السلطة الفلسطينية في مواجهة موجة غضب شعبي غير مسبوقة منذ سنوات بالضفة الغربية

الأحد 27 يونيو 2021 04:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
السلطة الفلسطينية في مواجهة موجة غضب شعبي غير مسبوقة منذ سنوات بالضفة الغربية



رام الله /سما/ (أ ف ب)

 تواجه السلطة الفلسطينية موجة غضب شعبي غير مسبوقة منذ سنوات في الضفة الغربية فجرها قتل ناشط سياسي وناقد بارز قبل ثلاثة أيام في ظروف غامضة بعد اعتقاله من الأجهزة الأمنية.

ودعت هيئات شبابية ولجان محلية إلى تصعيد التظاهرات في رام الله ومناطق أخرى من الضفة الغربية اليوم بعد صدامات عنيفة جرت مع قوات الأمن الفلسطيني اليومين الماضيين.

ويرى مراقبون أن تراكمات سنوات من الإحباط باتت تشكل ضغطا شعبيا على السلطة الفلسطينية التي تواجه انتقادات داخلية وخارجية على خلفية سياساتها وسلوكها الأمني. 

وأثار قرار الغاء الانتخابات التشريعية الكثير من الجدل في 30 نيسان الماضي والتي طال انتظارها منذ 15 عاما وكانت مقررة في 22 أيار الماضي.

وجاء إلغاء الانتخابات بعد عدم سماح إسرائيل بإجرائها في شرق القدس، لكن المعارضة اعتبروا أن القرار جاء للتهرب من العودة لصندوق الاقتراع .

وانتقد الاتحاد الأوروبي وأطراف دولية قرار إلغاء الانتخابات وطالبوا بالعودة إلى صندوق الاقتراع لتجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية.

والأسبوع الماضي تفجرت موجة انتقادات شديدة للسلطة الفلسطينية بسبب إبرامها اتفاقا لتبادل لقاحات فيروس كورونا مع إسرائيل اتضح أنها أوشكت على الانتهاء وغير مطابقة للمواصفات، رغم الغاء الصفقة لانها غير موافقة للمعاير. 

وجاءت حادثة مقتل الناشط السياسي نزار بنات المعروف بانتقاداته العلنية للسلطة الفلسطينية لتزيد من حدة الغضب الشعبي وتتحول إلى تظاهرات غاضبة في الضفة الغربية.

وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين ، في بيان اليوم الأحد ، عن صدمته من سلوك قوات الأمن الفلسطينية في قمع تظاهرات شعبية في مدينة رام الله أمس السبت ومناطق أخرى في الضفة الغربية.

ونظمت تظاهرات ووقفات في رام الله والخليل على مدار الأيام الثلاثة الماضية على خلفية وفاة الناشط نزار بنات وسط هتافات غير مسبوقة تطالب برحيل عباس وإسقاط حكم السلطة الفلسطينية.

وردد المشاركون شعارات مطالبة بالتحقيق النزيه ومحاسبة المسؤولين عن وفاة بنات، فيما تم تداول مقاطع فيديو لأعمال قمع عنيفة مارستها الأجهزة الأمنية في رام الله.

وعملت قوات الأمن ،التي تواجدت بصورة مكثفة ، على تفريق المشاركين بالقوة حيث وقعت مشادات وصدامات، ثم قدمت مسيرة مؤيدة للسلطة الفلسطينية، حيث وقعت صدامات وسط حالة من الفوضى قبل أن تهدأ الأمور.
وأدانت حركة حماس وفصائل أخرى إقدام “عناصر من الأجهزة الأمنية ومنهم عناصر بلباس مدني” على الاعتداء بالضرب وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بشكلٍ مكثّف على متظاهرين سلميين ومنهم صحافيون خرجوا في رام الله.

وكان نزار بنات (43عاماً) توفى فجر الخميس الماضي لدى اعتقاله من  قبل عناصر الأمن الفلسطيني من منزل أقاربه في الخليل جنوب الضفة الغربية ما أثار انتقادات حقوقية ودولية واسعة.

وفي حينه قال محافظ الخليل جبرين البكري في بيان صحفي إن نزار بنات توفى خلال اعتقاله من قوة من الأجهزة الأمنية بموجب مذكرة إحضار صدرت بحقه من النيابة العامة. 

وأضاف البكري أنه خلال عملية اعتقال بنات “تدهورت حالته الصحية وفورا تم تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أنه متوفي”، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ النيابة العامة التي حضرت وباشرت بإجراءاتها وفق الأصول. 

في المقابل،  قالت عائلة بنات إنه تعرض إلى “عملية اغتيال عقب اقتحام مكان سكنه في الخليل من قبل قوة أمنية وتعرضه للضرب المبرح واقتياده إلى جهة مجهولة” قبل الإعلان عن وفاته. والناشط بنات كان مرشحا عن قائمة مستقلة لانتخابات المجلس التشريعي التي كانت مقررة في 22 من الشهر الماضي وتم إلغاؤها.

ومطلع الشهر الجاري تعرض منزل الناشط بنات لإطلاق نار عقب إعلانه عن توجيه رسالة لممثلي الاتحاد الأوروبي في فلسطين، يعلن فيها اعتزامه التوجه إلى المحاكم الأوروبية لطلب وقف الدعم المالي عن السلطة الفلسطينية بسبب تأجيل الانتخابات. 

كما سبق أن تعرض الناشط بنات للاعتقال السياسي عدة مرات بما في ذلك تحريك دعاوى قانونية ضده على خلفية انتقاداته العلنية للسلطة الفلسطينية وكبار المسؤولين فيها.

وتعرضت السلطة الفلسطينية مراراً لانتقادات من منظمات حقوقية دولية على خلفية اعتقالات الرأي والتعبير وممارسة التعذيب في سجونها لاسيما بحق المعارضين لسياساتها.

وقال  الكاتب والمحلل السياسي من رام الله خليل شاهين  إن أجهزة الأمن الفلسطينية “تصب البنزين على النار” باستمرارها في قمع التظاهرات الشعبية بدلا من احتوائها والاستجابة لمطالبها.

ورأى شاهين في تصريح لوكالة الأنياء الألمانية (د.ب.أ) أن السلطة الفلسطينية “تواجه سنوات من تراكمات الغضب الشعبي وصلت حد المطالبة في تظاهرات بإسقاط النظام الفلسطيني برمته وهو ما يعبر عن حجم الفجوة بين الشارع وصناع القرار”.

ونبه شاهين إلى أن تصاعد الصدام بين الأمن الفلسطيني والشارع يهدد الضفة الغربية بحالة من الفوضى غير محسوبة العواقب “في وقت تجد فيه السلطة الفلسطينية نفسها تفتقر للشرعية بعد إلغاء الانتخابات وتعثر ملف المصالحة الداخلية”.