لقي قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء لجنة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ترحيبا عربيا ودوليا.
وقال البرلمان العربي في بيان، إن القرار الأممي جاء اتساقاً مع قرار اتخذه في جلسة طارئة له "بشأن الدعوة لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في جرائم القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) ضد الشعب الفلسطيني".
واعتبر البيان أن قرار مجلس حقوق الإنسان "يشير إلى عزم المجتمع الدولي على القيام بمسؤولياته تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطيني من مجازر والمضي قدماً في مساءلة ومحاسبة (مرتكبيها)".
وشدد على ضرورة الإسراع في إجراءات تشكيل لجنة التحقيق.
كما طالب البرلمان، "دول العالم الحر بتقديم كل الدعم لتسهيل مهمة هذه اللجنة وتذليل كافة العقبات والعراقيل التي من الممكن أن تضعها القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) أمام قيامها بمهمتها القانونية والإنسانية والأخلاقية".
باكستان
رحبت الخارجية الباكستانية بالقرار، عبر تغريدة نشرها وزير الخارجية، شاه محمود قريشي، على حسابه بموقع "تويتر"، مساء الخميس.
وقال قريشي: "نرحب بتبني مجلس حقوق الإنسان الأممي قرارا قدمته باكستان يدعو إلى ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وأشار قريشي إلى أن "القرار الأممي يشمل إنشاء لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".
وكانت السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" رحبتا بالقرار، بينما رفضه الاحتلال الإسرائيلي وأكد أنه لن يتعاون معه، فيما أعربت واشنطن عن أسفها تجاهه.
واستهجنت الخارجية الفلسطينية مواقف الدول التي لم تدعم القرار، واعتبرتها "أقلية غير أخلاقية وتقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، وتكيل بمكيالين، وتنافق وتدعي التزامها بحقوق الإنسان، وتنحاز، بتصويتها هذا، لجرائم إسرائيل، وتشجعها".
وطالبت الخارجية تلك الدول "بالتراجع عن هذا الموقف العدائي كي لا تبقى خارج التاريخ وكي لا يتم تذكرها كداعم للاستعمار، والأبارتهايد (التمييز العنصري)".
في المقابل وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار مجلس حقوق الإنسان بأنه "مخجل"، زاعما أنه "مثال على هوس مجلس حقوق الإنسان السافر بمناهضة إسرائيل".
وأضاف نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه: "إسرائيل ترفض قرار مجلس حقوق الإنسان الذي لا يتضمن أي إشارة إلى منظمة حماس الإرهابية ويتجاهل تماما إطلاق 4300 صاروخ من غزة تجاه مدنيين إسرائيليين".
وأردف: "إسرائيل لن تتعاون مع التحقيق الذي يهدف للتغطية على جرائم حماس وتجريم إسرائيل على جهودها لحماية مواطنيها".
توضيح حقوقي
اعتبر حقوقيان فلسطينيان بارزان، أن القرار الصادر الخميس، عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي "تاريخي".
جاء ذلك في حديثين منفصلين للأناضول، مع عمار الدويك، المدير التنفيذي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" (رسمية)، وشعوان جبارين، مدير مؤسسة القانون من أجل الإنسان "الحق" (غير حكومية).
يقول الدويك مدير الهيئة التي شاركت بورقة في جلسة مجلس حقوق الإنسان، إن لجنة التحقيق "ذات ولاية زمنية مفتوحة للتحقيق في جرائم حرب ارتكبت على جانبي الخط الأخضر، وهذا يحدث للمرة الأولى".
ويوضح أن ولاية اللجنة ليست فقط الجرائم المرتكبة في فلسطين المحتلة 1967 "بل الجرائم ذات البعد العنصري التي ترتكب داخل الخط الأخضر".
ويضيف الدويك أن اللجنة ستدرس "الجذور والأسباب التي تقف خلف المشكلة، في تلميح واضح لموضوع إنهاء الاحتلال، ونظام الفصل العنصري".
ورغم التجربة الفلسطينية في عدم تنفيذ توصيات لجان تحقيق سابقة، يأمل الدويك "أن يُراكم القرار على الوثائق والأدلة على جرائم الحرب الإسرائيلية الموثقة من قبل مؤسسات ولجان تقصي الحقائق الدولية ذات المصداقية".
ويقول إن الرفض الإسرائيلي للتعاون مع اللجنة "غير مفاجئ"، مضيفا: "تستطيع اللجنة الوصول إلى غزة إذا أرادت، وتستطيع السماع للشهادات عبر وسائل مختلفة ومن أشخاص ومنظمات وناشطين".
"ولاية مستمرة"
من جهته يقول شعوان جبارين، إن إنشاء لجنة تحقيق دولية "مستمرة" يعني "إنشاء جسم دولي مستمر حتى إنهاء الاحتلال، وهذه سابقة".
ويضيف: "لأول مرة على الإطلاق تشكل لجنة تحقيق وتُحقق في إسرائيل"، في إشارة لدمج الأراضي المحتلة وإسرائيل في لجنة تحقيق واحدة.
وأضاف: "هذا سينبش موضوع الأبارتهايد والتمييز العنصري الذي يواجهه أبناء شعبنا بالداخل (إسرائيل)".
ويقول مدير مؤسسة "الحق": "ربما تحتاج اللجنة شهورا حتى يُسنِد رئيس مجلس حقوق الإنسان مهمة تشكيلها إلى رئيس وأعضاء".
وينبه إلى أن اللجنة تفتقد لصلاحيات الملاحقة، ويقتصر دورها على "الاستخلاصات والمطالبات".
لكنه يقول: "المحكمة الجنائية الدولية، أكاديميون، سياسيون، دبلوماسيون، كل يستطيع توظيف تقاريرها حسب موقعه".
والخميس، أقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إنشاء لجنة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى 13 أبريل/ نيسان 2021.
وفجر 21 أيار/مايو الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة مع الاحتلال بعد حرب دامت 11 يوما.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية إجمالا عن 288 شهيدا بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، بجانب أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصاباتهم "شديدة الخطورة".