديمي نهاد الشيخ خليل أكد على أن الشهيد نزار بنات ركز على مواضيع مهمة جدًا وحقيقية ومقلقة للسلطة، مبينًا أن نزار ركز على فقدان السلطة كل أنواع الشرعية وفقدان كل أنواع الكفاءة، اضافة إلى عجز السلطة عن تقديم أمور إيجابية للمواطن.
وأشار إلى أن نزار تمكن من نزع هيبة الآلهة المقدسة التي حاولت وتحاول السلطة فرضها على الواقع، مشددًا على أن أي سلطة تمتلك أدوات العنف وهي فاقدة للشرعية والكفاءة تشكل خطرًا حقيقيًا على الناس ويجب التعامل معها بمنطلق الثورة.