يديعوت - بقلم: شمريت مئير "عد سنوات من الهدوء الأمني النسبي والإنجازات السياسية، كانت السنة الأخيرة لنتنياهو في منصبه سيئة للغاية. في اللحظة التي حلت فيها سدادة ترامب، تبين أن مجد السنوات الأربع الأخيرة كان يرتبط بقدر أقل بالقدس وبقدر أكبر بالروح التي هبت من واشنطن، وتحول تنقيط المشاكل بسرعة ليصبح طوفاناً.
الحكومة الجديدة مخلوق مركب ورقيق، يرث وضعاً أمنياً مشتعلاً على شفا الانزلاق حيال الفلسطينيين، وإدارة أمريكية مع رؤية استراتيجية مختلفة بشكل جوهري عن تلك الإسرائيلية، وحيال إيران التي على حافة اتفاق مع القوى العظمى أو كبديل الاختراق إلى النووي. التحديات كبيرة جداً، ولكن قلب الصفحة السياسية كفيل بأن ينتج فرصاً أيضاً.
لقد بث الاستقطاب الداخلي العضال في إسرائيل إلى الخارج ضعفاً وهشاشة. وتعبير “بيت العنكبوت” الذي استخدمه نصر الله كي يصف المجتمع الإسرائيلي وكاد ينسى، أجرى عودة في الأشهر الأخيرة في العالم العربي. ومحاولة التغلب عليه ومنع حملة انتخابات أخرى، يبث أثره على المحيط من أعداء وأصدقاء. والسؤال هو بالطبع، هل ستطول أيام الحكومة، وهل ستكون قيادة مركزية مشتركة في المسائل الاستراتيجية الكبرى، انطلاقاً من فهم عظمة الحدث، أم أن النوازع السياسية ستتغلب على اللاعبين من اليمين واليسار، فيكون هذا ائتلاف معارك تويتر ومحاولات إبداء الولاء للقاعدة؟
الولايات المتحدة: تدوير الدفة
لا يمكن لإسرائيل أن تكون الفرع الشرق أوسطي للحزب الجمهوري، مثلما كانت في السنوات الأخيرة. وإذا كان لدى أحد ما شك في ذلك، فليحلل سلوك إدارة بايدن في أثناء 11 يوماً من حملة “حارس الأسوار”، ساعة إثر ساعة. وقد فعل هذا العقيد احتياط أودي افينتال، وهو يري كيف أنه كلما مر الوقت انتقلت الإدارة من التأييد الواضح لإسرائيل إلى نهج “التوازن” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وحتى الطلب القاطع لوقف القتال والوصول إلى وقف نار.
ما الذي حصل لبايدن في الطريق؟
فشل إسرائيل المطلق حيال الرأي العام الدولي جعل الوقوف إلى جانبها وقوفاً إلى جانب “الأشرار”، فيما الدافع لاحتمال ثمن إعلامي وسياسي عنا محدود منذ البداية. والمطالبة بوقف النار الفوري اتسعت من الأجنحة التقدمية إلى مركز الحزب، إلى أن وصلت إلى أكثر من نصف السيناتورات الديمقراطيين.
إن تحليل سلوك الإدارة في أثناء الحملة مهم كونه مؤشراً للمستقبل؛ فقد كان الأمريكيون يفضلون حداً أدنى من الانشغال في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني. ولكن انجروا إلى هنا في غير صالحهم. وقبيل المفترقات التالية ثمة مفهومان: بغياب مكانة الولد المفضل، فإن مدى الإسناد من البيت الأبيض يرتبط بشكل مباشر بالخطاب العام في موضوع إسرائيل. قدرتنا على التواصل مع أصحاب القرار في واشنطن تعمر عبر تصميم الرأي العام الأمريكي. ثمة استطلاع أجراه موقع “VOX” بعد الحملة في غزة يؤكد الفجوة الهائلة بين الأحزاب في موضوع التأييد لإسرائيل: 10 في المئة فقط من الديمقراطيين (مقابل 61 في المئة من الجمهوريين) يعتقدون بأن بايدن لم يؤيد إسرائيل بما يكفي في أثناء الحملة. والقول إن إسرائيل مسألة للحزبين في الولايات المتحدة لم يعد ذا صلة.
إضافة إلى ذلك، ينبغي لنا أن نفهم بأن المواجهات العلنية مع الولايات المتحدة قد تعزز سياسيين إسرائيليين من الداخل، ولكنها تضعفنا في الخارج. فشرخ علني بين واشنطن والقدس يعتبر لدى الجميع – بما في ذلك العرب والإيرانيون، ضعفاً واستدعاء للدخول إليه وتعميقه أكثر.
يعد تشكيل الحكومة الجديدة فرصة لتدوير الدفة، ولفتح صفحة جديدة من حيث المظهر، وكذا من حيث شكل العمل مع واشنطن. والمطلوب خطة ترميم شاملة ومرتبة تحفظ العلاقة مع الجمهوريين من جهة، وترمم العلاقة مع الجناح المعتدل، المركزي، للحزب الديمقراطي من جهة أخرى.
يحج إلى القدس في هذه الأيام كل كبار رجالات الحزب الجمهوري: تيد كروز، ليندزي غرام، نيكي هيلي، توم كوتون وغيرهم. لقد أصبحت إسرائيل محطة ضرورية في حملة كل سياسي جمهوري يريد أن يحبب نفسه للجمهور ولمتبرعيه. هذا جميل ولطيف، ولكن مهمة الحكومة الجديدة هي أن تتأكد أنه، رغم الحملة في غزة سيصل في السنة القادمة ليس أقل من نواب الكونغرس من الطرف الآخر، ويُستقبلوا بذات الحميمية.
الأردن: ضوء أحمر
في أيار، تزامن الصدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مع انشغال الملك بمواجهة أخيه حمزة. هذا الأمران، أي الضعف الداخلي والمعارضة العميقة في الأردن لاتفاق السلام مع إسرائيل، خلقا طاقة سلبية يتوجب أن تشعل ضوء تحذير. عضو البرلمان الذي يدعى أسامة العجرمي، وهو بدوي من “القاعدة” التقليدية للهاشميين، ادعى بأن توقفات الكهرباء التي كانت في المملكة في زمن الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين كانت بمبادرة واستهدفت منع الاحتجاج في الأردن، الاحتجاج الذي هدد بالخروج عن السيطرة: مظاهرات يومية أمام السفارة، وحركة مئات الأشخاص نحو الحدود مع إسرائيل.
بعد أن جمدت عضويته من البرلمان في أعقاب هذه القصة، نزل العجرمي عن الخطوط تماماً، وبالتأكيد بمقاييس أردنية. فقد صور وهو يرفع سيفاً ويهدد “بإطلاق رصاصة بين عيني هذا الخنزير”. وكان يقصد الملك. هذا حدث شاذ في كل دولة، لكن في الأردن، حيث الملك ككيان نظيف فوق النقاش الجماهيري، يكاد يكون الحدث خيالياً. إن اشتعال القضية الفلسطينية لم يكن المفجر الأساس، وبالتأكيد ليس الوحيد لعدم الارتياح في المملكة، ولكنه بالتأكيد لا يساهم في الاستقرار هناك. هذا سبب آخر للحاجة إلى تهدئة الوضع قدر الإمكان وترك التيار القومي الفلسطيني يمر، ولا سيما في القدس.