قال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إنه وبعد مرور أسبوع على وقف إطلاق النار، والذي صمد حتى هذه اللحظة، شوهدت عدة باقات من البالونات الحارقة في سماء غلاف غزة، اندلعت على إثرها نيران في الحقول المجاورة، لكن السلطات قالت إنها اندلعت بسبب الإهمال، وهو ما رفض تكييفه سكان المستوطنات.
وتسود حالة من الإرباك داخل المستويات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، بين من يتوقع الذهاب لتهدئة طويلة أو معقولة مع حماس، وبين ما يقدمه الشاباك من توقعات بمواجهة جديدة قادمة.
ولفت هرئيل إلى أن القاهرة تنشط بالضغط على الطرفين لإرسال مبعوثيها في محاولة لتوقيع تهدئة طويلة يجري فيها الحديث عن اتفاق ونصوص واضحة، بديلا عن وقف إطلاق النار العام الذي تم الاتفاق عليه.
وقال إنه "منذ خروج السنوار من الأنفاق لم يتوقف عن معانقة وتقبيل مؤيديه وإلقاء الخطابات في الاعتصامات والتفاخر بانتصاره على إسرائيل، لكن الاستخبارات العسكرية ما زالت تعتقد أن خيار السنوار الاستراتيجي هو تهدئة طويلة، فحماس تريد خلق نموذج سيادي ناجح في القطاع كممثلة لحركة الإخوان المسلمين في غزة. الشاباك كالعادة أكثر تشاؤما وهو يحذر من اندلاع مواجهة أخرى".
وأضاف: "التغيير في موقف السنوار واستعداده للذهاب إلى مواجهة حول القدس تمت ملاحظته من قبل جهاز الاستخبارات قبل نحو شهر على اندلاع المعركة. ولكن قبل بضعة أيام من ذلك كان التقدير السائد يقول إن حماس تريد مناوشات على الجدار وليس إطلاق الصواريخ على وسط البلاد. إسرائيل تجد صعوبة، مرة تلو الأخرى، في قراءة نوايا حماس. يهود من كوكب المريخ وعرب من كوكب الزهرة، الفجوة بين الطريقتين اللتين ينظر فيهما الطرفان للواقع تعطل التنبؤات والتفاؤل المتبادل (أحيانا تؤدي إلى سوء التقدير)".
ولفت إلى أنه في نهاية 2018 وبسبب مسيرات العودة وافقت تل أبيب على نقل الأموال القطرية للقطاع، نحو 30 مليون دولار نقدا كل شهر، وفي السنة التالية حدثت عدة جولات قصيرة من تبادل اللكمات، لكن في بداية العام 2020، وعلى خلفية شروط حماس بتسريع مشاريع أخرى في مجال البنى التحتية ودخول عمال إلى إسرائيل، والوعد بتحقيق ذلك أوقفت حماس المظاهرات على الخط الفاصل.
وقال إن الاتفاق أنجز شروط حماس نسبيا، حيث حصل القطاع على الأموال النقدية الأعلى منذ حرب 2014 زاعما أن حماس نجحت في تحويل ما يكفي من الموارد من أجل زيادة قوتها العسكرية.
ولفت إلى أن الساسة والعسكر في تل أبيب يتساءلون اليوم "هل يجب عليهم العودة إلى الاتفاق الأصلي الذي اشترت فيه الأموال الدولية الهدوء المؤقت، أم أن يضعوا أمام حماس طلبات أخرى؟".
وأضاف: "في هذه الحالة، الجيش والشباك سيحاولان تقييد المستوى السياسي من خلال توصيات لتعديل الاتفاق، بهدف إحداث تضييق أكبر على حماس، كما يجب تعزيز آليات الرقابة على تحويل الأموال والمواد إلى القطاع ونقل الأموال القطرية إلى البنوك بواسطة السلطة الفلسطينية بدلا من توزيعها في الحقائب".
وأشار إلى تطلع أجهزة الأمن الإسرائيلية لعودة جديدة للسلطة الفلسطينية في غزة، لكن ذلك احتمال ضعيف للغاية لا طائل منه اليوم.
وقال إن على المستوى السياسي والأمني العمل على عودة تدريجية للسلطة إلى قطاع غزة، نظرا لكون العلاقة بين رام الله وتل أبيب لم تقوض نهائيا خلال الحرب على غزة على حد تعبيره.
ولفت إلى أن السلطة حافظت على معدل مقبول من التنسيق الأمني الذي استمر، حيث لم نشهد أحداثا كبيرة في الضفة كما كانت التخوفات.
وقال هرئيل إن السلطة تعاني من تراجع بالحضور بصورة لافتة، وهي تحاول أخذ دور في عمليات إعادة الإعمار بعد أن خلقت صورة هزيمة لها بالانسحاب من الانتخابات التي بدا أن حماس ستتفوق فيها.