بدأت حاملة طائرات أمريكية مهمة خطيرة في بحر الصين الجنوبي يطلق عليها مسمى عمليات حرية الملاحة، من شأنها إن خرجت عن السيطرة التسبب في أزمة كبيرة بين الصين وأمريكا.
إذ تشقُّ مجموعة سفن حربية أمريكية تقودها حاملة الطائرات رونالد ريغان، طريقها إلى منطقة بحر الصين الجنوبي، كجزءٍ من جهودٍ بحرية واضحة وطويلة الأمد لإضعاف محاولات الصين للسيطرة على المنطقة عبر أساليب عدة منها ما يعرف بالجزر الزائفة أو الصناعية، حسبما ورد في تقرير مجلة National Interest الأمريكية.
ما هي الجزر الزائفة؟
لسنواتٍ عديدة، شكَّلَت هذه الرسالة الرئيسية أساساً لسبب إجراء البنتاغون والبحرية الأمريكية عمليات حرية الملاحة، المعروفة باسم عمليات FONOP، والمُصمَّمة إلى حدٍّ كبيرٍ من أجل تذكير الصين بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يدعمون مطالب الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.
فمن خلال استخدام البناء الزائف للجزر، والذي يُطلَق عليه منذ سنوات "استصلاح الأراضي"، سعى الصينيون إلى تحصين وتعزيز المطالبات الإقليمية في سلسلة جزر سبراتلي في بحر الصين الجنوبي، وهي مناطق طالبت بها مجموعةٌ من دول جنوب شرق آسيا تشمل تايوان وفيتنام وماليزيا وغيرها.
واتفقت الصين والدول الأعضاء برابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، مؤخراً، على العمل معاً وبذل كل الجهود للتوصل إلى اتفاق حول مدونة قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي في وقت مبكر.
وعززت الصين تحديداً ادعاءاتها بالسيادة على أجزاء واسعة من هذا البحر عن طريق تشييد الجزر الاصطناعية فيه وتسيير الدوريات البحرية في مياهه، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وواصلت بكين مطالباتها الحثيثة، واستمرَّت في عسكرة المنطقة، وبناء مدارج وقواعد جوية وبرية للحرب بالقرب من الأراضي المُتنازَع عليها. وهكذا، فإن عمليات حرية الملاحة الأمريكية هي الأخرى مستمرة.
ويتبادل الصينيون والامريكيون الاتهامات بأن الجانب الآخر يعمد إلى "عسكرة" بحر الصين الجنوبي.
يقول الأمريكيون إنهم لا ينحازون لطرف ضد آخر في النزاعات الإقليمية، لكنهم يرسلون مع ذلك سفنهم الحربية وطائراتهم العسكرية إلى المناطق القريبة من جزر متنازع عليها، في عمليات يطلقون عليها اسم "عمليات حرية الملاحة" ويقولون إنها تهدف إلى إبقاء طرق الملاحة البحرية والجوية مفتوحة للجميع.
هدف عمليات حرية الملاحة الأمريكية في بحر الصين الجنوبي
تنصُّ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي لم توقِّع عليها الولايات المتحدة ولكنها تلتزم بها، على أن اثني عشر ميلاً قبالة ساحل منطقةٍ ذات سيادةٍ معينة ترقى إلى أن تكون امتداداً لأراضي تلك المنطقة.
لذا تُسير عمليات حرية الملاحة التي تنفذها أمريكا مدمِّراتٍ وسفناً أخرى داخل حدود اثني عشر ميلاً من المناطق التي تدَّعي الصين حقها فيها، كجزءٍ من جهودٍ مُحدَّدة لإثبات أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة لا يعتبرون ادِّعاءات الصين في هذه الجزر أو المناطق شرعية أو قانونية.
وقال الأدميرال ويل بنينغتون، قائد حاملة طائرات رونالد ريغان، في تقريرٍ للبحرية الأمريكية: "يُعتَبَر بحر الصين الجنوبي محورياً للتدفُّق الحر للتجارة التي تغذي اقتصادات تلك الدول الملتزمة بالقانون الدولي والنظام القائم على القواعد". وأضاف: "يسعدني العمل جنباً إلى جنبٍ مع حلفائنا وشركائنا وزملائنا في الخدمة المشتركة لتوفير دعمٍ كامل النطاق للمشاعات البحرية الرئيسية وضمان استمرار جميع الدول في الاستفادة من منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة".
بحر الصين الجنوبي عملية حرية الملاحة
حاملتا طائرات أمريكتان رونالد ريغان وجون ستينز خلال إبحارهما قرب الفلبين عام 2016 /أرشيفية، رويترز
وتجلب حاملة الطائرات رونالد ريغان معها جناحاً جوياً، بالإضافة إلى سربٍ من المدمِّرات، وطراد مُزوَّد بصواريخ موجَّهة، إلى المنطقة، كجزءٍ من إظهار القوة والوجود.
ووَرَدَ في تقرير البحرية: "التمسُّك بحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي أمرٌ حيوي، حيث يمر منه ما يقرب من ثلث التجارة البحرية العالمية، وثلث النفط الخام العالمي، ونصف الغاز الطبيعي المسال في العالم، كلَّ عام".
وثمة مخاوف من أن المنطقة تستحيل تدريجياً إلى نقطة احتكاك، وأن عواقب أي صدام فيها قد تكون وخيمة على النطاق العالمي.
وهناك الخوف الأمريكي من هجوم صيني مباغت
وتشير عمليات حرية الملاحة المستمرة بالطبع إلى أن التوتُّرات في بحر الصين الجنوبي لا تزال قائمة.
ولكن إضافة إلى رغبة أمريكا في دحض ادعاءات الصين في بحر الصين الجنوبي فإن العمليات البحرية في المنطقة لها أهمية عسكرية أخرى لواشنطن وحلفائها، جعلت الولايات المتحدة تتواجد بصورةٍ مستمرة في المحيط الهادئ في السنوات الأخيرة.
ببساطة، يجب أن تكون البحرية الأمريكية جاهزةً في حال محاولة الصين شن هجوم سريع ومفاجئ على تايوان أو اليابان أو أي مناطق أخرى في المنطقة، حسب المجلة الأمريكية.
ومن المُرجَّح أن البحرية الأمريكية تريد التأكُّد من أنها قريبةٌ بما يكفي للردِّ بسرعةٍ إذا شنَّت الصين هجوماً مباغتاً، على أحد حلفاء أمريكا مع الأخذ في الاعتبار أن بكين قد تسعى لضمِّ تايوان بسرعةٍ أكبر مِمَّا يمكن للولايات المتحدة الرد.
في حالة وجود حاملة طائرات في المحيط الهادئ، مدعومة بقوات وأسلحة ثابتة من غوام أو اليابان أو تايوان، قد يكون الهجوم الأمريكي المضاد سريعاً وحاسماً.
ولذا تحافظ البحرية الأمريكية على وجودٍ منتظم وثابت في آسيا، وقد تعزز ذلك بإرسال طائرات مقاتلة وصواريخ بعيدة المدى، وبالطبع طوربيدات وغوَّاصات، إلى المنطقة بسرعةٍ كبيرة.