لست إلا محباً لهذا البلد العظيم، لأم الدنيا، رائدة الحضارة، ومنبع العراقة، ومهد التاريخ، لأنها مصر الأنبياء ابراهيم الخليل وموسى ويوسف عليهم السلام، مصر الحضارة القديمة والفراعنة والأهرامات وأبو الهول، مصر الأدب والشعر وأحمد شوقي ومحمود سامي البارودي، مصر العلم والعلماء وأحمد زويل، مصر الجيش البطل الذي لا يقهر وخير أجناد الأرض، مصر الإرادة والعطاء وقناة السويس، مصر العذوبة والجمال والحياة ونهر النيل الخالد، مصر الطيبين والبسطاء وأهلها الضاحكين، مصر الأزهر الشريف والإسلام الوسطي، مصر الحرية للشرقي والغربي والمسلم والمسيحي، مصر مجمّع الأديان والتسامح والتعايش السلمي، مصر التوهج والاشراق والأمل والنقاء والقوة ذات النسر الذهبي، مصر الخير والجمال والمتوسط والأحمر والصحرواي، فهي العشق الجميل.
وعقب غياب عامين تقريباً، تجدد اللقاء مرة أخرى، وزرت مصر حالياً، وقد شاهدت سابقاً بدايات مشروع العاصمة الادارية الجديدة، ذات الموقع الجغرافي الغير عشوائي الذي تم اختياره بعناية فائقة التصور، وضمن أبعاد استراتيجية، وقد سنحت لي الفرصة لزيارة العاصمة الادارية الجديدة خلال اليومين الماضيين.
الحقيقة أنَّ ما شاهدته من تقدم وانجاز في زمن قياسي كان مبهراً وعظيماً يفوق الوصف مهما كنت كاتباً او شاعراً أو رساماً لن تستطيع وصفه من عظمته ومشاريعه العملاقة وجودة تنفيذها والسرعة الفائقة في انجازها أفقياً ورأسياً.
إنك ترى الانجاز الصاروخي المتقن في العاصمة الادارية في كل شارع أو مبنى أو وزارة أو بناية تجارية، يتقدمها مسجد (الفتاح العليم)، وسلسلة المساجد الكبيرة، والمتباعدة بشكل هندسي مدروس وبتصاميم تراثية عريقة، وكاتدرائية ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) التي تعتبر معلماً يرسم معنى التعايش والتسامح، بالاضافة إلى شبكة الطرق المنظمة والمنسقة والتي تربط أنحاء المدينة ببعضها، أما البرج الأعلى في أفريقيا سيدهشك عظمته وعلوه وتصميمه، والأكثر إثارة هو التنفيذ الصاروخي لخط المترو الأسرع (المونوريل)، والتي تفوق سرعته 250 كيلومتر في الساعة، ويربط بين عدة وضواحي وأحياء في القاهرة الكبرى ومدن متصلة بشبكة واسعة من الاتصالات، ناهيك عن الميادين الجميلة ذات الرمزية المكانية والزمانية والمستوحاه من التاريخ والتراث المصري والعالمي، وغيرها مما لا عين رأت.
فهي مجموعة مدن في عاصمة تم تصميمها ضمن معايير دولية وعالمية حديثة تواكب التطور الآني والمستقبلي وتخدم الجيل الحاضر وتقفز إلى خدمة جيل المستقبل.
وصممت تلك المدينة كمدينة ذكية ومتقدمة تقنياً وتكنولوجياً بحيث تقدم الخدمات لجميع سكانها بالاعتماد على شبكة المعلومات، والحواسيب المتطورة، وتجمع بيانات من خلال أجهزة الاستشعار عن بعد، مع توفير أجهزة المراقبة، ووسائل الأمن والسلامة المتطورة. حيث أن هذا المشروع العملاق سيستوعب في البداية 7 مليون مواطن.
بعد مشاهدتي لهذه العاصمة التي تعتبر عالم في مدينة، أجزم يقيناً أن العمل في هذا المشروع العملاق لم يتوقف لحظة، وأن الظروف التي مر بها العالم خلال جائحة كورونا لم تكن حائلاً، بل على العكس يبدو أنه الاصرار الحقيقي لتحقيق الحلم بإرادة وعزيمة غير تقليدية.
الحقيقة التي شاهدتها تؤكد من جديد أنَّ الانسان المصري عظيم وقادر على صنع المعجزات، كما أجداده بناة الأهرامات، وتؤكد أن الدولة الجمهورية الجديدة تمكنت من تحقيق المستحيل، وأصبح الحلم حقيقة وأن الفشل أو التقاعس ليس في مصطلحات قاموسها، ويبدو أن جيش المهندسين والمخططين والاداريين والتنفيذيين لم ينم لحظة، وأن جحافل العمال المصريين لم يمسحوا عرق جبينهم، وأن محركات الآلات لم تتوقف ليلًا أونهارًا طيلة هذه الفترة، لبناء مدينة حديثة ومتطورة تليق بمكانة مصر العظيمة.
ليس هذا فحسب بل إن الثورة في التطور والعمران والاستقرار والأمان والازدهار تراه بعينيك، وتشعر به وتقرأه في وجه كل مصري، وتلفت انتباهك الجسور الضخمة وسرعة تنفيذها وهي شاهد آخر على هذا التغيير الملموس، وقمة متابعة الانجاز اللحظي وليس اليومي أو الشهري، والتي يتم فيها الاتفاق مع الشركات على موعد تسليم المشروع بنظام لا تجده في أية دولة، حيث يتم وضع عداد باليوم والساعة، ويسمح بقراءته من المارة يومياً منذ بداية تنفيذ أي جسر أو مشروع عام، ويتحرك العداد من اللحظة الاولى عداً تنازلياً ليصل إلى عدد الأيام المتفق عليها لانجاز المشروع، ويتم الاعلان عن موعد الافتتاح يوم التسليم، وليس يوم وضع حجر الأساس، وفعلاً يتحقق ذلك في موعده أو قبل موعد تسليمه.
هذا ما شاهدته أيضاً من عشرات الجسور الجديدة في مدينة القاهرة، وتوسيع أغلب الشوارع القديمة، وفتح عشرات الشوارع الجديدة بشكل ملحوظ، حيث تشعر بهذا الانجاز حقاً أثناء سيرك في الشوارع المزحمة سابقاً، والتي أصبحت سهلة وسريعة حالياً. إضافة إلى انهاء حالة الفوضى في المباني العشوائية، وتحويلها إلى مناطق جميلة وراقية حيث تم هدم المباني العشوائية وبناء عمارات جديدة مكانها، وتعويض أصحاب البيوت القديمة وتسليمهم شقق جديدة.
إنها نقلة نوعية توجب على كل المصريين أن يرفعوا رؤوسهم عالياً، وانجازات تستحق الفخر والاعتزاز بانجاز هذا الرجل العظيم رئيسها عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد مصر إلى مجدها التاريخي في زمن قياسي بهذا المشروع (مشروع العاصمة الادارية الجديدة) والمشاريع الأخرى التي تنهض بها مصر على جميع المستويات وتشعر بالتغيير الملموس بشكل يومي وفي كل مناحي الحياة.
الواضح أن هذه المشاريع بدأت برؤية وطنية وانتماء حقيقي لمصر، ومستمرة بطريقة مخططة ومدروسة وتجربة تنافس الدول العظمى بنجاحها... حفظ الله مصر وشعب مصر.