اختتمت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أعمال الكونفرنس الوطني العام الثاني عشر والذي استمرت لمدة يومين تحت شعار “هبة القدس والثوابت الوطنية والتجديد الديمقراطي” و”رؤية جديدة لمرحلة جديدة”.
وانتخب المؤتمر بأجواء من الديمقراطية وبروح المسؤولية الوطنية العالية اللجنة المركزية للجبهة التي ضمت الشباب والمرأة باطار الرؤية الجديدة للتحول لحزب اشتراكي، ولمواجهة التحديات وتداعيات شديدة التعقيد والحساسية على مختلف الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، في مواجهة أسئلة المصير والمستقبل على الصعد كافة التي أعلن مؤتمرها في ختام أعماله تحولها إلى حزب اشتراكي ديمقراطي فلسطيني، هذا التحول الكبير والتاريخي يأتي تلبية للمرحلة المقبلة، ويفتح آفاقاً جديدة من العمل النضالي،ويأتي كذلك في استراتيجية عمل وطنية شاملة.
وناقش المؤتمر بمشاركة الداخل والساحات العربية والأوروبية مختلف القضايا السياسية والفكرية والتنظيمية ومراجعة شاملة عبر أوراق وبرامج وسياسات واستراتيجيات جرت بلورتها كمشاريع تم طرحها على الجسم التنظيمي للمناقشة والتعديل قبل المصادقة عليها واعتمادها.
وتزامن الافتتاح الرسمي للمؤتمر في قاعة الهلال الأحمر في مدينة رام الله مع افتتاح أعمال المؤتمر في قطاع غزة وسوريا ولبنان وليبيا والجزائر واليمن والعراق والأردن ومصر، وللساحة الأوروبية بمشاركة ممثلين عن 22 بلداً، إضافة إلى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وجه المتحدثون الرئيسيون في الجلسة الافتتاحية التحية لروح القائد المؤسس لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الرفيق الشهيد د. سمير غوشة والى كافة شهداء وأسرى ومناضلي الجبهة والى أرواح الشهداء التي تنير لنا الطريق نحو الاستقلال وإلى الأسرى الأبطال في سجون ومعتقلات الاحتلال الذين ينسجون بصمودهم ونضالهم رواية الثورة والحرية والكرامة.
وأقر المؤتمر البرنامج السياسي، وأدخل التعديلات التي تواكب التطورات وتنسجم مع الفكر الاشتراكي الديمقراطي الذي تتبناه الجبهة منذ تأسيسها وهي التحول إلى حزب اشتراكي ديمقراطي، يؤمن بالتعددية والمساواة والعدالة الاجتماعية في كل المجالات ومناحي الحياة حيث يجري التأكيد على الجانب الاقتصادي والاجتماعي للبرنامج السياسي للجبهة بحيث يتناول قضايا وهموم واحتياجات الطبقة العاملة والفقراء والمهمشين في المجتمع الفلسطيني، علاوة على الطبقة الوسطى التي تلاشى وجودها مع ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار وتضخمها وعدم قدرتها الحفاظ على وضعها الاجتماعي خصوصا من أبناء شعبنا في المحافظات الجنوبية.
وأقر المؤتمر العام “مشروع النظام الداخلي المعدل” الذي أدخلت عليه عديد التعديلات لفتح آفاق أرحب لتطوير أداء الأعضاء ودورهم وتوسيع أشكال مساهمتهم وتوسيع مشاركتهم في صنع القرار بظل مناخ ديمقراطي يعزز ويقوي الحياة الداخلية للحزب.
وبعد نقاش حر وفي أجواء من الديمقراطية والشفافية العالية ، تم إقرار الوثائق المقدمة، وهي: “النظام الداخلي المعدل”، و”البرنامج السياسي المعدل”، و”التقرير السياسي” و”التقرير التنظيمي” و”مشاريع القرارات”، التي تهدف إلى استنهاض المزيد من عناصر القوة في صفوف الجبهة لتواصل تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه قضيتنا الوطنية والنضال المتواصل من أجل الخلاص من الاحتلال، وقيام دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود 4 حزيران 67، وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، التي هجروا منها منذ العام 1948 واستمرارية نضال الجبهة على كافة المستويات من أجل تحقيق العدالة والمساواة والديمقراطية وتكافؤ الفرص وتعزيز الحقوق والحريات العامة في مجتمعنا الفلسطيني.
وعلى الصعيد السياسي، أكد الكونفرنس العام ضرورة صياغة استراتيجية وطنية جديدة ترفض العودة لصيغة المفاوضات الثنائية وبالرعاية الأمريكية المنفردة والمنحازة لإسرائيل، باعتبارها صيغة أثبتت التجربة عقمها، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام كامل الصلاحيات تشارك فيه كافة الأطراف المعنية، واعتماد خطة سياسية فلسطينية في مركزها استصدار قرار من مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، ومواصلة الجهد للانضمام للاتفاقيات والمعاهدات والوكالات والمنظمات الدولية.
وأكد تعزيز وتطوير أشكال وأساليب المقاومة الشعبية كافة ضد الاستيطان وجدار الفصل والعزل العنصري، ومحاولات تهويد القدس وذلك عبر الانخراط الفعال في اللجان الشعبية للمقاومة، وكافة الأطر والهيئات الشعبية في مواجهة الاحتلال وسياساته التوسعية وذلك من خلال إعادة تشكيلها وفق هيكلية وبرامج عمل بمشاركة كافة أطياف الشعب الفلسطيني.
وطالب بإعادة النظر بمجمل السياسات تجاه القدس، من خلال إيجاد مرجعية موحدة، وتقديم الدعم المادي الملموس للمؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لتعزيز صمود المقدسيين في مدينتهم، ومواجهة الهجمة الإسرائيلية المستمرة تجاه المدينة الرامية إلى تهويدها ومحاولة أسرلتها، وإخراجها من أيّ مفاوضات تتعلق بالوضع النهائي، إضافة إلى تحقيق ما يسمى (مشروع القدس الكبرى)، الذي بات يهدد مستقبل المدينة ويغير من طابعها الديموغرافي، ودعوة المستثمرين الفلسطينيين والعرب والأصدقاء الدوليين إلى الاستثمار في القدس من أجل الحفاظ على طابعها العربي المسيحي والإسلامي، مع التأكيد على ضرورة دعم وتطوير الهبة الجماهيرية المتواصلة في القدس، التي وجدت تجلياتها بهذا التلاحم الفلسطيني الواسع لكافة أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وقطاع غزة وأراضي 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات، ووضع رؤية وطنية موحدة لتطويرها لانتفاضة برؤية جديدة وبرنامج عمل وطني والحفاظ على طابعها الشعبي بتعزيز المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال وضرورة توفير كل أشكال الدعم والمساندة لها، ولا تتوقف إلا برحيل الاحتلال وتشكيل قيادة وطنية موحدة كمرجعية عليا للانتفاضة ومتابعة عملها ميدانياً، وبدعم من كافة القوى الوطنية والإسلامية.
وأشار إلى الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، في ضوء هبة القدس ونتائجها، وكنتاج للحوار الوطني الشامل تضع في أولوياتها إزالة آثار الانقسام، وتداعيات العدوان على غزة بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية، وإعادة الاعمار بأفق سياسي وتحت إشراف ومسؤولية الحكومة، وإن تشكل حكومة وحدة وطنية وعلى أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وبسقف زمني محدد يؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية مع توفر ضمانات دولية لإجراء الانتخابات في العاصمة المحتلة كجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة واعتبار معركة الانتخابات فيها معركة سياسية وسيادية وليست قضية فنية أو تقنية، مع التأكيد أنه لا خيار أمامنا سوى الخيار الديمقراطي لإنهاء الانقسام، ولا خيار أمامنا سوى تحصين جبهتنا الداخلية بوحدتها لمواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية.
وجه الدعوة إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “لتقييم العلاقة التعاقدية في الاتفاق الانتقالي مع الحكومة الإسرائيلية وتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني وتوصيات اللجنة السياسية للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير 19/ 5/ 2020 بإنهاء المرحلة الانتقالية وسحب الاعتراف المتبادل مع إسرائيل، والبدء بخطوات عملية ملموسة للانتقال من السلطة للدولة وتجسيد السيادة الوطنية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وكذلك عقد جلسة اعتيادية للمجلس المركزي الفلسطيني لتفعيل وتطوير وتجديد شرعية مؤسسات المنظمة وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة ورئاسة مجلس وطني، ما يؤدي إلى تعزيز دور ومكانة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني لتكون قادرة على مواجهة كافة التحديات الماثلة أمام قضية شعبنا العادلة، والعمل الجدي نحو تفعيل وتطوير مؤسسات ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والمعبرة عن هويته الوطنية، ووحدته السياسية داخل الوطن وفي الشتات، وقائدة نضاله وتمكينها من القيام بدورها القيادي كمرجعية سياسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك السلطة الوطنية، والعمل على تطوير أوضاعها والنهوض بها من خلال انتظام اجتماعات لجانها ومؤسساتها ودوائرها ، والحفاظ على دوريتها وأهمية ذلك في تعزيز مكانتها وقدرتها التمثيلية ووحدانيتها”.
وأوضح أنه يجب الاستمرار في دعم حملة مقاطعه المنتجات الإسرائيلية كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، ودعوة كل أحرار العالم ولجان التضامن مع الشعب الفلسطيني للاستمرار في حملة مقاطعه إسرائيل (BDS) ومعاقبتها وسحب الاستثمارات منها، ما دامت تواصل الاحتلال وسياسة التمييز العنصري ، ومقاطعه أي شركات تدعم الاحتلال والاستيطان، والتحرك الجاد لدعم صمود الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم بدون تمييز وتفعيل قضيتهم لتبقى حيّة ويوميّة وعلى رأس أولويات القيادة الفلسطينية ، والمؤسسات الوطنية وكافة القوى السياسية والاهتمام بأسر الشهداء والأسرى والجرحى وتأمين حياة كريمة لهم.
كما شدد على استمرار النضال من أجل تطوير النظام السياسي الفلسطيني بما يكفل بناء الدولة المدنية الحديثة وإقرار قوانين ديمقراطية وعصرية تصون التعددية السياسية وتعتمد التداول السلمي للسلطة في ظل سيادة القانون وتمتع جميع المواطنين بذات الحقوق والواجبات دون تمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وتعزيز مناخات وأجواء الحريات العامة بما فيها حرية الرأي والتعبير، والتمسك الحازم بإجراء الانتخابات البلدية خلال العام 2021، التي توقف مسارها طبقاً للإطار الزمني المفترض لها من أجل أن يشكل نجاحها نموذجاً لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكمدخل حقيقي لإنهاء الانقسام بالاستناد إلى خيار الشعب وصناديق الاقتراع.
وأكد متابعة برنامج عمل الجبهة الاقتصادي والاجتماعي الرامي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ، باعتبارها أحد المكونات السياسية لمتطلبات صمود شعبنا على أرضه والعمل المشترك مع القوى والفعاليات التي تتقاطع معنا بوجهات النظر نحو نضال اجتماعي واقتصادي مطلبي يعزز من أسس العدالة وتكافؤ الفرص في المجتمع الفلسطيني.وإدامة وتمتين علاقات الجبهة وتعزيز وتطوير ومأسسة علاقاتها مع الأحزاب والقوى القومية والتقدمية العربية، وذلك على قاعدة النضال المشترك ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية.
وعلى المستوى التنظيمي والبناء الداخلي، دعا المؤتمر إلى إطلاق العنان للكفاءات والكادرات لتأخذ دورها ومكانتها الحقيقية لضم أعضاء جدد لعضوية الجبهة ودفع دماء جديدة عبر التجديد الدائم وبالطرق والوسائل الديمقراطية، باعتبار ذلك يشكل محور وأساس التقدم والتطور في مختلف المجالات وميادين العمل والتوسع والانتشار ينبغي أن يكون بشكل ممنهج ووفق أسس تشمل كافة قطاعات وشرائح المجتمع كالطلاب والمهنيين والعمال والمرأة،للانطلاق نحو آلية عمل جديدة بضوابط تنظيمية جديدة ومحددة وواضحة.
وأقر المؤتمر السياسيات الاجتماعية والاقتصادية التي ستنتهجها الجبهة خلال المرحلة القادمة بما ينسجم ومشروعها الاقتصادي والاجتماعي الذي يؤكد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكافة شرائح المجتمع وحقها في صياغة جملة من القوانين والتشريعات التي تصون حقوق كافة الشرائح وصولاً لبلورة سياسة وطنية لتنمية الحماية الاجتماعية لكافة القطاعات الضعيفة والمهمشة وتحقيق الهدف الاستراتيجي بإقامة العدالة الاجتماعية كمنظومة متكاملة تكرس دور ومكانة كافة أطراف الإنتاج الفلسطيني.
وانتخب المؤتمر في ختام اعماله، لجنة مركزية للجبهة، ضمت 114 عضواً، مثلت المرأة فيها بنحو 29% ، والشباب بنسبة قاربت الـ 60%، فيما ناهزت عملية التجديد في اللجنة الثلثين، إذ انتخب لعضويتها نحو 66 من مجمل الأعضاء لأول مرة.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة في غضون ساعات لانتخاب الأمين العام ونائبه وتنتخب أعضاء المكتب السياسي للجبهة.
كما استحدث المؤتمر خلال مناقشاته منصب نائب الأمين العام، وعدة دوائر ذات اختصاص، ومنها دائرة للقدس العاصمة.