بعد وقف إطلاق النار: هل ستقود ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى تصعيد جديد بالضفة وغزة؟

الثلاثاء 25 مايو 2021 08:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
بعد وقف إطلاق النار: هل ستقود ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى تصعيد جديد بالضفة وغزة؟



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل    "رغم أن الحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس جاء بصورة مشددة منذ أن دخل إلى حيز التنفيذ قبل أيام، إلا أن الهدوء في القطاع بعيد عن أن يكون مستقراً. الاتفاق الذي تم التوصل إليه بدعم أمريكي ووساطة مصرية لم يدخل إلى تفاصيل التسوية، واقتصر في المرحلة الأولى على ضمان الهدوء مقابل الهدوء. ولكن هذه الظروف تبقي عدة قضايا محتملة ستسبب الانفجار في المستقبل، وقد تؤدي إلى اشتعال جديد حتى لو لم تظهر في هذه الأثناء مصلحة فورية لأي طرف. تتعلق هذه الأسباب بسياسة الرد الإسرائيلية الجديدة على أعمال عدائية مستقبلية من القطاع، وعلى إغلاق المعابر إلى القطاع وعلى التوتر في الضفة الغربية والقدس.

بعد وقف إطلاق النار، وعد رئيس الحكومة نتنياهو بأن الوضع الذي ساد بعد عملية “حارس الأسوار” لن يعود إلى سابق عهده، وأن إسرائيل ستفرض “معادلة جديدة” أمام حماس. توافقت أقوال نتنياهو مع توصيات الجيش الإسرائيلي بالرد وبصورة شديدة على إطلاق أي صاروخ وحتى على إطلاق أي بالونات حارقة من القطاع. بدرجة معينة، قيدت هيئة الأركان العامة المستوى السياسي بذلك. فبهذه التوصيات التي شملت أيضاً تغيير آلية نقل الأموال من قطر إلى القطاع (كي تمر الأموال عبر السلطة الفلسطينية وبإشرافها) فإن الجيش في الحقيقة يجبر الحكومة على اتخاذ خط حازم ومتشدد أكثر تجاه حماس، وهذه مقاربة مطلوبة بدرجة كبيرة. وإن تجاهل إسرائيل لخروقات سابقة لوقف إطلاق النار أدى في نهاية المطاف إلى تصعيد متعمد من قبل حماس. من ناحية أخرى، فإن كل فصيل فلسطيني له أسباب للنزاع مع الحكم في القطاع، سيعرف من الآن بأنه يمسك بمفتاح التصعيد.

 المعابر في هذه الأثناء مغلقة أكثر مما هي مفتوحة، رغم الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها البنى التحتية في القطاع في فترة الحرب والحاجة إلى إعادة إصلاحها من جديد بصورة سريعة وبضخ موارد جديدة. تسمح إسرائيل بين حين وآخر بدخول وخروج أشخاص ومواد لغايات إنسانية، لكنها تفعل ذلك بيد مقبوضة.

أحد أسباب ذلك هو رغبة متأخرة لإصلاح عيوب عملية “الجرف الصامد” في العام 2014 وتسريع إجراء نقاش جديد حول إعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. وهنا توجد فجوة بين المطلوب والموجود. ومن المشكوك فيما إذا كانت حماس، التي تشعر بأنها علّمت إسرائيل درساً في المواجهة الأخيرة، ستخضع للضغوط وبسرعة. إن استمرار الأزمة الإنسانية قد يسرّع تصعيداً آخر أيضاً.

العامل المفجر الثالث موجود في القدس والضفة الغربية. بدأت المواجهة الأخيرة في القدس حول المظاهرات ضد نية إخلاء عائلات فلسطينية من الشيخ جراح ووضع الشرطة للحواجز في منطقة باب العامود والتوتر في الحرم. لم يتم حل الخلاف في الشيخ جراح والتوتر في الحرم عند وقف القتال في غزة. ربما بالعكس، هناك الآن المزيد من الوقت والطاقة للانشغال بهما. في نهاية الأسبوع، تم توثيق حادثة بين نشطاء حماس وأعضاء “فتح” في الحرم بتأثير مباشر من الأحداث الأخيرة.

تساهم في الأجواء المتوترة في القدس والضفة أيضاً مشاهد القتل والدمار، التي تبث بشكل كثيف وفظ عبر قنوات التلفاز العربية والشبكات الاجتماعية. ورغم أن إسرائيل قتلت فعلياً في هذه المرة عدداً أقل من المدنيين مقارنة بعمليات سابقة وجرت محاولات أكثر للتمييز بين المسلحين والمدنيين، إلا أن الدماء التي سفكت كانت كافية لإشعال الأرض. وظهرت بوادر أولية على ذلك في العمليات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة في الضفة الغربية والتي نفذ معظمها مخربون أفراد ليس لهم أي انتماء تنظيمي. أمس، قام فلسطيني من شرقي القدس بطعن وإصابة جندي ومدني قرب تلة الذخيرة. وقد أطلق شرطي النار عليه وقتله. من المرجح أن تستمر هذه الأحداث. ونجحت حماس في إشعال الفلسطينيين في القدس والضفة من جديد. وسيكون هناك من سيترجمون هذا إلى محاولات لتنفيذ عمليات. وقد أججت المواجهة أيضاً التوتر في مثلث السلطة – حماس – إسرائيل. واستعراض القوة من قبل حماس سيسرع بالتأكيد عمليات الاعتقال لنشطائها في الضفة، وسيكون هذا مصدراً آخر لزيادة التوتر على نار هادئة، أو حتى بقوة أكبر.

وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس، إلى إسرائيل في إطار زيارة عمل أولى في الشرق الأوسط. وإحدى مهماته الرئيسية التي كلفه بها بايدن هي أن يصب مضموناً داخل اتفاق وقف إطلاق النار بهدف منع استئناف أعمال العنف.