توقعت مجلة “إيكونوميست” أن الهدنة الأخيرة بين إسرائيل وحماس لن تستمر طويلا ولن يتوقف القتال بينهما.
وقالت في افتتاحيتها إن القتال استمر أقل من أسبوعين، ولكن لم يكن هناك نقص في التفجيرات، فبنهاية الحرب أطلقت حماس حوالي 4.000 صاروخ على إسرائيل، تم اعتراض معظمها من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي.
وردت إسرائيل بمئات الغارات الجوية مخلفة أكثر من مئتي قتيل فلسطيني. أما صواريخ حماس فقد قتلت 12 إسرائيليا. وبدأت الهجمات تخف في 20 أيار/مايو بعد اتفاق حماس وإسرائيل على وقف لإطلاق النار ولكن من يعرف إلى متى سيستمر هذا الوضع؟
وأضافت المجلة أن القتال بين إسرائيل وحماس أصبح روتينا، ومنذ أن سيطرت الحركة على قطاع غزة عام 2007، حيث دخل الطرفان في أربع حروب وعدد من المواجهات الصغيرة والتي أدت لسقوط آلاف الأرواح (ومعظمهم من الفلسطينيين).
وجاءت شرارة الحرب الأخيرة من القدس، ولو لم تكن القدس فلكانت هناك أسباب أخرى، ذلك أن حماس وإسرائيل عالقتان في أزمة أبدية يحكمها منطق الحرب، والذي يفرض عليهما الدخول في نفس الحركات.
وبدءا من حماس التي تقول إنها تقاتل “الغزاة الصهاينة” كمبرر لها، فقد أدت حملات التفجيرات والعمليات الانتحارية في التسعينات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي لتدمير اتفاقيات أوسلو. وبسبب هجماتها المستمرة، أجبرت إسرائيل على الخروج من غزة في 2005. وبعد عامين طردت حركة فتح من القطاع. وبات الكثير من الغزيين اليوم يرون في حماس نظاما ديكتاتوريا وفاسدا، ولأنها ليست قادرة على الحديث عن إنجاز فهي تلقي اللوم على إسرائيل وتقدم نفسها كمدافع عن الفلسطينيين. ولم يكن لديها خطة هجوم على إسرائيل ولكنها وجدت فرصة بعد قرار محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية تأجيل الانتخابات المقررة هذا الشهر. وترى المجلة أن حرب حماس عبثية وصواريخها لا تحدث إلا أضرارا طفيفة.
وهي ترى أن إسرائيل مضطرة للرد، حيث قصفت مكاتبها ومواقعها العسكرية وشبكة الأنفاق لكن الحركة باقية للجولة القادمة. وستأتي لا محالة، فالطرفان راضيان بترك غزة كجحر متقيح تنزف منه المعاناة والبؤس الذي ينفجر من فترة لأخرى.
وهو ما يناسب بنيامين نتنياهو الذي يريد إضعاف القيادة الفلسطينية والقضاء على أي فرصة للدولة الفلسطينية. وستحاول إسرائيل فرض القيود على الحركة بغرض إضعافها، فهي مع مصر فرضتا حصارا على القطاع منذ 2007، مما يعني أن الحركة غير قادرة على تسليح نفسها، لكن الحياة أصبحت قاتمة للناس العاديين، فالقيود على السفر تعني أنهم لا يستطيعون المغادرة، فالمنطقة الفقيرة المعزولة تقارن عادة بالسجن المفتوح. وتضيف أن حماس تجعل الحياة صعبة فهي لا تظهر أحيانا اهتماما بالحكم. وتزعم المجلة أن حماس فوجئت بالرد الإسرائيلي لكنها واصلت غاراتها الصاروخية حتى مع زيادة عدد الضحايا.
وتعترف المجلة أن هناك عنصرا جديدا في الجولة الأخيرة وهي موجة العنف بين العرب واليهود داخل إسرائيل التي أثارت أعصاب نتنياهو، بالإضافة للضغوط من الخارج، فمع تأكيد الرئيس جوزيف “بايدن على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها” إلا أن عددا من الديمقراطيين طالبوا بوضع شروط على الدعم الأمريكي لإسرائيل. ولن يوقف أي من هذا دوامة العنف، وستخرج إسرائيل وحماس من هذه الجولة كما دخلتا، ولم يتم اكتساب أو حل شيء ومن المحتمل عمل هذا مرة أخرى.