ادعت تقارير داخلية في جهاز الأمن الإسرائيلي أن مواد بناء كثيرة دخلت إلى قطاع غزة من خلال المعابر وتحت إشراف إسرائيلي، في السنوات الأخيرة، وأن حركة حماس استخدمت هذه المواد من أجل بناء شبكة أنفاق تمتد إلى مئات الكيلومترات في القطاع، ويطلق عليها تسمية "المترو".
وجاء في هذه التقارير، التي تناولت تعاظم قوة حماس وقُدمت مؤخرا إلى المستويين السياسي والأمني في إسرائيل، أن سبب المس بقدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على مراقبة المواد الداخلة إلى غزة هو "تقليص القوى البشرية في الأجهزة المسؤولة عن ذلك وأداء تنظيمي إشكالي في داخلها"، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء.
وحسب هذه التقارير، فإن عدم مصادقة الحكومة الإسرائيلية السابقة على الميزانية العامة، للسنتين الحالية والماضية، تسبب بإيقاف الميزانيات لتعزيز أنظمة الإشراف، وأضر بالقدرة على إنفاذها، "وسمح لحماس بأن تبني من دون تأثير لإسرائيل منظومة أنفاق تمتد لمئات الكيلومترات، في طول وعرض القطاع". وأضافت التقارير إنه "من دون تصحيح سريع لإخفاقات الإشراف، لن تواجه حماس صعوبة في ترميم شبكة ’المترو’، التي تضررت بشكل جزئي" خلال العدوان على غزة، الشهر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل شكلت فريقا في أعقاب العدوان على غزة عام 2014، من أجل أن يبلور نظام إشراف على نقل معدات، إسمنت، حديد ومواد أخرى إلى قطاع غزة من دون أن تصل إلى أيدي حماس. وتمت بلورة نظام إشراف مشابه بين السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة وإسرائيل باسم "شوفار"، في العام 2014، في إطار تفاهمات أعقبت العدوان، بهدف إدخال مواد بناء إلى غزة من أجل إعادة الإعمار.
وأضافت الصحيفة أنه لدى شن العدوان على غزة، الشهر الماضي، "أدركوا في جهاز الأمن والمستوى السياسي أنه رغم وجود ’نظام شوفار’، نجحت حماس في بناء منظومة أنفاقها وزادت بشكل ملموس كمية القذائف الصاروخية التي بحوزتها. وتبين من التقارير أن معظم هذه المواد دخلت إلى القطاع من معبر كرم أبو سالم طوال السنوات الأخيرة وقسم صغير منها فقط دخل من معبر رفح عن طريق مصر".
ويدل "نظام شوفار" على حجم الدمار الرهيب الذي ألحقه العدوان الإسرائيلي في غزة، إذ أن هذا النظام يشرف على أكثر من 120 ألف مبنى وبنية تحتية استهدفت في القطاع منذ العام 2014، وتعين إعادة إعمارها.
وأشارت الصحيفة إلى أن "مشروع إعادة الإعمار كله يمر من خلال هذا النظام. وبداية يتم نقل طلب إلى المندوب الإسرائيلي في النظام، منسق أعمال الحكومة في المناطق (المحتلة)، الذي يطالب بالمصادقة على أن هذه بنية تحتية إنسانية (أي مدنية). وبعد ذلك يُنقل الطلب إلى المندوب الفلسطيني في النظام، وهو وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ. ومن هناك تُنقل الخطط إلى الأمم المتحدة، التي تعيد المصادقة إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق، الذي يفحص الكميات ويتأكد من أن هذه الكميات ستنقل إلى غزة وأنه لا يتم نقل مواد ذات استخدام مزدوج التي ثد تستخدمها حماس من أجل صنع أسلحة وبناء أنفاق".
وأضافت الصحيفة أنه في السنوات الأخيرة سعى سياسيون إسرائيليون إلى إضعاف مكانة وحدة "منسق أعمال الحكومة في المناطق" و"الإدارة المدنية" في الضفة وغزة "لأسباب سياسية". وتابعت الصحيفة أنه "لم تُرصد ميزانيات ولم تصادق على تعيينات من أجل تعزيز هذا النظام وفقا للاحتياجات المتزايدة، وأدت تعيينات مختلف حولها إلى جانب سلم أولويات ينطوي على خلل في إشغال الوظائف إلى تأكل النظام، وصولا إلى وضع يواجه أداؤه مصاعب في العمل".
وقالت الصحيفة إن المعطيات التي استعرضتها التقارير تشير إلى أنه "في العام 2020 وحده كانت هناك تجاوزات في نقل الحديد بعشرات آلاف الأطنان لصالح مئات المشاريع الجارية في غزة في إطار التهدئة". ونقلت عن مسؤول سابق في جهاز الأمن الإسرائيلي ومطلع على هذا الموضوع قوله إن "هذه التجاوزات تُكشف غالبا بواسطة الأمم المتحدة، التي تعثر على فجوات بين الكميات التي يفترض إدخالها وتلك التي تم إدخالها".
وقال الصحيفة إن ضباطا في قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي مطلعون جيدا على هذا الموضوع، ونقلت عن مصدر في إحدى الوزارات الإسرائيلية التي تشارك في نظام مراقبة هذه المواد، قوله إنه "لا يوجد مشروع في غزة لا يوقع عليه (رئيس حماس في القطاع يحيى) السنوار، ويصادق عليه وينتقي الأمور التي تريدها حماس. ولا تدخل أي شاحنة من إسرائيل أو مصر من دون مصادقة قياديين في حماس، الذين يدركون أن هذا مسار التهريب الأساسي بالنسبة لهم. وأنفاق حماس بُنيت من مواد دخلت من إسرائيل، وهذا ما نستطيع اليوم قوله بشكل مؤكد. وإعادة إعمار الأنفاق التي استهدفت خلال عملية حارس الأسوار العسكرية ستبدأ قريبا، عندما تقرر الحكومة الجديدة مواصلة التهدئة وإعادة إعمار غزة. ولا شك أن هذه حالة فوضى".